23 ديسمبر، 2024 7:05 ص

حَرقُ العراق : كمكسب إنتخابي !

حَرقُ العراق : كمكسب إنتخابي !

 الانتخابات, وما أدراكم ما الانتخابات؟ إنها مجال ينشط فيه عواء رجال السلطة, من أجل الحفاظ على كراسيهم وامتيازاتهم؛ وتنشط فيه خلايا عقولهم الفاسدة, لضرب كل من حولها, بأموال السحت المسلوبة من أبناء هذا الشعب.
  حاربوا السيد الحكيم وحاربوه وحاربوه, واليوم أعلنوها ضده حربا تسقيطية لا هوادة فيها.. بسبب مبادرته الأخيرة, والتي تخص الأنبار وأهلها.
   مع أن السيد الحكيم, كان يعلم جيدا, أن هناك الكثير من اللغط والتسقيط السياسي, سيجري بسبب هذه المبادرة؛ وكان يعلم جيدا أنها سوف لن تزيد من رصيده الانتخابي؛ بل كان يعلم أن هذه المبادرة, ستكون أداة طيعة بيد حزب سلطة الشياطين, ليوظفوها تسقيطية ناجحة ضده؛ واهمين أنهم بفعلهم هذا سوف يقللون من شعبيته, ومستندين الى ثقتهم الزائفة بقدراتهم على استغفال الشعب! إضافة إلى أن منطق العقل يقول: أن ليس للحكيم من مصلحة انتخابية, في تلك المناطق ذات اللون الطائفي المغاير..
   إلا أن الأغلب الأعم من أبناء هذا البلد يعلمون جيدا, بأن السيد الحكيم يفكر بعقل أخلاقي, ولا يفكر كغيره من عباد الكراسي, بعقل نفعي برغماتي مصلحي؛ يفكر بعقلية حقن دماء المسلمين دوما, ولا يهمه ما ستكون النتيجة التي سيتحصل عليها في الانتخابات؛ يفكر كيف يوظف أي فرصة تمر أمامه, ليرسل من خلالها رسالة ايجابية الى المختلفين عنه مذهبيا؛ أو فلنقل يرسلها إلى الشرفاء الأصلاء, من المختلفين عنه مذهبيا في هذا البلد؛ يقول لهم نحن أخوتكم, كفانا قتلا وتدميرا لهذا البلد؛ لم تكن الحرب وأسلحتها وخطاباتها النارية البغيضة يوما, وسيلة لبناء بلد أو رفاه شعبٍ؛ أراد أن يبين للعالم, أن الشعب العراقي فيه عقلاء وشرفاء, ومن كل الطوائف, يمكن الاعتماد عليهم وإعطائهم الفرصة ليظهروا..
  الطرف الثاني من الموضوع, وهم الأخوة السنة؛ لا أحد ينكر أنهم يمرون بأزمة واضحة, تتمظهر بعدم امتلاكهم للشخصيات السياسية الكفوئة, التي يمكن الاعتماد عليها والالتفاف حولها؛ وهذا قد يكون مرده في نظري, إلى خلل في نفس طريقة تفكير المتصدين للحياة الاجتماعية في تلك المناطق؛ فقد تعود المجتمع الأنباري, أن السياسة معناها الحصة الأكبر, وأن الحكم هو لهم بلا منازع, طبعا هذه الفكرة متعلقة بجذور تطبع الوعي الأنباري, والمنطقة الغربية بشكل عام, على ما كان لهم من امتيازات ينالونها من حكم الطاغية.
   هذه النبرة وعلى مدى 10 سنوات نراها بدأت تضمحل شيئا فشيئا, بل لو تابع أحدنا قنوات الإعلام لوجد وبشكل واضح ان الخطاب الأنباري قد تغير (لدى الفئة المعتدلة )؛ من خطاب يدعو إلى الاستفراد بالحكم, إلى خطاب يدعو إلى المطالبة بعدم التهميش, وعدم أخذ البريء بجريرة المذنب؛ وهذه كانت أغلب مطالب أهل الأنبار في بدايات انشاء ساحات الإعتصام..
   إلا أن عناد السيد المالكي وتعاليه عليهم, وعدم اهتمامه للأصوات السياسية المعتدلة وصوت المرجعية, والذي كان يؤكد على ضرورة الاهتمام بمطالب هذه الفئة؛ إضافة إلى غضه النظر لهروب أكثر من 2000 مجرم – محكومين بالإعدام- من سجن أبو غريب؛ جعل الأمور تتطور الى الأصعب, بحيث سمح لهؤلاء الإرهابيين بالدخول بين الأنباريين في ساحات الاعتصام, وتحول الخطاب فيها الى قطع الرؤوس, كل ذلك كان واضحا فيه هدف معالييه الانتخابي؛ فجيش الجيوش, واعتمد على تجييش النفوس,  لضرب تلك المنطقة وأهلها, وخلط الأخضر باليابس؛ كذلك اعتمد هذه المرة كسابقتها على اعتقاده, بأن الشعب سيكون غافلا عن مقصد المالكي الأساسي, أو نيته الحقيقية, من تحركه البطولي هذا.
   العقل يقول: كفى للحروب, كفى للقتل, كفى للدمار. صوت العقل يسأل كل العراقيين:
  ألم يأن الوقت, لنخلص هذا البلد, من لغة القتل والموت والدمار التي بقيت مسيطرة عليه طيلة التأريخ؟! ألا ترون أننا بحاجة الى مشروع, مشابه لمشروع مارشال الأوربي؛ والذي نهضت به أوربا, بعد خرابها في الحرب العالمية  الثانية؟ ألا تروون أن العراق, بحاجة إلى ما أسماه طارق حرب: (مارشال حكيمي), لتنهض به الأمة العراقية؟! ..
* ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالآديولوجيات السياسية المعاصرة ..