23 ديسمبر، 2024 5:39 ص

خرجوا رغماً على أنفك

خرجوا رغماً على أنفك

الهروب الجماعي الذي حصل يوم امس من سجني ابو غريب والتاجي لكبار قادة تنظيم القاعدة الارهابي، والذي تزامن مع استمرار عمليات التفجير والقتل والتهجير التي تحصل كل يوم في هذا البلد الجريح المظلوم، هو عبارة عن سلسلة متواصلة للفوضى والدمار والخراب الذي يشهده العراق، طيلة كل هذه الفترة من عمر حكومة الرئيس المالكي.
والغريب في الامر ان الواقف على سدة الحكم، لازال يبرر لاخطاءه وهفواته، ولازال ايضا لا يعترف بالتقصير، او قل تنزلا القصور، بل نراه يظهر كل يوم بحجج جديدة، يحاول من خلالها كما هي عادته في مثل هكذا فشل، ان يذر الرماد في العيون، ويُعلّق اخطاءه المتتالية على شمّاعة هاوية، بل اصبحت من نسج الخيال.
وفي الحديث عن الهروب الكبير، بودي ان اسال عدة تساؤلات تخص هذا الموضوع، فمثلا اسال: كم صرفت الحكومة من الاموال من اجل القاء القبض على هؤلاء؟، وكم كانت الفترة الزمنية التي تم خلالها القاء القبض عليهم؟، وكم صرف من جهد استخباراتي من اجل مراقبتهم ومتابعتهم؟، وكم صرفت ارواح من اجل ملاحقتهم والقاء القبض عليهم؟، وكم من رجال الدولة قد تم تعيينهم لهذا الغرض؟، واسئلة عديدة وكثيرة اخرى تتمحور حول هذا الموضوع، ومع كل ذلك، ترى انه وبلحظة بسيطة، وبرمشة عين، يخرج هؤلاء المجرمون من السجن عنوة، وبالقوة والاكراه، وعلى رغم انف الجميع، وليس هذا وحسب، بل يقتلون الحراس المساكين ويعيثون الفوضى في المكان، والحكومة نائمة على اذنيها، مُصرّة على اقناع الناس باكذوبتها المتكررة فرض القانون وبسط الامن.
وهنا ارجع للسؤال من جديد، ولكن بخصوص موضوع اخر واقول: كم من الشرفاء الذين لا زالوا الى الان يقبعون تحت الزنازين من ابناء المقاومة ممن لم تتلطخ اياديهم بدماء الابرياء والذين كانوا ضحايا للتنافس والتسقيط السياسي بين القوى الشيعية مع شديد الاسف؟.
الا يستحقون ان يطلق سراحهم؟، وان يرجعوا الى اهاليهم؟، وان يمارسوا حياتهم الطبيعية؟، لا يقولن احد من المعترضين ان القانون لا يسمح بذلك، او ان بعضهم ملطخة اياديه بدماء الابرياء، كلامي واضح ولا يحتاج الى التحليل، اقول ابناء المقاومة الابرياء حصرا، وممن تمت محاكمتهم تحت الصراع السياسي، واخص منهم بالذكر ابناء مدينة الديوانية المظلومة.
فهؤلاء الشرفاء ممن حموا البلد ورفعوا راس المذهب، لم يطالب احد بحقهم سوى قيادتهم واخوتهم فقط، فلا المرجعية الدينية على مختلف مسمياتها وبلدانها طالبت بحقوقهم والافراج عنهم، ولا القادة الدينيين ولا القادة السياسيين ولا الشعب ولا اي جهة اخرى مؤسساتية او اجتماعية او انسانية، مع شديد الاسف.
وبين هذا وذاك ترى ان الطامة الكبرى في وزير حقوق الانسان الذي بدلا من ان يطالب باحترام حقوق الانسان للمعتقلين والمطالبة بالتعجيل بفرز قضاياهم ومنع تعذيبهم خرج من صمته المتعمد ازاء ذلك وانتقد اغلاق البارات والملاهي والمراقص في الكرادة، فكان مصداقا للحكمة ( صمتَ دهراً ونطقَ كُفراً).
والاغرب في القصة ان دولة الرئيس وبشكل غريب غير متوقع واظنه لضرورات امنية، سارع الى افتتاح مشروع المياة في شرق بغداد، بعد نصف يوم على ما جرى من احداث سجني ابو غريب والتاجي، وكأنَّ شيئا لم يكن في نظريته الاهمالية المعتادة، والتي يراها نافعة تجاه مجموعة من الساذجين ممن يُصوّرونه انه مُخلّص الشيعة ومختار العصر وحامي حمى المذهب وغيرها من الالقاب التي يبغي من خلالها تغطية صورته المشوّهة المليئة بالفشل في ادارة هذا البلد والتي سيكتب عنها التاريخ يوما ما بأحرف من خجل.