18 ديسمبر، 2024 6:39 م

حين يكون الوهم سياسة!

حين يكون الوهم سياسة!

عندما تتشابك الإرادات وتتصارع المحاور وتتداخل المفاهيم لابد أن تنتج هذه المُرّكبات والعناصر المختلفة خلطة عجيبة وغريبة ليس لها لون ولاطعم ولا رائحة، فكيف إذا كان هذا النتاج المبهم هو واقع حال السياسة في العراق، وإذا كان الكتاب يُقرأ من عنوانه فكيف سيكون عنوان التشتت والفوضى وعدم وجود هوية وطنية توصل الشخصية السياسية العراقية إلى فئة رجل دولة، حتماً ستنتج هذه الجدلية وستفضي هذه المخرجات إلى نتائج كارثية تجعل من ساحة السياسة العراقية مسرحاً للصراعات والنزاعات والأختلافات التي قد تُطيح بالدولة والوطنية وتوصلها إلى حضيض الهاوية.
وبعد كل هذه المقدمة يبدو أننا لازلنا غارقين في عدم فهم واقع مايحدث في هذا العالم المُتداخل لمفهوم السياسة في بلدنا أو على الأقل إدراك مايُريده السياسي العراقي المُتخبط بأفكاره ونزعاته الشخصية وقراراته الأنانية.
ولاننكر أن أحداث مابعد 2003 أحدثت هزة عنيفة في مفهوم هذا العالم لدى العراقيين أفرزت طبقة سياسية معوقة فكرياً وأخلاقياً أنتجتهم ماكنة إنتخابية بائسة أفرزت مسميات فقدوا بوصلة الأنتماء إلى الوطن والأرض وبدأوا يبحثون عن اتجاهات ومخارج تُعينهم في منافع وملذات شخصية محدودة التفكير إلى أن أصبح بالتدريج (مايسمى بالسياسي) يتذرع بالغاية التي تُبرر الوسيلة مُتنازلاً عن كل القيّم والأخلاق وحتى مبادئ وأبجديات السياسة والعهود التي قطعها عندما وضع قدمه في أول السُلّم.
واقع العالم السياسي اليوم في العراق مُرتبك تُحيط به المخاطر والفوضى والتخبط، لكن المدافعون عن هذا الأسلوب لايمكن لأي مُستقرئ أو باحث إلاّ أن يصفهم بأنهم مجموعة من الجبناء والمُرتزقة والمنتفعين الذين فضّلوا مصالحهم الشخصية وأدواتهم الحياتية على مصالح شعبهم ووطنهم، وربما نصل إلى نهاية المعنى فنقول أن السياسة ثوب لايليق أن يرتديه هؤلاء المسميات لأنه في المحصلة فن لايجيده إلا المتمرسين وأصحاب الخبرة والعقلية الوطنية وليس الأنانيون والمنتفعون أصحاب الأفكار الضيقة.
دورة الحياة السياسة العراقية بأنتظار إعلان نهايتها وإصدار شهادة الوفاة لها بعد أن مرّ عليها وقت من الزمن كانت فيه ميّتة سريرياً وتنتظر من يرفع عنها جهاز التنفس الإصطناعي الذي يُطيل ديمومتها.
الواقع السياسي ربما سيُطيح به أصحابه الذين إستأنسوا به وعدّوه مكسباً لهم وربما سيكون هؤلاء أداة قتل كمن يذبح نفسه بيديه وتنتهي هذه التجربة البائسة لأنها بالتأكيد كانت لهم مجرد ورقة يانصيب ليس أكثر.