23 ديسمبر، 2024 11:12 ص

خدمة المجتمع كعقوبة للمخالفات القانونية

خدمة المجتمع كعقوبة للمخالفات القانونية

العقد الاجتماعي هو تنظيم اداري وقانوني لحياة الافراد في اي مجتمع يقر فيه هذا العقد وتختلف العقود الاجتماعية تبعا لاختلاف المستويات الفكرية وحالة الوعي العام لدى الافراد فالعقد الاجتماعي في سويسرا ليس هو ذاته العقد الاجتماعي في اليمن كمثال للفرق بين المنظومتين من حيث تركيبة المجتمع ونوازعه وتقاليده ومحدداته ،،،
الغاية من كل العقود والقوانين هو تنظيم حياة الفرد وحفظ حقوقه وكرامته فعندما يخل اي فرد من الافراد بالقانون فهذا يعني انه خرق الميثاق بينه وبين المجتمع وضربه عرض الحائط وبالتالي يجب على المجتمع وفقا الى العقد الاجتماعي مسائلة الفرد على فعلته واتخاذ الاجراء القانوني بحقه لردعه وزجر غيره على اعتبار اننا غادرنا حياة الفوضى والقبيلة  الى حياة التنظيم والمجتمع ،،،

 في بلادي عندما يتهرب الفرد  من تسديد الضرائب للمجتمع فان المجتمع يناصره ويشد على يديه ويعتبره فارسا شجاعا استطاع ان يتملص من قبضة الدولة فتراهم يضربون به الامثال اينما قاموا ومحل ما قعدوا وكأن الضرائب التي تستحصلها الدولة  من مواطنيها ستذهب الى خزينة دولة اخرى !!! 
وفي بلاد غير بلادي عندنا يتهرب الفرد من دفع الضرائب فأن المجتمع يزدريه ازدراء القاتل الذي اجرم بحق المجتمع لذلك لانستغرب عندما تثبت الاحصائيات ان اغلب حالات كشف الاحتيال الضريبي تتم عن طريق  البلاغات المقدمة الى  مصلحة الضرائب من ذوي المتهرب من اصدقاء وجيران وشركاء ((عندما يبلغ صديقك وجارك عنك تتهمه بطعنك في الظهر لكن كيف تريد ان يكافئك المجتمع على طعنك اياه بالظهر من خلال تهربك من دفع الضرائب)) اخذنا الضرائب كمثال على الالتزام بالقانون

تبنى المجتمعات بالانتماء الى المجتمعات ويبنى الانتماء من خلال الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع وتبنى المسؤولية من خلال اداء كل فرد واجبه تجاه المجتمع الزامآ وطوعا ؟؟

 في بلادي عندما تخالف قواعد السير المروري في بلادي فأنك تدفع مبلغ من المال لا يكافىء حجم الضرر الذي تسببت به للمجتمع ومن يملكون المال كثر في بلد يصنف على انه مرتع للفساد والمفسدين لذا نجد ان المخالفات لاتنتهي فالغرامات لا تردع المخالف ليس لانها قليلة بل لان فلسفة العقد الاجتماعي غير مفهومة بالنسبة لنا
في بلاد غير بلادي عندما تخالف قواعد السير  تحاسب لانك هددت امن وسلامة ونظام المجتمع  وخرقت العقد الاجتماعي لذا فأنك بحاجة الى توكيل محام بارع ليدافع عنك امام المدعي العام (ممثل المجتمع ) وان حالفك الحظ ونجوت من السجن او سحب رخصة القيادة فمؤكدا انك لن تنجوا من خدمة المجتمع وهي الحد الادنى لأي  فرد مخالف لنظام المجتمع وقوانينه
خدمة المجتمع هي عقوبة لايراد منها اذلالك بقدر ما يراد منها اخضاعك للقانون من خلال الاحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع فعندما يطلب منك القاضي خدمة المجتمع لمدة ٢٥٠ ساعة خلال عام فيتوجب عليك مراجعة الهيئات الاجتماعية المخصصة لهذا الغرض والتي تفرض عليك عادة تنظيف الشوارع اوطلاء الارصفة اوتنظيم حركة السير امام المدارس الثانوية او تشذيب الاشجار في المدن اوتنظيف البحيرات والمتنزهات  او غيرها مهما كان منصبك ومهما كان مركزك الاجتماعي !!
سؤال الى من يقرأ  عندما تخدم المجتمع بهذه الطريقة ماذا ستكون نتائج الخدمةعلى ذاتك وعلى المجتمع ؟
هل ستخرق القانون بعد هكذا عقوبة ؟ ام ستحض الناس على الالتزام بالقانون ليس من منطلق قوة القانون بل من منطلق فهمنا ان القانون ليس اكثر من اداة لتنظيم حياتنا وتسيير شؤوننا
نحن بحاجة الى الانتماء والى الاحساس بمسؤولياتنا تجاه المجتمع من خلال خدمة المجتمع  وهذا سينعكس ايجابا على تنظيم حياتنا والخفاظ على ارواحنا وممتلكاتنا من العبث والتخريب على ايدي من لا يحترمون العقود الاجتماعية والقوانين