رغم ان الجميع يعرف ان غالبية سياسي ما بعد ٢٠٠٣ غارقين في الفساد حتى آذانهم … إلا أن ما فعله خالد العبيدي في البرلمان كان زلزالاً لن تتوقف تردداته و نتائجه عن التأثير و التفاعل لفترة ليست قصيرة … ليلة سقوط الموصل كان خالد العبيدي يسير في شارع الفاروق وسط الموصل في الساحل الأيمن و بيده بندقيته و الى جانبه أثيل النجيفي حاملاً بندقيته هو الآخر مع عدد قليل من المرافقين المسلحين و هم على بعد مئات الأمتار من عناصر داعش الذين دخلوا الساحل الأيمن و هذا موثق بالصوت و الصورة و قبل ساعات من سقوط المدينة … بينما كان ضباط الجيش المكلف بحماية الموصل من أي مخاطر منشغلين بِإزالة الغبار عن النجوم و التيجان التي تملأ أكتافهم و التي ألقوها لاحقاَ على الأرض و لبسوا الدشاديش ! و كأنهم موجودين في الموصل من أجل إضطهاد أهلها و استفزازهم فقط و ليس للدفاع عن المدينة عند الحاجة … الجلسة البرلمانية في الأول من آب كان بطلها وزير الدفاع خالد العبيدي بلا منازع …
الرجل تكلم بثقة و شجاعة و حرفية إعترف بها خصومه ، و إن على مضض ، قبل أصدقائه … بعد أن وضع طينتهم في خدهم كما يقول المثل بدأً من سليم الجبوري و الآخرين الذين ذكرهم الوزير …
سليم الجبوري ترك كرسي الرئاسة مرغماً بعد أن أحس أنه سيصبح مسخرة لو إستمر في إدارة الجلسة و هو متهم بالفساد بِأكثر من موضوع و قضية … حنان الفتلاوي الفاشلة في استجوابها الأول لوزير الدفاع أرادت أن تعوض ذلك الفشل .. تركت كرسيها و توجهت الى منصة الاستجواب كي تستعرض وجودها أمام البرلمان و الكاميرات فكان العبيدي يرمقها بنظرات الإستهزاء و كأنه يُذكرها بخيبتها في الإستجواب الأول … محمد الكربولي لم يجد ما يرد على ما ذكره عنه الوزير من حقائق سوى الصراخ محاولاً التشويش على الوزير الذي عرف كيف يسكته ببضعة كلمات …
عالية نصيف صاحبة الأستجواب التي صدعت رؤوسنا بملفات الفساد على وزير الدفاع إتضح من خلال الإستجواب مدى هزالة أسئلتها و جهلها لكثير من الأمور خاصة العسكرية و الفنية مما جعلها تبدو و كأنها قد تورطت في هذا الإستجواب الذي كانت متلهفه عليه منذ وقت طويل كما تقول هي ، و كانت تُمني نفسها بالإطاحة بالوزير في هذا الإستجواب فكانت النتيجة أنها هي من أُطيح بها و لو نفسياً و معنوياً و أمام الملايين و دليل ذلك بكائها في لقاء معها على احدى القنوات الفضائية حين تطرقت لما جرى في جلسة الإستجواب …
عالية نصيف التي تتباهى باستخدام الحذاء مع خصومها تبكي لإن خالد العبيدي جعلها إضحوكة للعراقيين لأنها دست أنفها في ما لا يخصها .
ما حصل في جلسة الأول من آب كان ساخناً و كأنه يريد أن يتناغم و ينسجم مع سخونة الشهر اللاهب … لنأتي الآن على سلوك برلماني ( دولة القانون ) في هذه الجلسة … في البداية كانوا متفرجين على ما يجري ثم مستمعين و لكن مستمعين مشدوهين لما يقوله خالد العبيدي من فضائح و عقود فاسدة في وزارة الدفاع حالياً و سابقاً خاصةً إذا عرفنا أن ميزانية وزارة الدفاع ميزانية ضخمة جداً يسيل لها لعاب اللصوص و الفاسدين … برلماني ( دولة القانون ) كانت أيديهم على قلوبهم خوفاً من استرسال العبيدي في الكلام و تكبر كرة الثلج لتصل الى الكشف عن عقود الفساد للسنوات الثماني التي كان فيها نوري المالكي وزيرا للدفاع أبان فترة حكمه رئيساً للوزراء … لذلك أرادوا تأجيل إكمال الإستجواب لاحقاً بعد أن أدركوا أن خالد العبيدي ليس لديه خطوط حمراء يتوقف عندها … بل على العكس كان لديه ثقة كاملة و إصرار متواصل على استمرار الإستجواب و هذا مؤشر على أنه يمتلك أدلة دامغة على فساد من ذُكرت أسمائهم … نواب ( دولة القانون ) عرفوا أن النار ستصلهم إن لم يتوقف خالد العبيدي عن الكلام خاصة ان نوري المالكي الفاسد رقم ١ في العراق … طلب الإيراني علي الأديب الكلام فقال ان من الأفضل ايقاف الإستجواب و تأجيله الى وقت لاحق و كانت هذه إشارة لبقية نواب دولة القانون كي يطالبوا بتأجيل الإستجواب و هذا ما حصل حيث تكلم عباس البياتي صاحب نظرية الإستنساخ المعروفة مطالباً بتأجيل الإستجواب ثم تلاه الدانمركي علي العلاق الذي تكلم بعصبية لافته طالباً التأجيل واقفاً و هو يصرخ على عالية نصيف كي توقف الإستجواب كون ذلك من حقها و التي بدورها أصرت على تكملة الإستجواب … و لم يكن بالامكان فعل غير ذلك لإنها أصبحت بين نارين … نار تأجيل الإستجواب و هو غير ممكن لأنه سيمثل تراجعاً منها حتى و إن غضب عليها نواب دولة القانون بعد أن أنتظرت شهوراً كي يحصل الإستجواب … و النار الأخرى هي نار خالد العبيدي الذي تمسك بتكملة الإستجواب كي يكشف ضحالة أسئلة عالية نصيف التي وجدت أمامها رجلاً يعرف قيمة كل كلمة يقولها .
و بالعودة الى سليم الجبوري و الذي وجد نفسه في موقف مرتبك طالب بتشكيل لجنة تحقيقة جوبهت بالرفض الفوري من قبل النواب ثم عاد يطالب بتحويل المسألة الى القضاء و هو يعرف جيداً أن عنق القضاء المقبوض عليه من قبل حامي الفاسدين و المجرمين مدحت الملعون و بجرة قلم قادر على أن يُبرأ المجرم و يُجرّم البريء .
شكراً لك خالد العبيدي … لقد ألقمتهم حجراً في أفواههم و ناراً في بطونهم .