18 ديسمبر، 2024 9:18 م

خطاب الفشل و”إبادة” الشعب

خطاب الفشل و”إبادة” الشعب

منذ ليلة يوم الخميس الماضي والمشاهد في ساحات التظاهرات تزدحم الواحدة بعد الأخرى حتى اصبح من الصعب التمييز بينما يحصل في ساحة التحرير وساحات المحافظات الجنوبية فمنظر الشاب الذي تصيبه قنبلة مسيلة للدموع براسه تكرر اكثر من مرة في أماكن مختلفة وحالات الاختناق بسبب الغازات لا تعد ولا تحصى، فهناك مشاهد حية للعشرات من جثامين الشباب تحمل في عربات “التكتك” التي أصبحت “ايقونة” وعلامة فارقة في احتجاجات تشرين التي وصل عدد المصابين فيها بسبب نيران وقنابل الملثمين الى عدد يقترب من الثلاثة آلاف.

لكن المتابع للمشهد يدرك جيدًا بان التصعيد في مواجهة المحتجين المطالبين بالتغيير انطلقت شرارته بعد خطاب “الفشل” الذي القاه دولة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي من مكان مجهول، والذي اكتسب صفة “الفشل” لأسباب عدة لعل في مقدمتها الأخطاء الفنية في الإخراج والمونتاج والتي تدل على “غياب” الكفاءات في مكتب رئيس الوزراء او الاستعجال والإرتباك بعملية التسجيل، ومن تابع الخطاب ليلتها سيرى جيدا حجم تلك الهفوات، في حين كان مضمون الخطاب مجرد وعود سابقة أعيد تدويرها مرة أخرى بعناوين ومسميات مختلفة سمعنا بها منذ اعلان البرنامج الحكومي قبل عام لكننا لم نلمس الإنجازات حتى الان، لتكون كلمات عبد المهدي “الشحنة” الأخيرة التي دفعت المحتجين للإصرار على مطالبهم والاستمرار بالتظاهر السلمي.

الغريب.. ان عبد المهدي ذهب بخطابه ليذكرنا بالمجازر التي كان يرتكبها نظام البعث وصدام حسين واخطاء اسلافه نوري المالكي وحيدر العبادي وكيف “سوفت” اللجان التحقيقية في عهدهم ولم يحاسبهم احد، وكأنه يريد القول بانه “أفضل” من هؤلاء وعلى “عباد الله” انتظاره لفترة اطول او على الأقل انتهاء السنوات الأربع حتى يغادر براتبه التقاعدي وامتيازاتها، فيما يعيش الملايين من ابناء البلد تحت خط الفقر.

يا سيادة دولة رئيس الوزراء كنا ننتظر منك خطابًا يتوج باستقالة واعتذار للشعب عن عجزكم في تلبية المطالب وتوفير حياة حرة كريمة للمواطنين وسماحكم بجعل البلاد ساحة يمارس فيها المتخاصمون هواياتهم في تصفية الحسابات ومساهماتهم باضعاف السيادة، كنا ننتظر استقالة توضح فيها عجزكم عن اتخاذ القرار امام “سطوة” بعض القوى السياسية التي تمتلك المال والسلاح وتتحكم بخطواتك، حتى الخطاب الذي القيته علينا بعد منتصف الليل، صياغة كلماته لم تكن وفق إرادتكم، لتنطلق بعده حلفة “إبادة” ضد المحتجين من شعبك، تعهدت في خطابك بانها لن تتكرر كما حصل في بداية تشرين، لكن عدد الشهداء تضاعف وأساليب القمع تطورات فأصبحت القنابل تخترق جماجم المنتفضين، حتى من تعهد بحمايتهم وأعلن “النفير العام” في المؤسسات التابعة لتياره غاب عن المشهد ليومين، ليظهر بعدها ويخبرنا بان “الحكومة مخيرة بين الإقالة والاستقالة” ويحذرنا من فتنة لا نعلم من يقودها سوى انها ستنتهي بمجازر واحراق الممتلكات العامة، ليعلن بعدها تحالفه السياسي المعارضة البرلمانية، لكنه تناسى ان يبلغنا، هل ستشمل المعارضة الانسحاب من المناصب الحكومية؟..

الخلاصة.. ان عمليات قتل المتظاهرين منذ بداية احتجاجات تشرين يتحملها عبد المهدي والقوى السياسية “الصامتة” والتي ساهمت بخروج الأوضاع عن السيطرة حتى وصل الأمر لعمليات حرق للممتلكات العامة ومهاجمة بعض مكاتب الأحزاب السياسية التي لا تخلوا من بصمة “تصفية الحسابات” التي جرفت معها بعض المتظاهرين من دون ارادتهم او أخذتهم “حماسة” المطالبة بالتغيير، في وقت لا نعرف أسباب تمسك بعض الأحزاب بتلك المقار وتفضيلها على ارواح المواطنين رغم امتلاكهم القدرة على اعادة بنائها فيما بعد.

لكن النتيجة ستكون لصالح عبد المهدي و”القتلة” من اجل ايجاد المبرر بانهاء الاحتجاجات تحت عنوان “الحفاظ على الامن” اخيرا… السؤال الذي لابد منه.. هل سيرحل عبد المهدي قبل ساعة الندم الأخيرة؟..