18 ديسمبر، 2024 7:18 م

في برنامج يرصد نبض الشارع ، يحكي صاحب المقهى بحزن قائلاً: كان الزبون سابقاً يطيل حواره معي، يواجهني بابتسامة وضحكة ، واليوم وجهه قاتم، ويكتفي بأن يطلب ما يريد ويأخذه دون كلام!

هو اختصار ذلك التحول المجتمعي القاتم، والقاتل في ذات الوقت، يوم تحولت بالتدريج البطيء غير المحسوس علاقاتنا إلى مرحلة الانجماد والتصحر، وتغيرت مفاهيمنا حتى الوصول لمرحلة الآلة، وتحدد قنوات التواصل بيننا إلى الهواتف والكتابة حتى دون الكلام !

هي آفة التكنولوجياً من جهة، وهو ضغط الزمن والواقع الشديد من جهة أخرى، لكن في كلتا الحالتين ، يبقى المجتمع هو الخاسر، يبقى الضحية التي تقتل نفسها ببطء.. هو الانسان!

هذا المجتمع الذي يحتاج اليوم الدفء ما زال يمعن في القطيعة !

هذا الوطن الذي يحتاج لملمة الجراح ما زال ينكأها!

وهذه السماء الملبدة بالغيوم ما زالت تحجب أنوار الشمس!

وهذا القلب الذي تكررت انكساراته وبات ينشد الترميم ما زال نبضه يضعف ويكاد يقترب من إعلان الهزيمة!

يفيض الخاطر بالكثير وينشد محبة ومودة تحولت إلى خواء وصراخ في ليل طويل!

ولا يعتقد أحداً أن ضرر ما نقول هيناً، أبداً!

لأنك إن غفلت عنه، ستجد نفسك سائراً لوحدك، لا يد تربت على كتفك ولا دمعة تسقط لأجلك ولا قلب يأسى لما تعاني!

ولعل ما يخيفنا أن ذلك بدأ يحصل بالفعل، إذ بدأ الانكفاء يتحول إلى سلوك، والقطيعة إلى منهاج يومي، والعاطفة إلى أمر ثانوي مركون على الرف!

والمبادرة هي الحل.. العمل هو السبيل

علينا ضخ الدماء فينا مرة أخرى  لنكون أحياء فعلاً لا ظاهراً فحسب، نرسم الضحكة ونبعث الطمأنينة ونزرع المودة غرساً طيباً لتكون ثماره حدائق وبساتين!

علينا أن نمحو خارطة الحرب والحزن لنرسم مجدداً خارطة الانسان الفاعل الملبي بكل ما يملك من حواس وقدرات نداء الله.

علينا… دون تأخر أو إبطاء فلنحاول فقط  وسنجد من ينشد ذات الغاية ويحمل نفس الهم وينشد في دواخله تغييراً وتحرراً من القيد الذي يلتف حول يديه وعنقه بنعومة مخيفة.. علينا ان نمدّ الأيادي لكل اولئك وهم دون شك كثير!