22 نوفمبر، 2024 10:38 م
Search
Close this search box.

حِفظُ الْقُرْآن بَيْنَ الإعّْجازِ والإّنكارِ …الرَّدُ الُّمّفِحمُ عَلَى دّعّاوي الُمّنكِرينَ – 2

حِفظُ الْقُرْآن بَيْنَ الإعّْجازِ والإّنكارِ …الرَّدُ الُّمّفِحمُ عَلَى دّعّاوي الُمّنكِرينَ – 2

تَناولنْا فِي الجُزءِ الأوُلِ مِنْ هَذا المقالِ الوَسيلةَ الأَولى فِي حِفظِ القُرآنِ المُتمثلةِ بحِفظِ حياةِ النبيّ الكَريِم وسَنَتناولُ في هَذا الجُزءِ الوسيلةَ الثانيةَ والمتمثلِة بجَعلِ القُرآن الكريمِ ذِكراً وفيِهِ تَحْدٍ مفتوحٌ أُعِلنه أَمَّامَ الملأ لكُلِ مُعاندٍ للقُرآنِ الكريمِ .
إنَّ القُرآنَ الكريم أُطلِق عليهِ فِي هذهِ الآيةِ  {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9 بــــــ (الذِكر) فلِما سُمّيَ بــ (الذِكر) ولِما لمْ  يُطلَقْ عليهِ الكِتاب أو القُرآن أو أيةِ كَلِمةِ أُخرى تُشيرُ إليهِ َفلا بُدَّ مِنْ وجودِ حِكمةِ ألهيةٍ فِي هَذا ؟! وَقَدْ يَتبادرْ إلى الذِهنِ سؤالٌ
آخر ألا وهُوَ إن التوراة هي أيضاً مِن الوحي وغيرهُ مٍنَّ الكُتبِ السّمَاويةِ الَّتِي أُنزِلتْ على الأنبياءِ فِلماذا لمْ تُحفَظْ تِلكَ الكُتب بِما إنها وحيٌ من اللهِ تعالى ؟!
إنَّ الجوابَ على هذينِ السُؤالينِ هُوَ جوابٌ واحدٌ لأن اللهَ تعالى قالَ عنْ القُرآنِ الكريم بِأنهُ الذكر وهُوَ الذِكرُ الدائمُ غيرُ المُنقطعِ أَمَّا  التوراةُ على سبيلِ المِثالِ فقَدْ كانَتْ أيضاً ذِكراً ولكِنْ ذِكراً لمرحلةٍ منْ مراحِلِ الزمنِ وبعدَ أنّْ أنتهى دورُ التوراةِ أُنزلتْ مِنْ مرتبةِ الذِكرِ وتعرضَتْ إلى التحريفِ لأن الحِفظَ مُرتبِطٌ بالذِكرِ ولأنّْ كلمةَ الذِكرِ تدِلُ على معانٍ عِدة أولها الشرفُ والرِفعةُ فقَدْ قالَ اللهُ تعالى {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ }ص1 وقَدْ كانَتْ التوراةُ مِن قبلُ ذِكراً أي شرفاً لبني اسرائيل ولكن لّمّا إنتهى زمانها تعرضتْ إلى التحريفِ وخيرُ دليلٍ على ذلكَ إن اللهَ تعالى وللحكمةِ الإلهيةِ أعلاه لمّْ يُشّرْ إلى أنه بنفسهِ قَدْ حَفِظَّ الكُتبَ السّابقةَ بَلْ أكالَ عمليةِ حِفظّها إلى بشرِ إذْ قالِ في مُحّكمِ كِتابهِ الكريمِ  {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }المائدة44 فمسألة حِفظُ التوراةِ أرتبطتْ برجالٍ لهُمْ مراتبُ دينيةٍ مُختلفةٍ وهُمْ الأنبياءُ والربانيون والأحبارُ الَّذِينَ يتولونَ حِفظّها ولكنَ هَذا الحِفظَ سيزولُ بعد ان تَنّتهي طبقةُ الأنبياءِ مٍن بني إسرائيل ببعثةِ المسيحِ عليه السلام وإنتهاءِ طَبّقةِ الربانيةِ بَعدَ أن نكثتَ بني إسرائيل عهُودَ اللهِ فأفضى بالنبوةِ إلى أبناءِ عمومتِهم من أبناءِ ِإسْمَاعِيلَ الَّتِي إنتقلتْ أليهم بإنتقالِ عهدِ النبوةِ المراتبِ الروحانيةِ الكبرى مِن الرجالِ الربانيين مِن الأولياءِ أَمَّا أحبارُ بني إسرائيل فقَدْ إنحرفوا كَذَلِكَ عن الصراطِ المُستَقِيمِ وصاروا آلِهةً  تُعّبدُ مِنْ دونِ اللهِ تعالى فقَدْ قالَ اللهُ تعالى في كتابهِ الكريمِ {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }التوبة31 وبما ِإنَّ تِلكِ الطبقاتِ الَّتِي كّلَّفها اللهُ تعالى بحفظِ التوراةِ قَدْ إندثرَتْ أو إنَّها قَدْ إنحرفتْ فقَدْ كانَ مِنَّ الطبيعي أَنّْ تَتَعرضَ التوراةُ إلى التحريفِ لإنها كما أسلفنا كتابٌ وقتيٌ وليسَ مِن الحكمةِ أنّْ يتولى اللهُ حِفظها وهي ستندثرُ بنزولِ الكتابِ والرسالةِ الخاتم كما أنّبأت التوراةٌ عن بعثةِ النبي الخاتم بالشريعةِ والكتابِ الخاتمين .
أَمَّا  القُرآن الكريم وكما أسلفتْ فقَدْ تولى الله حِفظهُ بنفسهِ في قولهِ تعالى  {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9 وشدّدَ على كونهِ هُوَ الحافِظُ للذِكرِ في قولهِ (إنّا) وأتبعها ب (نحنُ) وأتبعها ب (إنّا) وبِلامِ القسمِ (لحافظون) ووسيلةُ الحِفظِ الأولى للقُرآنِ الكريمِ أنّ جعلهُ اللهُ تعالى ذِكراً فالذِكرُ ليسَ فقط هُوَ الرفعةُ بَلْ هُوَ أيضاً يأتي بِمعنى التلفظُ بالشيءِ وإستحضارهُ في الذهنِ فالقُرآن الكريم هُوَ الكتابُ السماوي الوحيد الذي يُتلى في صلواتِ المؤمنينَ في اليومِ خمس مراتٍ وقارِنْ بين صلاةِ المسلمين وبين صلاةِ غيرهم لتجدْ إنَّ صلواتَ المسلمين صلواتٌ مُنضبطةٍ بـ ( خمسُ أوقاتٍ) تُتلى فيها آياتُ اللهَ تعالى آناءَ الليلِ وأطرافَ النهار فالمسلمونَ يذكرونَ آيات القُرآنِ الكريمِ في صلواتِهمْ بينما العكس مع اليهودِ والنصارى الَّذِينَ لا يتلون كُتبهُم المقدسةِ كما يُتلى القُرآن الكريم في الصلواتِ وبالتالي فإنَّ المسلمين جميعاً ومِنْ أولِ وهلةٍ يدخلون فيها الإسلامَ تُناطِ بِهمْ مّهَمةُ حِفظِ آياتٍ مِن القُرآنِ الكريمِ بمعنى إِستذكارها كي يتلوها في صلواتِهمْ وكما نعرف فإنَّ المسلمين الَّذِينَ أسلموا في صدرِ الأسلامِ كانوا كثراً وينتشرون بينَ البَلْادِ وينشرون الإِسلامَ بينَ أهليهم ومواليهم ويَنقلون معهُمْ وفي صدورِهمْ القُرآنَ الكريمَ وبالتالي لَمْ ولَنْ يستطع أيُ رجلٍ في مكان ما أن يُحّرفَ القُرآنُ الكريم فإن حرّفهُ أهلُ اليمن فرضاً فما بالُ أهل العراقِ وأهل الشامِ ولوّْ حَدثَ هَذا الأمر لظَهرتْ نُسخٌ مٌتضاربةٌ للقُرآنِ الكريمِ ولظهرتْ قرائين متعددةٍ يحفظها الناسُ في صدورهِمْ ؟! خصوصاً إنّنا نعرف بأن القُرآنَ الكريمَ لمْ يّنزِل على النبي جُملةً واحدةً بَلْ كانَ ينزلُ تِباعاً وهُوَ الأمرُ الذي أغاظَ كُفّارَ مكة  {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً }الفرقان32 الَّذِينَ كانوا يحاولونَ اللغو فيهِ  {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ }فصلت26 إلا إن اللهَ خيبَ آَمَّالهمْ وكفَّ عنّهمْ عَناءَ مُحاولةِ تحريفِ القُرآن من خلالِ اللغو فيهِ ,  وكانَ المؤمنونَ يحفظونَ ما أُنزِلَ الى النبي وتناقلتها صدورهمْ وألسنِتهمْ في البلادِ في الصلاةِ وفي غيرها وينتشرُ بإنتشارِهُمْ القُرآن في كلِ أصقاعُ الأرضِ أولاً بأولٍ لذلكَ إختفتْ إحتماليةُ تزوير أو تبديلِ أيةِ آية من القُرآنِ الكريمِ بهذهِ الآليةِ المُتشابكةِ في الحِفظِ والتّذاكُرِ والإنتشارِ , الأمرُ الذي أدّى إلى نشوءِ طبقةٍ مُهمّةٍ في الإسلامِ هي طبقةٌ حُفّاظُ القُرآنِ الكريمِ والَّتِي خافَ عليها عُمّر رضي اللهُ عنه بعدَ أنّ رأى جمعاً كبيراً مِنهُم يُقّتل في حروبِ الردةِ فأشارَ على أبي بكرٍ بأن تُجمعّْ الرِقاعُ الَّتِي كانَ يُكتبَ عليها القُرآنِ الكريمِ وتَحفظَ خوفاً من ضياعِ القُرآنِ الكريمِ بموتِ أصحابِ الصُدورِ الشريفةِ الَّتِي كانَتْ تَحفَظهُ عَنْ ظهرِ قلبٍ , وبالتالي فأن الوسيلةَ الأهم في حِفظِ القُرآن كانَتْ هي صدورَ الرجالِ لا الرِقاعِ والمخطوطاتِ وخيرُ دليلٍ هُوَ ما وردَ في الحديثِ الواردِ في صحيحِ الُبخاري حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ – رضى الله عنه – قَالَ أَرْسَلَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ – رضى الله عنه – إِنَّ عُمَرَ أَتَانِى فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ وَإِنِّى أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ . قُلْتُ لِعُمَرَ كَيْفَ تَفْعَلُ شَيْئاً لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ  قَالَ عُمَرُ هَذا  وَاللَّهِ خَيْرٌ . فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِى حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِى لِذَلِكَ ، وَرَأَيْتُ فِى ذَلِكَ الَّذِى رَأَى عُمَرُ . قَالَ زَيْدٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لاَ نَتَّهِمُكَ ، وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْىَ لِرَسُولِ اللَّهِ  فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِى نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَىَّ مِمَّا أَمَرَنِى مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ قُلْتُ كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئاً لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِى حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِى لِلَّذِى شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ – رضى الله عنهما – فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الْعُسُبِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِى خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِىِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرَهُ
 ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ) حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ ، فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِى بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ – رضى اللهُ وهَذا  خيرُ دليلٍ يُلجمْ من يحاولُ اليومَ أن يَتصيدَ الثغراتَ في أيةِ مَخطوطةٍ أو مقصوصةِ يَعثُر عليها هُنا أو هُناكَ فالرَقاع إن كانًتْ تحتملُ التزويرَ فما بال صدورَ الرجالِ وأذهانِهُمْ ؟!  وعوداً على ما تقَدْم َ نقول إنَّ هذهِ الطبقة إستمرتْ إلى يومنا هَذا  والحمدُ للهِ تعالى فقَدْ كانَ الناسُ يتداولونَ القُرآن ويتوارثونهُ كما يتوارثونَ المالَ والأطيانَ من أسلافِهمْ وظلتْ الوسيلةُ الأنجعُ فِي حفظِ القُرآن الحكيمِ هي من خلالِ الُمشافهةِ إلى عهدٍ قريبٍ وبالتالي حتّى إذا سلّمّنا بأنَّ هُناكَ مخطوطات من القُرآنِ الكريمِ فيها بعضُ الأختلافاتِ عن القُرآنِ الموجود الآنَ بينَ أيّدينا كما يزعمُ البعضَ في مسألةِ نسخةُ صنعاء وهُوَ الأمرُ الذي نفاهُ وزير الأوقافِ والشؤونِ الدينيةِ اليماني فما الدليلُ على إنَّ تِلكَ المخطوطة كانُتْ مَخطوطة مُعتمدة ونحنُ كما نعرف أنَّ في ذلك الزمن لا توجدُ مؤسسةِ تُعطي الإجازاتُ في طبعِ الَمصاحف بالصيغةِ العُثمانيةِ ؟! ولكن السؤالَ الأهم الذي نطرحهُ على الملحدين حتى وإنّْ سلّمّنا بأنَّ هُناكَ إختلافاً في هذهِ النُسخةِ عما هُوَ عليهِ القُرآن الكريم الآن فما بالِ صدورِ الرجالِ كُلَ الرِجالِ هلْ زُورتْ وتغيرتْ ؟؟ هل إستطاعَ عبد الملك بن مروان عندَما نَقّطَ القُرآنَ الكريمَ وهُوَ المُتَّهَمْ مِنْ قِبلهِمْ بأنَّه حرّفَ القُرآنَ الكريمَ أن يَنتزعَ ما حفِظتهُ صدورَ الرِجالِ مِنَ القُرآنِ الكريمِ ليحِلَّ مَحَلهُ القُرآن الذي زوره هُوَ ؟؟؟ ولِماذا لم يقمْ العباسيون ألدّْ أعداء بني أُمّية بأن يُصححوا القُرآن الذي زورهُ الأُمّويونَ ويَكسبوا قلوبَ وودَ العامة من المُسلِمين خصوصاً وإن الفترة بين حكمَ مروان ومجيء بني العباسِ لا تتعدى ال 75 عاَمَّا  فهل إستطاعَ الأمويون أن يّمحوا القُرآن من صدورِ الرجالِ حتى لا يتمكنَ العباسيون من إعادتهِ وما بالُ الشيعة والخوارج وغيرهم من أعداءِ بني أُمّية يقرأون قرآن مروان بن الحكم , كما يدّعي الملاحدة , وهم أعتى أعدائهم ؟؟!!! وما بال هَذا  الأمر غابَ على نولدكه الذي صرح هُوَ ومور الذي أوردناه في الجزءِ الأولِ من المقالِ بأن العلماء الأوربيون فشلوا في إثباتِ تحريفِ القُرآن الكريمِ ؟؟ إنَّ هَذا  الكلامُ إنّ صَدّقَ به عاقلٌ فلا عقلَ له طبعاً ولكن قبلَ أنْ أُغادر هذهِ الُنقطة أُريدُ أن أتّحدى مَنْ جادلوني في هَذا  الأمرِ وأقولُ لَهُمْ ألا تستطيعونَ ان تأتوا لنا بروايةِ قديمةِ لسورةِ من سورِ القُرآنِ الحِكيمِ تُخالفُ كليةَ ما أعتمدت عليه القراءات العشر المُعّتمدة للقُرآنِ الكريمِ ولنْ أسألكُمْ عن رجالِ سندِ هذه الروايةِ وسوفَ أُصّدقكُمْ وهَذا  العرض ساري الى مدة شهرٍ من تأريخ نشرِ هَذا المقال إنّ كُنتمْ صادقين  ومنْ يأتي بمثلِ هذه الروايةِ فله كُلَّ ما أملُك مِن حِطامُ هذه الدنيا قَلَّ  أو كثُرّْ …
فصلُ الخِطابِ في هَذا الأمرِ إنَّ الحِفظَ الأول للقُرآن الكريم هُوَ حِفظُ الصدور له لا حِفظُ الرِقاع لأنَّ العرَبَ كانتْ لا تعتمد على الكتبِ ولا على المخطوطاتِ أبداً في ذلكَ الوقتِ وحتى في فترةِ ما بعد البعثة النبوية بَلْ وحتى في زمنِ الخلفاءِ الراشدين بدليلِ أنهم لم يلجأوا الى تنقيطِ الحروف العربية إلا في العهد الأُمّوي بعد أنّْ إنتشرتْ الكِتابة بين المُسلمينَ وبدأوا يُألِفونَ الكُتب والرقاعَ ويتراسلونَ فيما بينهم بكثرةِ فولَدت لهُم تلكَ الحاجة الرغبةَ في تغييرَ رسمَ الأحرف العربية بما يُسهل الأمرَ على القارئ في قرائتها فنقّطوا حروف الباء والياء والتاء والنون والثاء والجيم والخاء والذال والزاي والقاف والفاء والشين والضاء والظاد و والغين فلذلكَ عندما كتبوا القُرآن الكريم كتبوهُ بصيغةِ التشكيلِ الجديدِ وكانوا يَعتمدونَ على أّمرين أوَلهما ما كانت تحفظهُ صدورهم وما في الرقاعِ فَمثلاً كانتْ تُكّتب (ندخلهم) قبلَ التشكيلِ بالآتي (ندحلهم) وعِندما صاغوا التنقيطَ جعلوا  الخاءَ تتميز عن الحاءِ بنقطةِ فنقطوا (ندخلهم) لأنهم كانوا يلّفظونها خاءا وليس كما يزعمُ البعض من هؤلاءِ المتفيقهين بأن هناك كلماتٍ كانتْ قبل التشكيل تُصرّف الى معانٍ عدةٍ ولكن في التنقيطِ صُرفت الى وجهةٍ واحدةٍ ولا أدري لما إختفت تلك الوجوه من كلِ الآثارِ ومِنْ كُل تِلكَ الروايات ومن صدورِ الرجالِ بقدرةِ القادرِ عبد الملك بن مروان ؟!
وإنَّ من الأمورِ الَّتِي إستودعها اللهُ في كتابهِ هُوَ جعلهُ متيسراً  للذكرِ والحِفظِ فقالَ اللهُ تعالى في كتابهِ الكريمِ  {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }القمر17 وكانَ المسلمونَ منذ القدمِ إلى الآنَ يتسابقون في حفظهِ ولذلكَ ليسَ من الغريبِ أنّْ تَجدْ في أيةِ قريةٍ نائيةٍ من قرى الدولِ الإسلاميةِ أنّ تجد فيهم عشراتٍ ممن يحفظونَ القُرآن عَنْ ظهرِ قلبٍ وإنّ صادفَ على سبيلِ المثالِ فقدان جميعِ الكتبِ منْ على الأرضِ فإنَّ الكِتابَ الوحيدَ الذي يستطيع البشرُ إعادةَ كتابتهِ كما كانَ هُوَ القُرآن الكريم وهذهِ المُهمة لا تحتاجَ الى تكاتفٍ من قبلِ جميع المسلمين بَلْ إنَّ قريةً من أصغرِ القرى والمدن الإسلاميةِ قادرةً على القيامِ بهَذا الأمر لوحدها ففي مدينة الفلوجة وحدَّها في التسعينات من القرنِ الماضي كان فيها حوالي أربعين حافِظاً للقُرآن الكريم برواياته العشر كما سمعتُ من أحد المشائخ هناك فما بالك بباقي المليارين مسلم ؟ إن هَذا الأمر وحدهُ يشكل دليلاً على صدقِ القُرآن الكريم الذي قالَ من قبلُ  {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9 .
يتبع إن شاء الله تعالى

أحدث المقالات