لعل من النافع أن يطلع القارئ الكريم على هذه الحكاية (الشعبية) التي تحمل في طياتها عبر كثيرة لمن شاء أن يعتبر، وما دعا إلى كتابة هذا المقال هو التحضيرات الهائلة والمبالغ فيها للموسم الذي يستعد ويعد له خطباء المنابر لمدة سنة، كي تكون أيام محرم الحرام وأيام صفر الخير، موسما للحصاد المادي بالنسبة لأولئك الخطباء، الذين هم في الواقع ابواق مدربة للترويج لمؤسسة دينية اختطفت شيعة محمد وآل محمد(ص) وأدخلتهم في نفق مظلم حصدوا فيه المرارات وبحار الدم التي تراق من دون أن يتحرك لهذه المؤسسة عرق غيرة على أولئك الفقراء البؤساء الذين صاروا حطبا لنار لم يشعلوها بأيديهم، ولكنهم سيقوا لها بجهلهم وحسن ظنهم بمؤسسة تركتهم نهبة للذئاب.
واليكم نص حكاية الملا أبو حية : (( كان في قرية في الريف ملة (أي رجل دين) يقرأ للناس في المسجد ويكذب عليهم في بعض الأحيان ولما بدأ التعليم يتطور أرسلت الدولة للقرية معلما ليعلم أهلها القراءة والكتابة فلما سمع الملة بذلك قال: ان تعلم هؤلاء القراءة والكتابة فسيقرؤون الكتب ويعرفون اني كنت اكذب عليهم وربما لن يحترموني وسينتهي عملي، فقرر خداع الناس فقام بجمع الناس والمعلم الذي ارسلته الدولة لتعليمهم القراءة والكتابة وقال للناس : يا ناس ان هذا المعلم لا يعرف القراءة والكتابة فكيف سيعلمكم ويعلم ابناءكم؟! فقال له المعلم : كيف لا أعرف وأنا خريج معهد معلمين؟!! فقال له الملة : الان سنرى والناس تحكم، فقام الملة بإعطاء ورقة وقلم للمعلم وقال له: أكتب حية، فكتب المعلم كلمة حية من ثلاثة حروف بصورة صحيحة ثم قام الملة برسم صورة حية في ورقة أخرى وعرض الورقتين امام الناس الذين لا يعرفون القراءة والكتابة وقال لهم : أيها الناس احكموا هل المكتوب في ورقتي حية ام الذي في ورقة المعلم؟ فقالوا : بل في ورقتك يا ملة، فقال لهم: ألم اقل لكم ان هذا المعلم لا يعرف القراءة والكتابة فقوموا واطردوه فلا فائدة منه؟! فقاموا وطردوا المعلم!!)).
وبعد ذلك أرشدكم إلى هذا الرابط على اليوتيوب لأحد الملالي المعممين الذين يعزفون على وتر جهل الجمهور، انظروا واسمعوا كيف أنه لا يستحي من أن يعرض جهله على الكاميرات وعلى الناس من دون أن يكون هناك من يفضح جهله، ويمنعه من الصعود على منبر أسس ليكون منبر علم لا منبر تسويق للجهل والجهلاء، هذا الرابط للملا (ياسين الموسوي) الذي لا يستحي من الكذب والافتراء : http://www.youtube.com/watch?v=XBr87uJv0VE .
هذا الملا أبو حية يقول للسامعين الجالسين تحت المنبر : [اتذكر في سنة 1974 انطبع كتاب هذا الكتاب ألفه واحد شيوعي في ذاك الزمان اسمه هادي العلوي كتاب ألف تحت عنوان اسم الكتاب المتنبي يسترد اباه …] هذا نص الملا أبو حية (السيد ياسين الموسوي الذي يسمي نفسه آية الله العظمى) من دون تعديل أو تصرف، والآن لنذهب ونبحث عن كاتب كتاب (المتنبي يسترد اباه) لنجد أن الكتاب لكاتب اسمه : الأستاذ عبد الغني الملاح، موصلي المولد وأحد الذين كتبوا مقالا عنه وهو الأستاذ (رباح آل جعفر) في موقع الحوار المتمدن على الرابط : (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=183252)، حيث ينقل الأستاذ آل جعفر عن الأستاذ الملاح قوله : [وأذكر انه قال لي يوماً ، وكنت أجلس بجانبه وهو طريح فراش أقعده المرض: إن اشدّ ما يخشاه بعد رحيله عن هذه الدنيا، أن تمتدّ يد آثمة نحو قبره فتخلع شاهدته وتلصقها بقبر آخر غير قبره !.]، وكأن هذا الرجل يدق ناقوس الخطر من أمثال الملا أبو حية الذي يكره الثقافة والمثقفين، فهذا كتاب الرجل وجهده ذهب إلى رجل آخر هكذا (بجرة لسان من ملالي آخر الزمان أحفاد الملا أبو حية وليس بجرة قلم) كما يقول العراقيون!!
هادي العلوي واحد من المثقفين الماركسيين وهو شقيق الكاتب حسن العلوي، لم يعرف عنه أنه كتب في هذا الاتجاه، وراجعت مؤلفات الرجل فلم أجد فيها عنوان (المتنبي يسترد أباه)!! ولكن الملا أبو حية (ياسين الموسوي) اطمأن على جهل الناس، وأن جمهوره لا يقرأ ولا يبحث، ولا يهمه سوى ما يخرج من فم الملا، فقوله مقدس حتى وإن كان هو الجهل بعينه، ومن يتكلم بعلم، وبحكمة نرى الجمهور يواجهه بالاستهزاء والسخرية، وبصورة عجيبة غريبة!!
ربما سيرى القارئ الكريم أن انزلاق الملا أبو حية في هوة الجهل هو الذي جعله ينسب كتابا ليس لكاتبه، ويسلبه من كاتبه الذي كتبه، بداعي الدفاع عن وهم يريد تسويقه بشتى الطرق؛ بالكذب، أو بالدجل، أو بالافتراء، واعتاد جمهور أولئك الملالي أن لا يسأل الملا عن مصدر الرواية إذا ذكرها، ولا عن مصدر الحادثة التاريخية التي يسردها، ولذا نجد في خطب الملالي ما لم تحفل به قصص (ألف ليلة وليلة) من الملاحم والأساطير التي ـ للأسف ـ تقع إساءتها على الذكرى وصاحبها أكثر من نفعها، هذا مع التنزل أن يكون بها نفع، إن ما يفعله أولئك الملالي هو الذي دفع بشبابنا المهموم بالبحث والسؤال إلى الوقوع في حضن الفكر الإلحادي كونه فكرا يعتمد المنطق العلمي في بحوثه، وفيما يصدر عنه، وحتى عندما يريد أن يفلسف النتائج العلمية التي حصل عليها، فهو يتحمل مسؤولية فلسفته، ولا يحمل العلم مسؤولية ما يرى أو يتصور.
لقد كان لخطاب الملالي الاثر الخطير في دعم فكر الإلحاد ولو عن غير قصد، فالمرء مجبول على الاختيار الحر، ويأنف العبودية للأفكار والآراء، وهذا ما يوفره له الملحدون، فليس هناك فيتو على أي سؤال، وليس هناك حجر على العقول في أي اتجاه، وليس لدى الملحدين من (تابو) يخشاه من تعجبه أفكارهم وتطلعاتهم، بينما لدى الملالي فـ(التابو) التهم كل الفكر البشري وفرغه من كل قيمة معرفية تدعوه للقراءة والبحث والتدقيق، ولقد عانى الدين الإلهي معاناة قاسية من تلك الجماعات من الملالي أحفاد (الملا أبو حية)، حيث عطلوا المنهج العلمي السليم في البحث، وعطلوا قدرات الشباب في البحث والقراءة، ولا يروجون لأي طرح يشمون فيه رائحة انتقاد لتلك المسيرة الأسطورية التي لا دليل عليها سوى الادعاءات، ولا تستند إلى شيء سوى ما قاله المثل العراقي (سويناها وصارت)!!!
ولعل القارئ ينتبه أن أولئك الملالي يصدرون أحكاما مجانية بحق كل من يكشف شيئا من باطلهم الذي اختطفوا به الناس، فلم يبق كاتب تحدث في بيان الانحراف إلا تعقبوه تسقيطا وتشهيرا، وفي الختام تصفية، ولقد عانى من هذا المنهج الإجرامي حتى من كان ابنا لهذه المؤسسة الدينية ولكنه كان باحثا عن الحق صادقا في ترجمة ما يقرأ من نصوص دالة على الحق، ولعل أوضح الأمثلة على عمل ذلك المنهج الإجرامي مع فقهاء ثلاثة كان لديهم شيئا من الحق، وكانوا باحثين جادين، فما كان من المؤسسة الدينية التي تخرجوا فيها إلا أن شنت عليهم حملات تسقيط شعواء انتهت بتصفيتهم جسديا، وبعد أن تمت تصفيتهم، وأسكت صوتهم، علت أصوات النادبين والمتباكين، والمستأكلين بالدماء، فصار السيد محمد باقر الصدر رمزا للشهادة والعلم و.. و..، ولا أحد يزايد على كونه عالما عاملا، ولكن المستأكلين بدمه الشريف، راحوا يتاجرون به أيما متاجرة، وصار السيد الخميني (إماما، و…، و…)، وصار السيد محمد صادق الصدر المولى المقدس، والرجل في أمة، و….، و…، ونفس أولئك الذين يأكلون بدماء أولئك العلماء العاملين، هم أنفسهم الذين كانوا يروجون لتسقيطهم، ولعل مثال تسقيط السيد الصدر الثاني لا ينساه التاريخ، وكيف أنهم طعنوا في حرماته ووصفوه بأوصاف تدمي القلب، ونفاجأ في هذا العام هم من يعمل البوسترات، ويحيون المهرجانات، والملالي الذين كانوا يقدحون فيه، هم أنفسهم اليوم يمدحونه ويمجدونه!!!! فما عدا مما بدا؟؟!!
وها هم اليوم يهاجمون دعوة اليماني(ع) ويفترون عليها من دون أن يكون لديهم دليل واحد يردون فيه أدلته التي احتج بها عليهم، ولعل آخر إصدار لليماني أحمد الحسن(ع) وهو بعنوان (وهم الإلحاد) سيكون فيه بيان واضح لكل قارئ منصف ليرى بأم عينه لماذا يستأسد أولئك الملالي على دعوة اليماني؟؟ أ لأنها دعوة باطلة بالفعل، أو أنها دعوة جاءت لتكون شمسا تطلع على الحرامية فتكشف سرقتهم لأنفس الناس، ومتاجرتهم بدمائهم وكراماتهم وأعراضهم، فتدبروا كل ما قاله الملا أبو حية لصد الناس عن دعوة اليماني، وانتبهوا كيف أنه ـ من أجل صد الناس عن الدعوة ـ راح يكذب بلا خجل ولا مستحى على السيد الشهيد الصدر ويقول أنه سأل السيد الشهيد عن رأيه بكتاب المتنبي يسترد اباه فقال له السيد الشهيد ـ بزعمه ـ لأنه لا وجود لهكذا قول للسيد الصدر، وما أكثر الكذب على هذا الرجل المظلوم حيا وميتا، فيقول أن السيد الشهيد قال له : [أن من الصحيح أن لا يمكننا ندعي ان الإمام ليس له ولد، لكن من الكذب أن ندعي أن للإمام أن له ولد.] هذا نص قول الصدر المزعوم بحسب ما نقله الملا أبو حية، وهنا حق لنا أن نسأل: هل لهذا الكلام قيمة علمية؟؟!! ولقد ذهب بها عريضة الملا أبو حية (آية الله العظمى ياسين الموسوي) عندما ادعى أن الروايات تقول (أن المهدي ليس له ولد في الغيبة الكبرى)، وكذلك ادعى أن السيد الشهيد (ثبت هذا المطلب في الغيبة الكبرى) وهو جزء من أجزاء الموسوعة المهدوية!!! وهذا المطلب الذي يدعي (ياسين الموسوي) أنه مثبت بكتاب الغيبة الكبرى لا وجود له، وأدعو القارئ إلى فحص ذلك والبحث عنه، كذلك لا توجد رواية تنفي الذرية للإمام المهدي(ص) بل الدليل قائم على نقيضه.
إذن ما يؤلم فعلا أن في زمن العلم وسهولة الحصول على المعلومة نجد أن الملة أبو حية يعاند نظرية الانتخاب الطبيعي التي ثبتت علميا لنجد أن له وارثين كثيرين ورثوا دوره، من دون أن يغيبهم التطور العلمي عن ساحة الحياة، كما غابت الديناصورات من ساحة الحياة نتيجة التطور بالانتخاب الطبيعي، فهذا الملا وأمثاله اختطفوا الناس وأضاعوهم أيما ضياع، ولذلك ندعو من كان حرا يحترم حريته التي وهبها الله سبحانه له أن يقرر آخرته بنفسه، ولا يعطي هذا القرار إلى من لا يحسن أن يقرر لعلف بطنه، فكيف يقرر لآخرة غيره؟؟ ندعو أولئك الاحرار إلى البحث والقراءة والفحص والتدقيق، وليعلم الناس جميعا أن لا (تابو) في الدين الإلهي الحق، فكل الاسئلة التي تنتج معرفة وتقدما ستجد لها جوابا من الله سبحانه، ولكن هذا الجواب لا يملكه الملالي، بل جعله الله سبحانه عند أمنائه من الرسل، وسيرى القارئ الكريم بنفسه الفرق الواضح بين مدعي العلم الذين رفضوا نظرية التطور بداعي كذبة لا وجود لها إلا في وهم من اختلقها، عندما روجوا بين الناس ان النظرية تقول (إن أصل الإنسان قرد)!!! وبين صاحب العلم الحقيقي الذي كشف بوضوح أن الإلحاد بنى بنيانه على فلسفة النتائج العلمية الصحيحة، ولذلك علينا أن نفرق بين الرأي الفلسفي المبني على نتيجة علمية صحيحة، وبين النتيجة العلمية الصحيحة ذاتها، فالإلحاد منظومة فكرية فلسفية تدعي الاستناد إلى النتائج العلمية الصحيحة، وهذا الادعاء ثبت بالدليل أنه لا وجود له، ولا علاقة بين النتيجة العلمية الصحيحة وفلسفة الالحاد.