23 ديسمبر، 2024 3:29 ص

حين يصاب القزم بالغرور

حين يصاب القزم بالغرور

من البداية لابد التوضيح انني في هذا المقال لااقصد الأشخاص الذين يعانون من حالة ” التقزم” الخلقي والتي عادة ماتكون بشكل ولادي , فالله هو الخالق الجبار فصورنا فاحسن تقويمنا وهو على كل شي قدير ..

عادة ماأصاب شخصيا بالأحباط الشديد و خاصة في ساعات العمل اليومي حين اصدم بشخصية من نوع خاص !! وهي شخصية اعتيادية لاتمتلك مقومات النجاح لابلفكر ولا ولا بالمؤهل العلمي ولا حتى بتوفر الاخلاق الحميدة , فعادة ما تحاول تلك الشخصيات جاهدة التدخل في الاعمال المختلفة وتقديم المشورة والتي في اغلب الاحيان تكون مشورات خاطئة وسلبية !! وفي بعض الاحيان تكون قاتلة كما سبين لكم لاحقا , وليست الطامة في تلك الشخصيات ومشوراتها الفذة ولكن الطامة بنا نحن ! وكيف لا ؟ ونحن مجبرين وملزمين على تقبل تلك الشخصيات على علاتها اما لاسباب سياسية حزبية او لاسباب تتعلق بنا نحن كنوع من انواع ” المجاملة ” التي ربما تكون نوعا من انواع النفاق الاجتماعي الذي يسري في جسد المجتمع العراقي المترهل , او عن طريق الخوف من اطلاق كلمة الحق فالخوف هو احد افراد عائلتنا العراقية الجديدة فلولاه لما تحمل العراق نظام بعثي قاس لخمس وثلاثين عاما , فالخوف نفسه من يجعلنا نتحمل خوض المعارك دون ان نسأل لماذا نخوضها اصلا , الخوف هو من جعلنا فرقا ليسود بنا عدونا من جميع الجهات , فالخوف هو من سمات العراق الجديد بعد ان خلصت البطولة والشاهمة من الاناء العراقي الا ماندر , فلكل حال تغيرات ولا يدوم غير وجه الخالق , فظهرت على السطح ظواهر جديدة بعدما غاب كل شي جميل فظهرت الاقزام بديلا عن الرجال !

حدثني صديق ممن يمتلكون خبرة كبيرة في مجال الصحافة والاعلام انه باشر بمهام وظيفة جديدة قبل ايام في احد دوائر الدولة العراقية , فيقول حاولت جاهدا ايصال افكاري الجديدة والمؤجلة لاذهان رئيس تلك الدائرة والذي حاول هو الاخر فتح باب النقاش والتبادل الفكري معي في جميع تلك النظريات التي بقيت مجرد حبرا على ورق في دولايب ومكاتب يائسة قديمة مبتلة بالتراب , ويقول لي ذلك الصديق لو انجزت تلك الافكار في واقع تلك الدائرة لعادت بالمنفعة على الصالح العام وبالتالي لتطور العمل بشكل كبير , لكنها للاسف لم تحقق ولم ترى النور ليس لرفضها او الاعتراض عليها من رئيس الدائرة المعنية , وانما من احد الشخصيات التي تشغل منصب مدير قسم في تلك الدائرة وعلى الرغم من انه لايملك المؤهل الاكاديمي ولاخبرة ولاحتى الفكري كان مصرا على رفض تلك الافكار ودفعها لسلة المهملات بالرغم من انه يجهل بشكل كبير ماهية تلك الكلمات وخصائصها فهو قزم من تلك الاقزام المغرورة ,

وقبل ايام عرضت احد القنوات الفضائية جولة لاحد مسؤولي الرقابة في وزارة الصحة العراقية بضمنها مواجهة وكانت بمثابة مداهمة برفقة عدد من الوكلات الاخبارية لشخص ينتحل صفة (طبيب ) يفتتح احد العيادات في منطقة البياع ببغداد والذي بدوره استغل اسما معروفا لاحد الاطباء بعد ماعلق لوحة تعريفية تحمل اسم ذلك الطبيب المعروف ! وعلى الرغم من ان المسؤول قد وجه كلمات جارحة وشديدة الوقع على نفس ذلك الطبيب المزيف , الا ان الاخير بقي ثابتا في مكانه غير مبال لم يحدث من حوله , بل ذهب لاكثر من هذا الحال حين حاول الرد بقوة بوجه ذلك المسؤول الكبير لوزارة الصحة بوقاحة وقدر عالي من الغرور ايضا ! فهو قزم من تلك الاقزام المغرورة !

وعلى الصعيد الامني لم تخلى الساحة من تلك الاقزام ايضا فاحد رجال الجيش ممن يعمل برتبة ملازم ثان قال لي : في احدى المعارك الشرسة التي خاضها رجال الجيش العراقي مع

مجاميع تنظيم داعش الارهابي في اطراف مدينة الموصل حيث تكبدت قواتهم خسائر فادحة في واحدة من اهم صولات الجيش العراقي التي غيبها الاعلام بشكل كبير , وعندما نعيش نحن في الدقائق الاخيرة لحسم تلك المعركة لصالحنا وتحقيق نصر كبير بالذخيرة وكذلك بالحصول على الاسرى , فجأة يتدخل ظابط ” دمج ” يحمل رتبة عقيد ! وهو من الاشخاص الذي دفعهم احد الاحزاب المتنفذة و التي لاتمد للاصول العسكرية بصلة بتاتا , ليقترح ويقرر ويصر على قراره الخاطئ بتغير نهج المعركة واختيار خطة بديلة اثناء سريان المعركة ! معتمدا على حسه الضعيف والفقير وبتالي كان علينا الاستجابة لامر ذلك الشخص الذي ارتدى رتبة العقيد دون القناعة بالقواعد العسكرية لتلك الاوامر الخاطئة .. وهي لحظات حتى استفادت عناصر داعش من تلك الاوامر الخاطئة حيث كانت بمثابة هدية لهم فخسرنا المعركة وانهزمت قواتنا بالكامل في تلك اللحظات !!

لقد ظهرت في الاونة الاخيرة ظاهرة المتقزمون المغرورين الذين لايملكون السقوف الاكاديمية و الفكرية ويفتقرون للمهارت الفريدة والمواهب الربانية ولكنهم في الواقع لايرون انفسهم جيدا فتدفعهم الاحزاب والحركات السياسية للمقاعد الامامية مع الاسف دون المرور على عناصر النجاح واتقانها , هؤلاء الاقزام تتواجد اليوم بكثرة في جميع مفاصل الحياة في العراق , وقد انحدرت اعدادهم لتصل لاصغر موظفي مؤسسات الدولة او حتى موظفي الشركات الاهلية فعادة مالتقي بموظفين يرون نفسهم وزراءا دون ان يعرفوا وزنهم الحقيقي ومقدار احجامهم فيكو نوا اقزاما صغار تلوح باسفل القاع لمن يراها , وهذه الحالة التي يعيشها ويعاني منها المجتمع العراقي جائت نتيجة لهروب الكفاءات خارج البلاد ودفع بالاصلح لمسطبة الاحتياط , حيث كان اختيار الوزراء في الحكومة الماضية مقتصرا على الحزبية بغض النظر عما يمتلك ذلك الوزير من كفاءة ونزاهة , اتمنى ان تنجح حكومة الاخ العبادي في اختيار وزراء جدد يتمتعون بالكفاءة والمهنية كمالمح العبادي مؤخرا واتمنى ان تزول طبقة الاقزام

من مؤسسات الدولة ومن مجتمعنا باسرع وقت ممكن لبناء بلد واقعي مزدهر تكون الكفاءة والنزاهة هي المعيار الاساسي في تقلد المناصب لصناعة وطن نفتخر به جميعا.