23 ديسمبر، 2024 3:32 ص

خطبة الجمعة بين سمة التجديد والتحريض والتمجيد

خطبة الجمعة بين سمة التجديد والتحريض والتمجيد

إذا أردنا الحديث عن خطبة الجمعة فلا بد من لمحة تأريخية قديمة وحديثة العهد تعيد الى الأذهان دورها الحقيقي في تثقيف حركة الامة ونتاجها الفكري والسلوكي الذي تجلى ان كانت في” خطبة الوداع” التي توجه بها الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه واله وسلم في كلمات غيرت مسارا تاريخيا واصبحت محل جدال على مر الزمان. جدير كذلك أن نلفت النظر إلى الخطاب الديني عموما خلال العهد الأموي و العباسي لعب دورا جوهريا في قلب موازين القوى من خلال بث وفرض سياسة تقوم اساسا على التناقضات المذهبية بما مهد الطريق أمام الفتن و إلى تكريس الطبقية الإجتماعية والفئوية فكان خطابا أساسه التفرقة على اساس الانتماء وشق صف الامة بل و أصبحت منابرهم بؤرة للتحريض والشتم واعلان الحروب ومعاداة ال البيت واتباعهم فاصبحت بذلك صلاة الجمعة منبرا اعلاميا للخطباء الموالين للدولة الاموية بغض النظر عن مصداقيتهم وعلميتهم واجتهادهم.بقدر توفر امكانيتهم بالتاثير على بث خطاب الكراهية والتحريض من جانب والتمجيد والتطبيل للدولة الاموية وسياستها من جانب أخر . دلائل تاريخية ترتكز على أهمية خطبة الجمعة و الخطاب الديني عموما عما سبق إلى القول بأنه ثمة مقاربة هامة من الممكن أن تكون هي منطلق التحليل على اهمية خطبة الجمعة وخطابها المتجدد ودورها السياسي والديني والاجتماعي وتاثيرها في المجتمعات ويمكن في اتخاذ الثورات العربية مرجعا للمقارنة بين خطب الجمعة ما قبل الثورة وما بعدها، والمثال الأقرب الذي عايشنا تفاصيل مراحله عن كثب.حيث عمدت السلطة في زمن النظام المقبور إلى إفراغ خطبة الجمعة من محتواها الشرعي والأخلاقي والرسالي والمضمون و الحياد بها عن دورها الأساسي من خلال المواضيع التي تطرح و الدعاء الذي لا يخلو من التمجيد والمدح للرئيس وهي في الحقيقة ما هي إلا ورقة تعمم على جميع المساجد والمؤسسات الدينية وباشراف ومتابعة امنية ،

ولابد من الاشارة في ظهور المرجع الديني السيد محمد صادق الصدرفي عهد الطاغية احدث حركة ثورية انقلابية فكرية ليس على مستوى انصاره ومقلديه فحسب بل على مستوى اكبر من حيث سياسة التجديد واسلوب الخطاب الديني والتوعوي الثقافي الشمولي الذي ارتكز عليه في خطب الجمعة حتى لحظة اغتياله مع نجليه في اسلوب خطابي رصين وشجاع ومن نظرة واقعية تتحدى كل اشكال الظلم والطغيان والدكتاتورية وفيه قوة الاصرار والتحدي على المواجهة والثورة الفكرية باسلوب جديد لم يعرفه الناس سابقا ولم تتمكن الحوزات الدينية العلمية ان تتطرق لمواضيع تخالف سياسة النظام ووحشيته وادوات قمعه أمابعد انجلاء شبح الدكتاتورية وجدنا أنفسنا نتحدث عن رؤية جديدة هي امتداد لثورة الصدر الفكرية وعطائها تحيلنا الى نظرة تحريرية لخطبة الجمعة ووحدة الصف وبالتالي خطاب ديني منطلق من الواقع وتحدياته ويرتقي بالمجتمع على جميع المستويات الإجتماعية ، الفكرية، الثقافية.
إن المنطلق الاساسي لهذه النهضة هو ثورة فكرية تستنهض العقول لتعالج الأزمة الأخلاقية التي نعيشها و تحيي المبادئ والقيم فينا لنصبح نتحدث بالفعل عن إصلاح جذري ووعي اجتماعي.وارادة جامعة وطنية بغض النظر عن الولائات المذهبية بينما كان تصورا بعيدا عن الواقعية ونظرة تفتقد شيئا من الموضوعية فوجدنا أنفسنا أمام خطب تقف عند الإبتذال و السخافة والخرافة قائمة على الترهيب لا الترغيب فلا ترشد الناس إلى سبل العمل الحقيقي والميداني المشترك بين عامة المجتمع على حد سواء في العمل الاجتماعي العام المؤثر في حركة الحياة والوطن تأثيرا مباشرا بالغا بما يدفع إلى المزيد من التقدم والرقي وملاحقة الركب الحضاري.

ومن ثم وجدنا أنفسنا أمام فراغ فكري وروحي ملأه الخطاب الطائفي والتكفيري المتطرف الذي دفع الآلاف من الشباب نحو الإرهاب والتشدد والتطرف و بؤر التوتر. كانت هذه هي الضريبة التي دفعها العراق لإهماله الخطاب الديني، لهذا كان لزاما علينا أن نشير إلى أن أن الإصلاح يبدأ من التعبير عن رغبة وإرادة حقيقية في إحداث نقلة مضمونية في خطب الجمعة عن طريق

احياء أسلوب السيد محمد الصدرومضامين خطبه الثورية والوحدوية بكل اتجاهاتها الانسانية وتجديدها فكرا وسلوكا ومضمونا في مواجهة التحديات والازمات والفتن والاضطرابات والمشكلات الاخلاقية واحداث انقلاب فكري وثوري تحرري من كل اشكال الجهل والتخلف والعبودية ..

وان دعوة السيد مقتدى الصدر الاخيرة للشعب العراقي باقامة صلاة موحدة في مسجد الكوفة نقلة وطنية ودينية جامعة لكل شرائح ومكونات الشعب بلا تفريق او تمييز للمحافظة على الموروث الاجتماعي والديني لارث والده في خطابه الديني الجامع لوحدة المؤمنين ووقوفه بوجه التحديات بارادة وطنية تعلو وتسمو فوق الولائات الاخرى

فالمسؤولية الاخلاقية والوطنية والشرعية تقتضي

ان يكون الخطاب الديني خطابا روحيا ينسجم مع مبادئ وطنية عليا لمصلحة البلاد والعباد .

ولابد ايضا من معالجة منظومة تكوينية كاملة للأئمة الخطباء ومراجعة البرامج والدروس، ومتابعة الإشراف والتوجيه العقائدي وكتابة الرسائل والبحوث في فكر ومنهج السيد محمد الصدر رائد ومؤسس خطبة وصلاة الجمعة في العراق لتكون طريقا ومنهجا للاصلاح والتقدم الانساني والاسلامي انها خطوات إصلاحية في حاجة إلى رغبة سياسية و دفع اجتماعي. لمواجهة تحديات الأزمة السياسية والمذهبية عامة .
ختاما لا بد من الإقدام على خطوة إصلاحية جريئة قادرة على إحداث ثورة فكرية و تغيير جذري داخل المجتمع و بالتالي دفع إصلاح منظومة اجتماعية بأسرها يتلوها ازدهار في جميع المجالات في علاقة مع المواطن و المجتمع حتى نصبح نتحدث عن نظرية تثوير الخطاب والفكر الديني عموما.حتى وان تطلب الامر مواجهة ثورية مباشرة ضد الفاسدين لانقاذ العراق من التبعية والتخندقات الطائفية والحزبية .

كفانا صمتا بوجه الظالمين والفاسدين! كفانا تمجيدا للأنظمة ولرؤساء الحكومات المتعاقبة ! .كفانا قتلا وتحريضا لبعضنا .

يجب تحريرعقولنا ونزع ثوب الكراهية من صدورنا يجب علينا تشخيص الخطأ ومعالجته وتشخيص الظالم والفاسد لينال عقوبته

هذه هي مسؤولية المرجع والخطيب والإمام في قيادة الامة ان يتحلى بصفات الشجاعة والمواجهة والاقدام ومنطق الحق والفضيلة والإصلاح . كشجاعة وثورة الامام الحسين ع حين نادى في معسكر الأعداء في خطبته الشهيرة حين خاطبهم “بهيهات منا الذلة “