لم تكد الدعايات الانتخابية في اغلب بلدان العالم تختلف من هذا البلد الى ذاك سواء في المفاهيم او التطبيقات رغم ان الدعاية باتت اليوم فنا وعلما تدرج في التطور مع التقادم الزمني ، لكن المحصلة النهائية لهذه الدعاية تهدف بالاساس الى تشكيل راي عام يستجيب للبرامج الدعائية وينحاز اليها وربما يصل الحال الى الدفاع عنها ، الا ان قضية خلق القناعات لدى جمهور الناخبين تبقى محور الرسالة الدعائية التي يبحث عنها اصحابها .
واليوم عندما بدأ صراع 277 كيانا سياسيا لشغل 328 مقعدا في مجلس النواب العراقي فانه اي الصراع الانتخابي والسياسي لم يعتمد شيئا من علم الدعاية الانتخابية في التعامل مع جمهور الناخبين ، بل ان اساليب الانتخابات الماضية تواصلت مع اجواء اليوم وكانها امتداد لتجارب انتخابية سابقة وسيادة المفهوم الفاشل الذي يؤمن به البعض او ربما الكل بان الدعاية الانتخابية هي مجرد لصق صور استعراضية لشخص المرشح مع لافتة جميلة تحمل شعارا جذابا .
واذا تجاوزنا اسباب اخفاقات الماضي فان مسألة افتقاد البرامج السياسية المحددة في الدعاية الانتخابية قد اربكت توجهات الناخب وصعبت عليه عملية الاختيار ، ودفعته الى الاختيار العشوائي وبدون وعي لكي تكون الممارسة في النهاية مجرد اسقاط فرض ليس الا .
وتعتمد كل الكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات شعارات وطروحات انية تتصل مباشرة بمفاصل الحياة اليومية للمواطن والتي شخصت المسيرة المنصرمة مدى الحاجة اليها عسى ان تدغدغ مشاعر الناس والتي تمثل هي بالحقيقة احتياجات انسانية وحياتية فشل السابقون في تجسيدها على الارض .
ومن هذه الشعارات والطروحات التي باتت صفة مشتركة لدى الجميع سابقا وحاضرا وربما مستقبلا هي اسكان الفقراء ، الغاء البطالة ، رفع القدرة الشرائية للمواطن ، التعهد بتوفير الخدمات ، التعهد بمكافحة الفساد وتوفير الامن ، وغيرها من مطالب الشعب المشروعة .
وازاء تجارب الماضي ونتائجها وما جنينا من ثمارها يتضح بما لا يقبل الشك ان المرشح يدعي اليوم بانه خادم للشعب ، الحريص على ايقاف معاناته ومسح دموع البؤساء وزرع الابتسامات على شفاه الاطفال ، لكن الحقيقة المرة التي تراود الجميع هي ان المرشح يبحث عن شعب يعينه في موقع المسؤولية تحت ستار ( الديمقراطية ) ، وما ان حط رحاله على الكرسي المنتظر سرعان ما ينسى من صيروه مسؤولا او يتناسى ذلك بعد ان انفتحت امامه سبل جديدة للحياة لم تكن تمر بباله حتى في الاحلام .