23 ديسمبر، 2024 9:13 ص

الكهرباء مقطوعة، نهار صيفي يشبه الى حد ما مانوعد به من حرارة جهنم ولهيبها، المرتب الشهري انتهى بعد عشرة ايام نتيجة لعبقرية الاقتصاديين الذين افتوا بخصم مرتبات الموظفين، الزوجة جدا مزعجة وهي تتقاسم مع الحياة وصوله الى هذه المرحلة من  تدهور الاعصاب، الامراض التي تعتريه وعدم قدرته المالية على الذهاب الى الطبيب  امر آخر يشكل عامل ضغط مهم، المدينة المكتظة التي يسكنها لاتتيح له نافذة امل واحدة يطل منها على الحياة، الزقاق الذي يمثل خليطا غير متجانس ، حديثو النعمة من الذين يملأون الطرقات بسياراتهم الفارهة، رئيس الوزراء ومايمثله من نقمة كبيرة ستحصد ثمارها الاجيال المقبلة، اللصوص في كل مفصل من مفاصل الدولة، النواب والوزراء، الرؤساء الثلاثة، انتهى به الامر الى الجنون فراح يذرع الشوارع ويصيح باعلى صوته: خربها ابن الكلب، لم يعره احد اهتماما في بداية الامر، كان المارة يعاملونه كأي مجنون، ومنهم من قدم اليه سيكارة وتركه مع السباب الذي تلوكه شفتاه، لكن شرطيا احمق اقترب منه، واخذ يؤنبه، لماذا تشتم الناس، هل انت مجنون حقا، ام انك تدعي الجنون، انا اعقل منك بكثير، على الاقل انا لا احمي من ظلمني، كلمة من هنا وكلمة من هناك اشتبك الاثنان بالايدي، ونقل رياض الى سجن التسفيرات، ولم تكن الدعوة مشاجرة مع النظام، وانما التهجم على النظام بشخصيات سياسييه والقائمين على الامر، لم تكن المادة القانونية واضحة، حيث كانت التهمة في زمن النظام السابق جناية بحسب تعديلات القانون آنذاك، ومن الممكن ان تصل عقوبتها الى الاعدام.بعد عام 2003 عادت قضية القذف والسب والشتم جنحة عادية ربما تصل الى الغرامة، او السجن 30 يوما وباقصى حدودها تصل الى السنة، بقي في السجن عاما كاملا، ولم يستطع ان يكلف محاميا للدفاع عنه، فالافلاس يحيط به من كل جانب، قدم شكاوى متعددة وحاول عدة مرات ان يصل الى نتيجة بتقديم محاكمته، حتى جاء يوم المحكمة بعد سنة طويلة اتت على عقله بالكامل وكان الحوار مع القاضي اكثر جنونا:
القاضي: من هو ابن الكلب؟
المتهم: الذي خربها
 القاضي : ومن الذي خربها؟
المتهم : ابن الكلب
القاضي : ومن هو ابن الكلب؟
المتهم: الذي خربها
دام وقت المحكمة اكثر من ساعتين كان مليئا بالضحك والبكاء معا، لم يستطع القاضي به ان يصل الى نتيجة مع المتهم، فسلم للامر، وقال له: كم لبثت في السجن؟ قال: سنة كاملة، هل تستطيع ان تدفع غرامة؟، انا مفلس تماما، ولمن سادفع الغرامة؟
 قال القاضي مع ابتسامة مخفية: ستدفعها لابن الكلب.
 فسأله المتهم: ومن هو ابن الكلب؟
 فقال القاضي: الذي خربها.
 فاعاد المتهم السؤال: ومن الذي خربها؟
 فقال القاضي: ابن الكلب.
ضحكت هيئة المحلفين وضحك القاضي وضحك المتهم، وراح كل منهم يسأل الآخر:
من هو ابن الكلب؟
فيجيب الآخر: الذي خربها.
ومن الذي خربها: ابن الكلب
واستمر الامر على ماهو عليه، غادرت المحكمة بعد ان يئست من الوصول الى نتيجة، ولم اكتب سوى: خربها ابن الكلب: واعود لاسأل نفسي: من هو ابن الكلب؟ واجيب: الذي خربها، وخرجت الى الشارع اصرخ باعلى صوتي: خربها ابن الكلب.