انتخابات البرلمان العراقي والمزمع إقامتها في 30 نيسان 2014 لن تُغير في الخارطة السياسية كثيراً بالرغم من الأصوات المنادية للتغيير والتي ارتفعت كثيراً بسبب الفشل الحكومي طوال السنوات الأربعة الماضية.
والمتتبع للقوائم التي دخلت المعترك السياسي يجد ان القوائم الرئيسية التي تتصدر المشهد السياسي في الاربع سنوات الماضية هي نفسها التي دخلت بقوة في هذه الانتخابات (دولة القانون والتيار الصدري والمواطن والعراقية بعد ان تجزأت الى ثلاثة كتل هي الوطنية ومتحدون والعربية والائتلاف الكردي) والذي حدث هو تغيير بسيط في الوجوه، فسيذهب زيد ويأتي عمرو وأجندات الكتل لن تتغير لأن المعروف لجميع العراقيين بأن النائب في البرلمان العراقي لايملك الارادة الكافية للقرارات والتصويت الا بعد الرجوع الى كتلته التي ينتمي اليها وبتعبير آخر ان البرلمان العراقي يتم تسييره من قبل رؤساء الكتل المتنفذة ويتم تمرير القوانين المهمة بموجب اتفاقات تجري وراء الكواليس يجري بموجبها توافقات وتسويات على حزمة من القوانين سوية, فهذا القانون تتبناه الكتلة الفلانية وذاك القانون تتبناه الكتلة الأخرى وهكذا تتم عملية إمرار القوانين وفقاً لمصالح الكتل وأجنداتها وليس من أجل صالح الوطن, ولا أريد الإطالة في هذا الجانب لأنه أصبح من البديهيات التي يعرفها المواطن العراقي.
المهم لن تتغير الخارطة السياسية كثيراً سوى بعض الكتل الجديدة التي ظهرت على الساحة بقوة مثل التحالف المدني الديمقراطي الذي يمثل التيار العلماني والذي إنضوت تحته اربعة أحزاب ويضم نخبة طيبة من المثقفين والأكاديميين والإعلاميين , ويراهن هذا التكتل على ملل قسم كبير من الناخبين من الأحزاب الدينية ورغبتهم بالتيارات العلمانية من أجل التغيير, وفي اعتقادي سيحصل هذا التكتل على أصوات لابأس بها ولكن لن يصل الى مستوى الكتل الخمسة المتنفذة وبالتالي سيبقى الوضع كما هو عليه. تبقى مسألة مهمة هي منصب رئاسة الوزراء والذي هو من حصة التحالف الوطني وهذا الأمر لايستطيع أحد من التوقع الدقيق حوله لأن كتل التحالف الوطني لحد الآن ترفض إعطاء هذا المنصب الى كتلة دولة القانون بسبب التقاطعات والخلافات العميقة معه وتم تهيئة مرشحين من كتلة المواطن وكتلة الأحرار ومرشح آخر من احدى الكتل
الأخرى في التحالف ولكن نتائج الانتخابات هي التي ستحدد الى من سترجح الكفّة لأن دولة القانون تتبنى مبدأ الأغلبية السياسية لتشكيل الحكومة القادمة وهذا في اعتقادي غير ممكن لأن تحقيق الخمسين زائد واحد صعب جداً في ظل المشهد السياسي الحالي علماً ان الأغلبية السياسية هي المنقذ الوحيد لوضع البلد لأنها ستخلق معارضة حقيقية داخل البرلمان تمكنها من تقويم عمل السلطة التنفيذية بشكل صحيح لأنها خارج الحكومة وهذا هو الوضع السليم وما معمول به في جميع برلمانات العالم,أما ان تكون مشارك في الحكومة بعدد من الحقائب الوزارية وتمارس دور المعارضة فهذا مالايقبله العقل السليم ولايساهم في حل أية مشكلة ويزيد الطين بلّة.
الأيام القادمة ستكون حبلى بالأحداث وننتظر جميعاً نتائج صناديق الاقتراع لتبدأ بعدها الدوامة الجديدة من المحادثات العقيمة لتشكيل الائتلافات وتشكيل الحكومة ومن الطبيعي ستأخذ أشهر طويلة تتوقف فيها الحياة ويتوقف فيها الاقتصاد ويتحمل نتائج التأخير بالدرجة الاولى المواطن العراقي الذي دائماً مايتحمل أخطاء السياسيين.