18 ديسمبر، 2024 8:15 م

خصم السعر أم حسم السعر…

خصم السعر أم حسم السعر…

يُخطِّئ بعض أساتذة اللغة كسلًا أو تَبَعًا لبعض المشاهير كلمة ( خَصَمَ) بمعنى (حَسَمَ)، وذلك في مثل قولهم : ((خصمَ شيئا من الرسوم والأتعاب، والأسعار…الخ))، ويوجبون أن يقال: ((حسمَ شيئا من الرسوم والأتعاب، والأسعار))؛ لأن الاقتطاع بزعمهم إنما يكون في معنى لفظ ( حسم)، لا في معنى (خصم).
والحقّ أنّ كلتا الصياغتين جائزتان، ولا مسوّغ بتاتًا لحمل الناس على إحداها ونبذ الأخرى، وأعني رفض تعبير: ((خصمَ شيئا من الرسوم والأتعاب، والأسعار…الخ)).
والعجيب في هذه المسائل ونحوها أن تجد ذوو الرتب العليا، أو (العُلا) في الاختصاص اللغوي الدقيق سادرين في تقليد الأقدمين من غير التفات إلى منزلة الاجتهاد التي يُفترض أن تكون بحوزتهم وتستدعي تحررهم من معرّة التقليد، وتؤهلهم لإجراء محاكمة لغوية بعقلية نقدية واعية، والأنكى من ذلك كله حين ينساق هؤلاء (العلماء) في متابعة آراء لآخرين لا تربطهم بعلوم العربية آصرة وثقى لاسيما ما يتصل بعلم اللغة الحديث( اللسانيات)، كبعض أصحاب المنابر من مشاهير أزمنة عالم التواصل الاجتماعي( السوشال ميديا)!
وبالعودة إلى تحرير موضع النزاع في مسألة ( خصم، وحسم) فيُمكن بقليل تأمّل أن يُلتمس لكلمة ( خَصَمَ) معنى (حَسَمَ) أي “اقتتطع” بناءً على معيار المجازالمعمول به أكاديميا في مناهج التخطئة والتصويب ، فقد ورد في معاجم القدماء قولهم: ((خصم فلانا: غلبه بالحجة)) أي قطع عليه طريق القول…
على أن بعض المعاجم الحديثة كانت قد نصّت على أن كلمة ( خصم) تواطئ في بعض معانيها كلمة ( قطع)، ومن تلك المعاجم المنجد في اللغة، ومعجم اللغة العربية المعاصرة، وأغلب الظن أنّ تصويب تعبير: ((خصمَ شيئا من الرسوم والأتعاب، والأسعار…الخ)) في المعجمين المذكورين إنما أتى امتثالًا لمعايير انتقال الدلالة والاستعمال الشيوع…
فيا أيها الأساتذة والمشايخ لا تسدّوا على رئة العربية مسامات الهواء، واعلموا أن العربية حالها من حال لغات الناس كافة تسير شئتم أم أبيتم في مسالك التطور، ولا يزعمن أحد أن في هذا النهج حطًّا من مكانتها السامقة فالعكس هو الصحيح لو كنتم تعلمون سُنَن اللغة، وسَنَن العربية…