23 ديسمبر، 2024 10:07 ص

خطاب العرش .. ام خطاب البطش

خطاب العرش .. ام خطاب البطش

اظن ان خطاب السيد عادل عبد المهدي .. لم يأت بجديد .. انه اعادة لصياغة ما كان يقوله في مؤتمراته الصحفية السابقة ، باستثناء التباهي بنقل مقر ه الى منطقة علاوي الحلة وبحماية متواضعة ، والتركيز على فتح المنطقة الخضراء .. وكأنه اصبح فاتحا للقسطنطينية مثل العثماني ( محمد الفاتح ) امير الأمراء .

اعتقد ان ضعف الاداء السياسي ، والترهل باتخاذ القرارات الجريئة سيرافقان عمله في المستقبل المنظور ، والزمن الصعب ، سيظل يعصف بحكومته .. لان الشباب الثائر وضعوه في زاوية حرجة ، لا يحسد عليها ، وهو الان في ورطة سياسية حقيقية ، وان الوقت يمضي ليس بصالحه .. لكنه سيستمر في اللعب على عامل الوقت ، والحديث عن اجراءات وطموحات حكومته المفترضة ، وسيصاحب ذلك القيام باجراءات ترقيعية سريعة ، وإعطاء وعود معسولة لامتصاص غضب المتظاهرين الشباب ، وتسويف مطالبهم ، ظنا منه ان الوقت كفيل بالبطش بهم ، وشل حركتهم ، وتشتيتهم .

وكان يفترض به تضمين الخطاب .. بورقة عمل واقعية ، وان لا يترك الامور بنهاياتها السائبة كما تؤكد مضامين خطابه .. ام قوله لا عودة الى وضع اللادولة .. اتساءل متى كانت لدينا دولة بالقوة والهيبة ، التي تلزم المواطن لاحترامها .

واستغرب انه لم يقدم الاعتذار للشباب بعد استخدام القوة المفرطة ، زادت في حجمها ، وحقدها عن تلك التي حدثت في ساحة التحرير ، في عهدي المالكي والعبادي ، من كثافة الرصاص الحي الذي مزق صدور الشباب المنتفض .. ثم لماذا لم يعاقب الذين أطلقوا الرصاص ، ومن اعطاهم الأوامر ، وكيف استلموها .. وهذا وحده ينطي انطباعا واحدا ، وهو ان القانون .. مازال بعيدا ليكون فوق الجميع .
وكان عليه ايضا .. ان يستغل مظاهراتهم كعامل قوة داعمة له بوجه المتنفذين والمتجاوزين على هيبة الدولة .. ويقوم باجراءات حاسمة ، لوضع الحيتان الكبار في السجون وتقديمهم الى القضاء .. ولكنه ويا للخيبة لم يفعل ذلك .. وظل يعالج الوضع الملتهب ببرودة ، ولا مبالاة ، وكأن الذي يجري الان من انتفاضة عارمة في الأرجنتين ، وليس في العراق .. وانت تحذرنا في خطابك .. من ان لا نكون دعاة اليأس ..وانتم الذين زرعتم اليأس في عقول الشباب .

اظن ان الذي يدور في راس المهدي ومن يحيط به .. هو السرعة في احتواء الانتفاضة الكبرى ، وليس القيام بتعديل وزاري واسع .. يضم اليه وجوها مقبولة من قبل الشارع العراقي .. مثل محمد علاوي ، و ماجدة التميمي ، ورحيم العكيلي ، وَعَبَد الوهاب الساعدي .. وأسماء اخرى جديدة ربما ياتي بها من خارج العراق

ومثل هذا التعديل السريع .. مع التاكيد على توفير فرص عمل كبيرة ، على مراحل زمنية محددة ومعروفة لدى الجميع .. والتاكيد على تحقيق مطالب الشباب الغاضب بالتغيير السياسي الشامل ، وفضح كل من تورط بالفساد ، ونهب اموال البلاد .. والا فنحن ذاهبون الى اعلان حكومة ( انقاذ وطني ) .. يكون لضباط الجيش العراقي من الوطنيين نصيب كبير منها .. خاصة أولئك الذين لعبوا دورا بارزا في محاربة تنظيم داعش الإرهابي .. وتوضع ايران هنا في موقف ضعيف ، وهي الخاسر الاكبر .. وهو مايتمناه اغلبية العراقيين .. و ما تسعى اليه ادارة ترامب في الوقت الراهن .
.
مع هذا .. فالمشكلة ، بين ايران وإدارة ترامب لا تنوقف عند هذا الحد .. امريكا تريد ان تظل ايران عامل خطورة في المنطقة ، وعدوا مفترضا تستغله لحلب الدول النفطية مثل السعودية ، وقطر ، والإمارات .

اما الوضع السياسي في العراق ، و الخاضع ضمنيا للنفوذ الايراني ..لا يمكن ان يتغير بالسرعة التي يحلم بها البعض .. ان هذا الوضع الشاذ يتطلب .. / اما ثورة كاسحة ماحقة تنهي الوجود الايراني في العراق ، وتقص جذوره ، وذيوله ، وتنهي ترسبات وتراكمات الحكومات السابقة معه .. عندها يقوم الشعب وبمساندة الجيش العراقي ، والشرطة الاتحادية بتصحيح المسار السياسي العام .
اما الاحتمال الثاني .. حصول تغيير جذري داخل منظومة النظام الايراني ، تقوم به الادارة الامريكية بالتعاون مع حلفائها .. واظن ان الامرين ، يواجهان صعوبة في التحقيق في الوقت الحاضر .

اغلب الظن .. ان خيوط اللعبة السياسية في العراق ستظل بين كَر ايراني وفر امريكي .. وتصريحات وتهديدات .. لا نهاية لها ، كما ان الحقبة الزمنية القادمة ستكون ربما آوفر حظا للامريكان منه للإيرانيين ، لكن ورقة العراق ستظل جاهزة للمساومة وحاضرة بينهما .. طبعا على حساب السيادة العراقية .
يبقى الامل الكبير .. بهذا الشباب العراقي الثائر .. والاستمرار بزخم الانتفاضة .. ربما ستتغير جميع المعادلات .. وتكون احتمالات التخلص من نمطية الوضع السياسي الشاذ ، وتعاقب الحكومات الفاسدة .. ممكنة جدا.. عندها تتحول الانتفاضة الى ثورة تعم العراق باكمله ..& د كاظم المقدادي