تأريخ السعودية في التصعيد العسكري طويل لكن؛ أوراقه خالية مِن أنتصارٌ يُذكر لجيشها، وهي الحالمة بالقيادة، تفتقر إلى جيشٍ قادر على قيادة الجيوش!
قادت المانيا دول المحور في الحرب العالمية الثانية، في قبالها أنفردت الولايات المتحدة بقيادة الحلفاء، وقدمتا كلاهما أنموذجاً مميزاً في حسم المعارك.
بعدها تشكلت تحالفات أستراتيجية سبقت الحرب الباردة، ففي اوربا الوسطى والدول الشيوعية تشكل حلف “وارسو” بقيادة الإتحاد السوفيتي، الذي أنقضى بنهاية الأتحاد، فيما ضل “الناتو” بقيادة الولايات المتحدة مستمراً، على الرغم مِن الصعوبات التي تواجه دوله الأعضاء.
هذا المثال من التحالفات؛ حاولت السعودية تطبيقه في الأونة الأخيرة بتشكيلها تحالفين، ومعَ أنها فشلت في الأول فشلاً ذريعاً، أقدمت على صناعة الثاني الذي ولد ميتاً!
تَشكل التحالف الأول (عاصفة الحزم) في ٢٦ أذار ٢٠١٥، بواقع عشر دول ودعم الولايات المتحدة ومصر، ومعنون بهدف القضاء على جماعة الحوثي في اليمن، مع هذا الكم الكبير من الدول، فشل التحالف ليس بالقضاء على الحوثيين فحسب، بل فشل بالحفاظ على نفسه من التبعثر!
عادت السعودية محاولةً الخروج من مأزق الخسارة، لتعلن تشكيل تحالف أسلامي هذه المرة بمشاركة أربعة وثلاثين دولة، هذا التحالف بالذات فيهِ ما يُفسر طبيعة السياسة السعودية، ويترجم بواقعية دورها الحقيقي في الحروب، فهي دولة تصعيد لا حسم.
ولادة متعسرة وبعض التوائم رفضوا رحم التكفير..!
ما إن نشرت السعودية قائمة الدول المتحالفة، حتى أعلنت كُلٌ مِن لبنان، أندنوسيا، باكستان، وماليزيا أستغرابهم من وجود دولهم في القائمة، ما يقصم ظهر التحالف المزعوم قبل ولادته، خصوصاً أنه تشكل بغياب أربعة وعشرون دولة أسلامية، منها ما يملك جيشاً يفوق عدد جيش التحالف المقترح، كالجمهورية الإسلامية في أيران.
غياب العراق وسوريا عن التحالف يُعطيه طابعاً طائفياً، بوجود الأغلبية الشيعية في البلدين، أضافة إلى تواجد داعمي الحركات المتطرفة كداعش والنصرة ضمن مؤسسيه، كالسعودية وقطر والأمارات، يجعل التحالف مخدوعاً بكذبته، يلفُ على رقبته حبل الكلب الذي أطلقه ويغذيه!
قائمة التحالف دول فقيرة مالياً وعسكرياً، بأستثناء تركيا التي يحاصرها الدُب الروسي، ومصر التي تعاني داخلياً، ومعَ أنها كشركائها باعت موافقتها بجريان البترول السعودي لخمس سنوات قادمة، إلا أنها سربت أخباراً عن عدم مشاركتها البرية، وهذا يجعل من موافقتها صورية لا أكثر.
السعودية التي راوغت طويلاً بأعلان هذا التحالف ضد أسرائيل، لتخليص فلسطين المُحتلة، تُحاول جاهدة لأثبات أمرين:
أولاً: تغطية فشلها في اليمن.
الثاني: مُحاولة لأنهاء صراع المُحمدين (بن سلمان وبن نايف) على خلافة الملك، وتثبيت الحكم لأبن سلمان الذي وجدت فيه امريكا، طائش يحقق أهدافها.
مثل تساقط أوراق الشجر في الخريف، بدأت تتساقط الدول من التحالف الإسلامي، مبتعدةً عن مُثيري الفتن والشفقة معاً، موجهةً ضربة موجعة للتكفير ومصانعه.