عكس خطاب المبعوثة الاممية للعراق جينين بلاسخارت الذي القته في 26 اب 2020 في مجلس الامن الدولي، بشأن آخر التطورات في العراق، اشادة واضحة بخطوات حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في مواجهة التحديات التي يواجهها العراق، وسعيه لبناء علاقات خارجية؛ تراعي لغة الحوار مع الدول.
في قراءة سريعة لاهم النقاط في كلمة بلاسخارات.. نجدها اشارت الى التحديات الاقتصادية التي يواجهها العراق بعد ارتفاع نسبة الفقر وانخفاض الناتج المحلي، وتأثر القطاع الخاص بفقدان فرص العمل وانخفاض المداخيل، في ظل استشراء الفساد المالي والاداري في اغلب مفاصل مؤسسات الدولة، وحرمان شريحة كبيرة من الحصول على الخدمات، والحقوق الاجتماعية الأساسية والتعليم، اضافة الى التحديات التي يواجهها النازحين البالغ عددهم 1.4 مليون .
كما انها استعرضت ارتفاع العنف القائم على النوع الاجتماعي دون ايجاد حلول سريعة، واستهداف وقتل الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان ووسائل الإعلام، مؤكدة ان هناك قلق واضح من تغييب الفرص التي اتاحها الدستور في مجال الحقوق والحريات والحماية التي كفلها الدستور العراقي.
اما ما يتعلق بالجانب السياسي والامني.. اشارت بلاسخارت الى حجم الإرباك الذي يكتنف المشهد العراقي، و سعي العديد من الأطراف والاحزاب إلى تحقيق مصالحها الضيقة، مما ادى إلى إضعاف الدولة، واستمرار الجماعات المسلحة في خلق بيئة من الترهيب والخوف، اضافة الى ضعف دور البرلمان في حسم ملف الانتخابات من حيث توزيع المقاعد وتحديد الدوائر الانتخابية بسبب اختلاف الرؤية الموحدة للكتل البرلمانية، والذي يتزامن مع الجدل المستمر بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان دون اتفاق على التعزيز التدريجي للنظام الاتحادي، الا انها لم تستثني اقليم كردستان في اشارتها الى ضرورة الشفافية ومحاربة الفساد وحرية التعبير والإصلاحات الأساسية، باعتبارها أهمية قصوى؛ حالها حال أي مكان آخر في العراق.
ما يلفت الانتباه ان اكثر القضايا التي كانت محل تشديد وتركيز واطالة في خطاب بلاسخارات هي قضية الانتخابات الحرة والنزيهة باعتبارها أهمية حاسمة في استعادة المواطن ثقته بحكومته، ويمكن أن تفتح صفحة جديدة ومهمة للعراق، وذلك لن يتحقق ما لم يتم تعضيد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وتحريرها من الضغوط السياسية المستمرة، حاصة ما يتعلق باختيار الموظفين وكيفية صياغة الإجراءات الانتخابية وتنفيذها، من خلال منظومة رصينة لإدارة نتائجها تمتاز بالموثوقية والشفافية في إطار قضائي لمعالجة الشكاوى والطعون.
خطاب بلاسخارات كرر عبر فقراته كثير من الملفات التي اعتادت ذكرها واثارتها خلال الاستعراض الدوري الذي يتم داخل مجلس الامن الدولي؛ الا ان الخطاب الاخير لها ركز وبشكل كبير على ملف الانتخابات من كافة جوانبه القانونية والادارية، والتوقيتات الواجب ان تحترم ارادة الشعب العراقي بمطالبه المشروعة المتعلقة بانتخابات مبكرة ونزيهة، واشارتها الى المشاكل التي تعترض هذا الملف بالذات، وآلية ايجاد الحلول بما يضمن تلك المطالب وحمايتها، وهذا يعكس ان البعثة الاممية تدرك جيدا ان الحل الاساسي والجذري لتركة ال 15 عام بعد التغيير، وما ترتب عليها من مشاكل سياسية وامنية واقتصادية واجتماعية وثقافية؛ لا يمكن ان يتحقق الا بظهور طبقة سياسية وطنية مهنية تمثل الشعب بشكل حقيقي، و تمنح الاولوية لمصلحة البلد من خلال بناء حلول مستدامة لمواجهة الازمات، وخلق بيئة مستقرة تتوفر فيها شروط السلامة والامان، ورفض استغلال الدولة كساحة تتصارع عليها مختلف القوى المحلية والاجنبية .
في النهاية كل الحلول مرهونة بارادة التغيير المرتبطة بحجم الوعي الانتخابي للمواطن/ة العراقي/ة ، ومدى جدية المنظومة الاممية والدولية والاقليمية، في اخراج العراق من مأزق ما ترتب عن جعله ساحة لصراع قوى سياسية محلية واجنبية مختلفة التوجهات والمصالح.