19 ديسمبر، 2024 12:09 ص

خاشقجي وحرية الرأي والتعبير لدى آل سعود

خاشقجي وحرية الرأي والتعبير لدى آل سعود

وأخيرا اعترفت المملكة بعد ان تأكدت بان العالم لم يعد يقتنع بما تقول والإصرار الشديد من الجانب التركي على ان خاشقجي قد قتل,بان مواطنها قد قضى نحبه داخل مبنى القنصلية وليس كما كانت تدعي بأنه خرج منها بعد ان انجز معاملته,التأخير في الاعلان عن الجريمة محاولة لكسب الوقت وشراء ذمم (الدخول في صفقة مع تركيا او امريكا او كليهما),القول بأن وفاته كانت نتيجة عملية مشاجرة لا يصدقها العقل,الرجل ذاهب لغرض انجاز معاملته,ولا نعتقد انه في وارد مشاجرة كم هائل من البشر اتوا خصيصا له,المشاجرة في اسوأ الاحوال لن تفضي الى القتل بل الى رضوض وكدمات يمكن علاجها.
كم هي سخيفة تلك الجولة الصحفية التي رتّب لها وقادها قنصل المملكة داخل اروقة القنصلية والأكثر سخافة واستهتار بعقول الصحفيين ومن خلفهم الجمهور الكبير,قيامه بفتح ادرج وخزائن المكتب وكأنهم يبحثون عن شيء صغير الحجم ليس بحجم رجل!. الرجل بدى شاحب الوجه وقد جفت شفتاه فلم يعد يقوى على الحديث. ترى ما موقف شقيق الامير سفير المملكة في واشنطن عندما قال بان المملكة حريصة على سلامة ابنائها وان الحديث عن قتله هو نوع من الشائعات المغرضة؟ بالطبع إلا اذا اعتبرت السلطات ان المعارضين او اصحاب الرؤى المتباينة مع النظام لم يعودوا مواطنين.
لقد اثبتت واقعة القتل بان ابن سلمان يسعى الى تصفية خصومه السياسيين وليس التحاور معهم,وانه جد بعيد عن الاصلاح الذي اوهم به البعض,فقيادة المرأة للسيارة ماهي إلا ذر للرماد في العيون لما هو آتٍ من التضييق على الحريات الشخصية وبالأخص حرية الرأي والتعبير وإحكام السيطرة على كافة الامور أي ان النظام سيكون اكثر ديكتاتورية من ذي قبل.
الرجل قتل باعتراف ولي الامر,قضي الامر اذًا,ولكن اين الجثة ولماذا تم اخفائها لما يزيد عن اسبوعين ؟هل يريدون الاحتفاظ بالجثة كاملة من خلال تحنيطها وعرضها بأحد السرادق الملكية على غرار فراعنة مصر فلكل دولة عظماء؟ ام تم تقطيعها الى اشلاء,ومن ثم وضعها في حقائب من اتوا للتحقيق معه لإخفاء معالم الجريمة؟ام تم تذويبها بواسطة مادة الاسيد ووضعت بشبكة الصرف الصحي؟ ام الاحتفاظ بالمحلول للذكرى؟ للدلالة على مدى نذالة الفاعلين وان كانوا يرونها عملا جبارا يستحق التخليد.
خاشقجي عمل مستشارا في عديد المواقع الحكومية وأيد دور بلاده في الربيع العربي,لكن دولته لم تحتمل تغريداته التي وان اتت على هيئة نصائح,لم تشفع له سنوات عمله في اروقة الدولة, فالملك المرتقب ظل الرب في الارض وليس في حاجة الى نصائح من أي كان فما بالك بمن يعتبرونه سوقه,يساق ولا يسوق,لقد كان بإمكان السلطات السعودية ان تتعامل برفق مع من اعتبر نفسه انه ليس معارضا للنظام ومن ثم ارجاعه الى سابق نهجه المؤيد لها,ولكنها النفس الامارة بالسوء,المحبة للتسلط,الموغلة في احتقار البشر.
ترى ما موقف الدول الغربية وأمريكا على وجه الخصوص التي مهدت له الطريق للوصول الى السلطة وإزاحة من كانوا في طريقه؟هل ستواصل التعامل معه وتعتبر ما جرى شان داخلي؟ ام ان الامور ستسير نحو المزيد من الابتزاز للأسرة الحاكمة التي تعتبر البقرة الحلوب على مدى عقود لتحريك عجلة الانتاج ببلدانهم وخفض مستوى البطالة؟ ام انها ستسعى الى معاقبة الامير تحت وطأة الضغوط المحلية بها حيث الرأي العام الذي اصبح مدركا لبشاعة الجرائم التي ترتكبها الاسرة الحاكمة بحق رعاياها منذ ان اعتلت السلطة,بالطلب الى الملك بإزاحته وان بشكل مؤقت؟ ام انها ستكون البداية لإزاحة الاسرة الحاكمة,ويداهم المملكة الربيع العربي الذي شاركت فيه وبكل ثقلها لتتذوق طعمه؟ هل التضحية بالعسيري والقحطاني وغيرهما (اكباش فداء) تكفي لإسدال الستار عن الجريمة؟اسئلة في حاجة الى اجوبة المؤكد ان مقبل الايام ستكشف عنها.
يبقى حريا بنا ان نتوجه بجزيل الشكر والتقدير على الدور الفاعل المنقطع النظير الذي لعبه الاعلام التركي في اظهار الحقيقة واجبار آل سعود على الاعتراف بجريمتهم النكراء,ونتمنى ان يستمر في كشف المزيد من الملابسات لتبيان الحقيقة,والخزي والعار لذاك الاعلام الذي ظل يدافع عن تصرفات آل سعود واعتبارهم منزهين لا يرقى الشك اليهم.