شلت الحيرة مفاصل القلم وسقط لسانه صريعا من هول الصدمة، لا يعرف من اين يبدأ مرة اخرى ، فقد جرب الصراخ على ظهر ارض غطى الضجيج اوصالها ، وخيم انين القبور على اطرافها ، حتى ايقن ان صوته محبوس بين قضبان العزلة على ذمة التحقيق.
لم يستسلم يوما رغم خوائه ، ظل يطلق الرصاص الحي لكن لم يقتل احدا مثل مايفعل الاخرون ، يزحف فوق سجلات الحياة السوداء عسى ان يلامس البياض يوما سطورها .
لا يعرف بداية خط الشروع ، هل ستكون عند نقطة ايام عاصفة الدم والالم ، او مع انكفاء. التاريخ على وجه مكسور الظهر ، ام يصنع بدايات يختلقها من رحلة الاوهام واليأس والاحباط قلمي يقول ، من يبدأ وطنيا ، لا يمكن ان ينتهي بلا وطنية ، ولكنه في كل الاحوال حدف شجرة فأصطاد ارنبا . عندنا سياسيون يرتقون افكارهم بأسمال مستوردة يكاد النسيم يمزقها ، فظنوا بعد الرتق ان العيوب قد دفنت ، فعادت من جديد افكار محشوة بالديناميت ،يتفاوضون تحت لهيب النار ، على مناضد الرمل الحربية ، يتخاطبون بلغة المؤامرة ، يجلسون على كراسي يكاد سعير فتيلها يصل الى نقطة الانفجار ، يستمرأون طرح المشاكل على انها حلول . كنا فريسة نصف ميته في الماضي ، فأجهزوا اليوم على التصف المتبقي ، فصيرونا اجسادا فاسدة بتواريخ صالحة ، او منتهية الصلاحية ، او موتى بلا شهادة وفاء ، حتى اجبرنا على رفع شعار مكروه (نرحل لنعيش او نبقى لنموت) لا ندري متى تصمت المدافع ؟ ولا نعلم متى يسكت ازيز صناديق الرصاص ؟ لا ندري ولا نعلم ما دمنا قابعين في كهوف التبعية ونرفض اخلائها او مغادرتها .
عشر عجاف ونيف من السنين مرت ، وما زلنا على الرصيف ننتظر الفرج ، صرنا جذع شجرة منخور من داخله يهوي في اي لحضة ، او سد متصدع يكاد ينهار في ساعة ، ضاقت ساحات صدورنا بمعارك تصفية الحسابات ، وتحولنا الى اثار ازرى بها الزمن وعوامل التعرية البشرية المفتعلة .
قلمي يقول لا تتاجرو بحقوق الشعب ، ولا تفتحوا دكاكين للسمسرة بها ، تبيعون وتشترون بها في مواسم الانتخابات ، واعلموا ان خسارة قائد من هنا او هناك خير من خسارة شعب.