في الحلقة الأُولى من هذا المقال، وَطَّأْتُ لموضوعين؛ الأَوّل يخصُّ الدَّور الاعلامي، الذي يمارسه التحالف الأَمريكي الصّْهيوني السعودي، لترسيخ فكرة العداء بين المذاهب الاسلاميَّة، من جهة. و ترهيّْب الطيّْف السُّني، من الوجود الايراني في المنطقة، من جهة ثانية. و استشهدّْتُ بخطاب وزير الاعلام الأَردني السابق (صالح القلاّب)، الذي تَحوَّلَ الى مذيع، يقدّم برنامجاً يومياً بعنوان (عين العاصفة)، الذي تبثّه فضائيَّة العربيَّة (السعوديّة)، يومياً و بأَوقات مختلفة. و رابط البرنامج على (اليو تيوب) هو: (صالح القلاب. لن اكن محايداً.).
و الموضوع الثّاني؛ الذي تطرقت اليه في الحلقة السابقة، بحث الركائز التي تستند عليها فكرة الشّيعة، في حربهم المصيريّة مع الحلف الأَمريكي الصّهيوني السعودي، المتمثل بعصابات (داعش). و في هذه الحلقة (الثانيّة)،اختم الحديث، باستعراض خيوط تآمر الحلف الأَمريكي الصّهيوني السعودي، على الشعب العراقي عموماً، و على شيّعة العراق خصوصاً. مع خلاصة مركّزة لهدف خطاب فضيلة الشيخ قيس الخزعلي، الذي و جهه للشَعّْب العراقي، في مرحلة حساسة و مرتبكة، من تاريخ العراق السياسي؛ فأَقول:
إِنَّ ضحايا مجزرة سبايكر، ومجزرة ناظم الثرثار يوم 24 نيسان 2015، خير شاهد على بربرية أَعداء الشّيعة و مناصريهم. كما أَنَّ تحرير ديالى و جرف الصخر و سامراء و تكريت، بجهود قوّات الحشّْد الشَعّْبي، خير دليل على إِيمان و وطنية الشّعية بقضيتهم الوطنيّة، و حبّهم للعراق و العراقيين.
لقدّْ بقى أَعداء الحشّْد الشَعّْبي، يناورون في تحركاتهم السياسية، فأَظهروا عظيم ولائهم للأَمريكان، عندما زار أَمريكا وفدٌ من حكومة محافظة الأَنبار، لتقديم فروض الولاء و الطَّاعة لها، مقابل أَنّْ يوازنوا الوضع في الأَنبار، بينهم وبين عصابات داعش. لكن كل تلك الجهود، أَورثتهم الخزي و الذُّلّ و الهوان، لأَنَّ أَمريكا لها حساباتها و أَولويَّاتها، في التعامل مع حلفائها، كلٌّ حسب موقعه و كلٌّ حسب حجمه و تأثيره في موقع الحدث.
إِنَّ هذا النَّمط من المشبوهين، لا يطيقون أَنّْ تتحرر مدن ديالى و تكريت و الأَنبار و غيرها، من براثن داعش، على يد الجيّش العراقي و الحشّْد الشَعّْبي. لأَنهم يعلمون تماماً، أَنَّ ذلك سيكشف عمالتهم و تعاونهم، مع الحلف الأَمريكي الصهيوني السعودي. و ستبقى وصمة العار في جباههم الى الأَبد.
من جانب آخر، زار السيد حيدر العبادي واشنطن، في 13 نيسان 2015، و يبدو أَنَّه استلَمَ تعليمات من الادارة الأَمريكيّة، مفادها عدم الاهتمام بالحشّْد الشَعّْبي، و تهميش دوره القتالي. و لتوقُّعي هذا ما يبرره، فان اطلاق يد الحشّْد الشّْعبي، في مواجهة الارهاب في العراق، يعني كشف ضعف القدرات الأَمريكيّة في محاربة داعش، و خسران رهانها الذي قدَّمته، بأَنَّ قتال الارهاب يتطلّب ثلاثين سنة، على حدّْ توّْصيف وزير الدفاع الأَمريكي السَّابق(جاك هيكل).
و لغرض ارباك المشهد على حكومة العبادي، تمّ الترويج لإِشاعةٍ في مدينة الأَنبار يومي 17 – 18 نيسان، أَدَّت الى نزوح أَكثر من 15 أَلف أُسرة من المدينة. و من غير المستبعد أَنّْ يكون، قدّْ تسلَّل بين هذا الكمّ الكبير من النازحين، عدد من الارهابيين الذين جرى تدريبهم خصيصاً، للقيام بعمليات ارهابيّة داخل بغداد، لإِرباك الوضع الأَمني العامّ، و اشاعة أَجواء عدم الثّقة، بين المواطنين و الأَجهزة الأَمنيّة.
إِنَّ الكثير من الشكوك، تحوم حول دوّْر محافظ الانبار (صهيب الراوي)، و عدد من أَعضاء مجلس محافظة الأَنبار، لاسهامهم بشكل و آخر في زعزة الوضع الأَمني في الأَنبار، بعد رفضهم إِشراك الحشّْد الشَعّْبي، لتحرير مدينة الأَنبار. كما أَنَّهم لمّْ يتواجدوا، في المحافظة منذ مدّة ليّْست بالقصيرة. و كردَّة
فعل بائسة، أَمام حالة النزوح من الأَنبار، قام هؤلاء الأَشخاص يوم 17 نيسان، مع عدد من النواب السُنَّة بالتظاهر، أَمام مقر السفارة الأَمريكيّة في المنطقه الخضراء ببغداد ، احتجاجاً على عدم تسليح أَمريكا لعشائر الأَنبار، لمقاتلة داعش، الأَمر الذي تسبب في سيطرة داعش، على مدينة الرمادي. هذه المحاولة توحي بالقاء المسؤوليَّة على الجانب الأمريكي فقط. كما أَنَّ هذه المحاولة، تعكس ارتباط هذه المجموعة بأَمريكا، أَكثر من ارتباطها بالحكومة العراقيَّة.
في خضم هذه الالتباسات، وجَّهَ الشَيّْخُ قيس الخزعلي، خطابه للحكومة العراقيَّة و للشَعّْب العراقيّ. مُستعرضاً دوّْر الحشّْد الشَعّْبي في الانتصارات الميدانيّْة، التي تحقَّقت في محاربة داعش. و ركَّز الشيخ الخزعلي في خطابه على ثلاث نقاط مهمّة هي:
1. على رئيس الوزراء العراقي، تحديد مَنْ تسبب في حصول المجازر المتعدِّدة، التي أَودت بحياة الكثير من أَبناء العراق، و التي كان آخرها مجزرة ناظم الثرثار.
2. على أَعضاء مجلس النُوَّاب في التحالف الوطني، و بقية النُوَّاب الوطنيين، أَنّْ يتَّخذوا قراراً بمحاسبة المقصرين. فلا يمكن القبول بالعودة الى مسلل الهزائم من جديد. و لا يُمكن القبول مطلقاً، بتهديد المقدَّسات الشيعيَّة، التي أُريقت دماء زكيّة كثيرة من أَجل حمايتها.
3. في حالة عدم تحقيق الفقرتين أَعلاه، فسيتمُّ توجيه الشارع العراقي للتَّظاهر السلمي، من أَجل عدم استباحة مزيد من دماء، و مُقدرات العراقيين.
إِنَّ الشَيّْخَ قيس الخزعلي، في خطابه الشُجاع و الصَّريح، بادر برسم بداية صحيحة، تضعُ أَمامَ كلِّ المسؤولين في الحكومة العراقيَّة، حقيقة احترام إِرادة الشَعّْب العراقيّ. هذه الإِرادة التي استهان بها السياسيون كثيراً.
كما استطاع الشَيّْخُ الخزعلي، أَنّْ يُعيدَ الثِّقةَ بشخصيَّة الانسان العراقيّ، كوّْنَهُ العُنصر القادر على التغيير المباشر. لا سيما أَنَّه خاض تجربة الحشّْد
الشَعّْبي، بكلِّ بُطولةٍ و بَسالة. و التي تُعتبرُ تجربةً فريدةً و رائدةً، دَعَتّْ إِليها المرجعيَّةُ الدِّينيَّةُ الرشيّْدةُ، بزعامة السيّد السيستانيّْ (دامَ ظلّه)، لتوجيه طاقات الشَعّْب العراقيّ، نحو هدف وطنيّ محدَّد. و مِنَ المؤكدِّ سيكون النَّجاحُ، حليفَ التَّجربة التي دَعا إِليّها الشَيّْخُ الخزعلي، لأَنَّها نابعة من إِرادة الشَعّْب العراقيّ أَيضاً، لتحقيق أَهداف سامية، تصبُّ في مصلحة الشَعّْب. و الله تعالى من وراء القصد.