تعجبت وأنا أستمع إلى أحد المعنيين بهذا الشأن على قناة العراقية وهو يقول ، أن 10% فقط من الواردات الضريبية تدخل الخزينة ! ، والخلل (إن صح التعبير) لا بُدّ وأن يكمن في آلية الجباية ، ويبدو أن الجماعة مرتاحون جدا لهذا “الخلل” ، وليس من مصلحتهم تصحيح هذا “الخلل” ، فأين تذهب الأموال الفلكية التي تجبيها “الدولة” للهيئة العامة للضرائب ؟ ، وهي المعروفة بأنها من أوائل المنشآت الحكومية التي أدخلت النظام الحاسوبي ، وكل شيء معزّز بالوصولات والوثائق ؟ ، ويبدو أن الأموال التي ستجد طريقها إلى الخزينة ، هي أموال الفقراء الذين تلاحقهم تلكم الهيئة بلا هوادة ولا تتساهل معهم قيد شعرة ، لكننا نجدها بمنتهى الكرم والتساهل مع الفاسدين ، الجميع لا يعرف أين تذهب تلك الأموال ، إبتداءً من أصغر موظف حتى أكبر رأس في البلد ، أعلم جيدا أن البلد يعيش حالة فوضى عارمة منذ أمدٍ بعيد ، ولكن ليس لتلك الدرجة ، والأغرب ، أن بريطانيا أخرجت البلد يوم أمس ، من قائمة الدول الخطرة ! ، فما الذي دفع هؤلاء إلى هذه الخطوة ؟! ، هل قلّت وتيرة العنف والإغتيلات والتغييب وقصف السفارات والصواريخ العشوائية ؟ ، هل إزداد إهتمام الحكومة بأمن المواطن ؟ ، لا ، بل إزدادت وتيرها كثيرا ، بل صارت الحكومة لا تدّخر وسعا في محاربة المواطن بلقمة عيشه ، إذن لا بُدّ أن شطب العراق من قائمة الدول الخطرة ، قد تم بعد مباركة شايلوك العصر ، صندوق النقد الدولي ، بكل ما يمثله من سطوة عالمية ، والذي أعرب عن رضاه لخطوة الحكومة بتخفيض قيمة الدينار حتى لو سخط الملايين ، ولسان حال الحكومة يقول (إذهبوا للجحيم) ، في خطوة مرتجلة غير محسوبة العواقب ، صحيح أن نسبة رفع قيمة الدولار لا يتجاوز 5% ، لكنها هذا الإنخفاض إنعكس على رواتب الموظفين والكسبة بما يقارب 20% ! ، وبعض السلع إزدادت ما يقارب 200% ، وسط تظاهر الحكومة بالتباكي على 90% من الشعب ، وفقررت مراقبة الأسعار (؟؟؟) ، وهي غير قادرة على تحرير مختطَف تعلم مكانه ! ، رفعت الدولة قيمة الدولار عندما كان سعر برميل النفط (الصادرات الوحيدة) للبلد 20 دولار وهبط حتى وصل إلى (صفر دولار) في خضم الجائحة ، فأي مسوّغ يستدعي الإبقاء على سعر الدولار ، والذي إستأنف صعوده أيضا بسبب تداعيات هذا القرار – المؤامرة ، وقد تجاوز سعر البرميل 63 دولار ؟! .
في بداية كل مؤامرة تحيكها الحكومة ودهاقنتها على أرزاق المواطن ، نسمع ما يشبه طنين الذباب ، في أوساط البرلمان والأحزاب والحكومة ، الغرض منه أهدافا إنتخابية وتهيئة المواطن لتلقي الصدمة تلو الصدمة ، ولا أقول لجس نبض الشارع لأنه لا يعني الحكومة ، طنين خافت من المتباكين على رفع قيمة الدولار وتقليل حصة الأقليم ، وتقليل إمتيازات الرئاسات والمناصب الخاصة ، والمطالبة بإقالة وزير المالية وغيرها ، ثم تفاجأنا صباح يوم أغبر ، أن الميزانية مُرّرت رغم الأنوف ! ، بكل ما بها من كوارث وسلبيات ، وخفت الطنين ، وإنفض الذباب ، ورَضى الجميع ، عدا الشعب طبعا ! .
ويبدو أن السيد وزير المالية لم يكتفِ من قراراته الكارثية وكأنه يثأر من الفقراء ، فهو بصدد الإلتفاف على قانون الإعفاء الضريبي ، وتحولت أنظاره الغير مباركة إلى رواتب الموظفين ، وتعلمت أن اسوأ الكوابيس الصادرة من الحكومة والتي تخص تدمير المواطن حتى لو كانت إشاعات ، تصبح حقيقة ، وإلا ما سبب عدم قيام السيد الكاظمي بإقالة وزير المالية سوى أنه راضٍ عنه تماما ؟! ، لكني سأعمل بنصيحة السيد رئيس الوزراء للشعب ، بالتفاؤل والضحك (!!!) ، وسأضحك ، حتى الموت إختناقا ! .