17 نوفمبر، 2024 4:38 م
Search
Close this search box.

حُسن الخُلق في فكر الشهيد محمد الصدر(٣)

حُسن الخُلق في فكر الشهيد محمد الصدر(٣)

ليس من السهل إستقصاء هذه الأفكار الخلاقة للسيد محمد الصدر(قدس سره) ولكن الذي يهوّن علينا الأمر هو المحاولة وإليك ايها القارئ الكريم هذه الكلمات التي كتبها السيد محمد الصدر (قدس سره) في كتاب ما وراء الفقه الجزء الأول القسم الأول فصل العدالة حيث قال ما نصه ((ومن هنا كان لا بد لنا في تمييز العدالة الى الإلتفات الى أحد الامرين:
الامر الاول: ما عرفناه من ان العدل هو وضع الشيء في موضعه مع التحويل في ذلك على الواقع الموضوعي الذي يعلمه الله عز وجل فإن كان الفرد قد وضع سلوكه أو أي أمر في موضعه الواقعي كان عادلاً وإلا فلا.
الأمر الثاني: الشريعة فإن كان سلوك الفرد مطابقاً لها كان عادلاً وإلا فلا.
أما الأمر الأول فهو متعذر الإدراك وحده بوضوح تعذر الإطّلاع على الواقع الموضوعي مباشرة أو عن طريق علم الله عز وعلا وإنما هناك طريقان لإدراك هذا الواقع: أحدهما:
العقل الذي عرفناه قصوره والآخر هو الشريعة ومن هنا نعرف أنه لا تنافي بين التعريف العدل: بانه وضع الشيء في موضعه المناسب له وبين تعريفه: بأنه موافقة العقل العملي أو أنه موافقة الشريعة لأن هذين الامرين الآخرين: أعني العقل والشريعة: إنما يدلان على أن الفرد قد وضع الشيء في موضعه المناسب له.
غير أن العقل لمّا كان ضيقاً, كان المرجع الرئيسي في تمييز ذلك هو الشريعة.
كما لا تنافي بين حكم العقل والشرع, لأننا إن بنينا على القاعدة القائلة: ما حكم به العقل حكم به الشرع. فالأمر يكون واضحاً, لأن الشرع بنفسه يكون محتوياً على كل أحكام العقل وزيادة, وهذه الزيادات تخص الموارد التي عجز العقل عن إدراكها. وإذا لم نبنِ على تلك القاعدة أمكننا الإلتفات الى قاعدة أخرى متسالم على صحتها بين علماء المسلمين بمختلف مذاهبهم, وهي قولهم: ما من واقعة إلا ولها حكم. إذ ينتج منها: إن حكم الشرع شامل لكل موارد حكم العقل سواء وافقه فيها أو خالفه. غير ان الوجدان الضروري قاضٍ: بأننا لم نجد اي إختلاف بين حكم العقل والشرع.
وحتى لو فرضت المخالفة فإن مولانا الذي يجب علينا إطاعته هو الشريعة أو قل: صاحب الشريعة, فليس مولانا هو العقل… إذن, فالمهم في تمييز العدل إنما هي الشريعة بالذات.
وهذا هو الذي يفسّر قول اللغويين في تعريف العدل: بأنه الحكم بالحق. يعني بالشريعة وحيث أننا متاخرون عن صدر الاسلام وغير معاصرين لصاحب الشريعة, فإنما تكون الشريعة بالنسبة إلينا ما قامت عليه الحجة من التكاليف والأحكام. كل ما في الأمر أن الطرق المثبتة لهذه الحجة ذات اشكال ومستويات مختلفة لا حاجة الآن الى تعدادها.
فالمهم في العدل, هو تطبيق الحكم الشرعي الذي قامت الحجة على صحته. وهذا هو الفهم الذي حامت الروايات حوله))انتهى.
إن مفهوم حُسن الخُلق الذي حدّده السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر(قدس سره) يشمل كما قلت سابقاً حتى مفهوم الدولة بجميع سلطاتها الثلات وعليه فإن مفهوم السياسة في الإسلام يختلف عن المفهوم السائد والمسيطر على البلدان والشعوب ذاك المفهوم الذي يرتكز على السياسة التي لا قلب لها وبالتالي لا أخلاق ولا عدل وهذا المفهوم اللا أخلاقي كلّف البشرية ثمناً باهظاً من الظلم والدمار والقتل والحرمات والمآسي وغيرها مما يعجز القلم عن وصفها..
أنتهى القسم الثالث ويليه القسم الرابع أن شاء الله…

أحدث المقالات