23 ديسمبر، 2024 4:49 ص

خرج متوجاً بلواء الحمد

خرج متوجاً بلواء الحمد

الحركات والتيارات السياسية بمتبنياتها وعناوينها العريضة وتوجهاتها المختلفة في افكارها سواء كانت اسلامية ام لم تكن تحمل الطابع الاسلامي، تمر بين الحين والاخر بمراحل من التجديد والحداثة في متبنياتها حسب ظروف المرحلة التي تواكبها، فلكل زمان رجال ولكل مرحلة منهج.

لم يكن الحكيم بمعزل عن حركات التجديد والحداثة فيما يخص المشهد السياسي و التطورات التي تحدث في مواكبة العمل السياسي والاجتماعي، مثلها كمثل الاحكام الفقهية، فعلى سبيل المثال لم يكن في بداية صدر الاسلام بنوك مصرفية وحوالات مادية ولم تكن حينها الية تحدد التعامل معها ليس قصوراً بالاسلام ونبي الاسلام “ص” وانما الملاك المصرفي لم يكن موجوداً حينها، واستشهد هنا في هذا الصدد بمقولة إبن عباس “القرآن فيه معاني يفسرها الزمن” فان اختيار الحكيم لتأسيس كيان جديد ليس مثلبة للكيان الذي كان يتزعمه او قصوراً في مباديء واهداف المجلس الاعلى الذي تأسس مطلع الثمانينات على يد السيد محمد باقر الحكيم “قده”، وانما المشروع الذي يتبناه تيار الحكمة بما يحمله من افكار واهداف ومشروع وطني يمثل الوان الطيف العراقي لن يتسع حجم المجلس الاعلى بمفهومه الحالي، مثلما البيضة لا يمكن ان تضم بداخلها الكُرة الارضية، فلا يمكن للبيضة ان تكبر فتستوعب حجم الكُرة الارضية ولا الكُرة الارضية بامكانها ان تُصغر من حجمها لكي تكون بداخل البيضة لا العيب في البيضة والكرة وانما الظرف لا يتسع للمظروف، فتيار الحكمة يعد النسخة المحدثة للمجلس الاعلى بمفهوم اوسع ولا يقف عند حد او نقطة معينة ولهذا يمثل مشروع وطن بكامله.
لايمكن ان نتناسى دور المجلس الاعلى الريادي في ايام المعارضة وكفاحه ضد سطوة البعث الصدامي وحمله لهموم الشعب العراقب وما قدمه في هذا السبيل من تضحيات جِسام وايضاً دوره بعد احداث التاسع من نيسان لعام 2003 في ارساء الديموقراطية في عراق ما بعد صدام حسين، بما يمثله من ثُقل ولاعب رئيس في بناء دولة العراق الجديد.

تيار الحِكمة الوطني ليس وليد اليوم ولم يكن تاريخه في الرابع والعشرون من شهر تموز من عام 2017 ميلادية، وانما عمره ما يقارب المائة عام فجمع خصلتين بين الإرث المتمثل بالماضي الذي زرع بذوره مرجع الطائفة محسن الحكيم “قده” وامتد الى ابنائه ومريديه في مواجهة الاستبداد والطغيان وجور الانظمة ومكافحتها و بين الحاضر في رسم صورة المستقبل للاجيال في بناء الدولة وفق المسارات الوطنية والخُلق الاسلامي الرفيع في دولة المواطنة التي تتطلع اليها الاجيال للعيش في كنف دولة عصرية عادلة قائمة على اسس العدل والمساواة في الحقوق والواجبات وعدم التمييز بين هذا المواطن وذاك.

الجود بالنفس اقصى غاية الجود، وهذه ليست الاولى على رجال آل الحكيم ان يأثروا بانفسهم لأجل الغير والشواهد كثيرة على ذلك، فمنذ نعومة اظفارهم في هذا الخط فدمائهم وتضحيات هذه الاسره شاهد عيان على تاريخ العراق والعالم ولايسعنا التطرق الى ذِكرها لكثرتها.
خرج الحكيم منتصراً بلواء المجد والعنفوان ليفسح الطريق امام شركاءه في العمل السياسي مضحياً بذلك بمسيرة جهاد وكفاح عمرها عقود من الزمن لكي لا يكون عقبة بوجه اي كيان سياسي او رمزاً في ان يأخذ دوره في المساهمة في تلبية نداء الوطن و تطلعات الشعب العراقي، هذا هو الايثار بالنفس من اجل الاخر الذي يستحق ان ترفع لِأجلهِ القُبعة.