قبل سنوات قريبة، لا اتذكر المناسبة بالضبط ولعلها كانت اليوم الذي اطلقوا عليه إسم يوم القدس، او قد تكون مناسبة أخرى الله اعلم، لأن المهم عندي حينها لم يكن لا المناسبة ولا سببها ولا ضد من موجهة، وانما كان المهم هو تلك الشحاطات أجلكم الله!! ، لا تستغرب عزيزي (الشيخ اللاحوك) ولا تستهجن ايها الفيلي ولا تفتي، اسمع وعسى ان تفهم، وإن فهمت عسى ان تفعل ولن تفعل، ولكننا نكتب من باب ( ذكِّر ) ليس الا، عسى ان تكون يوماً ما سيد نفسك.
المهم كانت مناسبة تخص القدس وربما فلسطين بصورة عامة على الاغلب، وغالباً اسمها كان يبتدىء بكلمة يوم، يوم فلسطين، يوم القدس، يوم الأقصى، يوم الكعبة، يوم الرب، لا ادري بالضبط، فقد كثرت الأيام علينا بحيث لم يتركوا لنا يوماً واحداً نعيشه كما نريد ..!
كانت حشوداً ضخمة اجتمعت في بغداد، مصوروا ومراسلوا الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى يتراكضون لتغطية الحدث، اعلام اسرائيل وامريكا تحرق، واخرى مرسومة على الأرض تدوسها كراديس مرتبة مهندمة موحدة الزي تمثل في اغلبها فصائل مجاهدي الحشد الذي سطر اروع البطولات وضحى بأزكى الدماء، لا بأس لحد الآن فهي وسيلة سلمية حرة لطيفة للتعبير عن الراي، بغض النظر ان كنا نؤيد هذا الراي او نرفضه، او إن كانت الفعالية تخصني كمواطن مستلب الوطن والكرامة والحقوق اعيش في افسد بلد ام لا.
ما جعلني انسى المناسبة الكبرى واحفظ الشحاطة هو مجموعة ممن يطلقون على انفسهم (شيوخ الفيلية) أجلكم الله ! رأيت فيهم بذلك اليوم من الحماس أنتصاراً للفلسطيني ما لم اره منهم ولا بنسبة واحد بالألف حين انبرى من يهددهم بالرحيل في عقر ارضهم وديارهم و بستان عدلهم (باخي دادهم) الكردية، صراحة لقد احزنني جداً إن شيوخ الدوشيش اولئك الذين جاؤوا في ذلك اليوم ليحرروا القدس ويحاربوا اسرائيل اصبحوا نكتة الحدث لكونهم جاؤوا للمشاركة في حرب اسرائيل بين البساطيل واللباس العسكري الموحد وهم يرتدون الشحاطات.! بل انهم تقدموا الصفوف طمعاً في التصوير، وقد نبزني اكثر من واحد من اصدقائي مراسلي الفضائيات حول تلك الصورة الفيلية النشاز.
تذكرت ذلك الحدث وحماسة اولئك الفيليون المنتفضون لأجل فلسطيني من شعب يشكل مواطنوه اكثر نسبة فجرت اجسادها النتنة في اسواقنا ومناطقنا الشعبية ومدارس اطفالنا، وانا اطالع وثيقة رسمية صادرة عن وزارة التعليم العالي، تفيض شوفينية اقصائية، وتقيء نفساً بعثياً قذراً آلمني جداً وحرمني النوم ليلة أمس وحتى هذه اللحظات التي اكتب فيها لأفرغ اليكم شجوني عسى ان انام، ولا اقول عسى ان يكون لإولئك الذيول موقف وصوت من اجل انفسهم على الأقل، لا من أجل فلسطيني نجس ينصب التماثيل لصدام ويسمي شوارع وساحات بإسم صدام ويقيم العزاء والمآتم لصدام.
تنص الوثيقة الصادرة عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالعدد ( ٣١٢٦٦١ – ت م ٣ / ت / ٢٠٥٣ ) في ١٧/ ٣ / ٢٠٢٠ والموجهة الى ( الجامعات كافة ) وفي الفقرة (٢) بعد ديباجة تشير الى قرار بتضمين جرائم حزب البعث الى مناهج التدريس في مختلف الكليات على:
٢. تضمين مفردات جرائم حزب البعث التي زودتنا بها (لجنة خبراء) كليات القانون وكليات العلوم السياسية، ضمن مناهج مادة الديمقراطية لكليات القانون، ومناهج مادة حقوق الانسان للكليات الأخرى.
المرفقات: الاوليات المشار اليها اعلاه.
نأتي الآن الى المرفقات التي تفصل بصفحتين ما تنوي الوزارة تدريسه في الجامعات والمعنونة (جرائم حزب البعث)، والتي تنقسم الى ست عناوين رئيسية هي الجرائم الماسة بالحريات السياسية، وجرائم اثارة الفتنة الطائفية، والجرائم الماسة بالبيئة، والجرائم المرتكبة ضد الانسانية، والجرائم الماسة بالشعور الديني، والجرائم الدولية.
ماذا تتوقع ايها الفيلي المنتفض من اجل فلسطين وتريد محاربة مفاعل ديمونا بشحاطة ؟ ماهو حجم مصيبتك بين هذه الأبواب والفقرات والبنود؟ ماهي قيمة دماء اهلك التي اريقت في المثرامة والتجارب الكيمياوية !؟ هل يغيضك اذا اخبرتك انها لا شيء !؟
مهما كنت احمل من سوداوية فرضتها ظروف معيشتي منذ الطفولة وحتى الأمس الذي دخلت فيه عمر الخمسين، توقعت ان ارى مصيبتنا لهولها بأول فقرة تحت بند ( الجرائم ضد الانسانية – الابادة الجماعية )، تهجير مئات الآلاف وتغييب عشرات الالآف من الشباب المظلوم واذابتهم بالتيزاب والتجارب الكيمياوية، ولكني للاسف رايت فقط حلبجة والانتفاضة الشعبانية، بل حتى اسم اهلي في كردستان استكثروه فكتبوا في الفقرة (١) من البند رابعاً عبارة ( مناطق الشمال ) بدل كلمة ( كردستان ).
لأفترض من باب حسن النية ان اختيار حلبچة والانتفاضة فقط لتمثلا جرائم الابادة الجماعية حاء من قبيل الصدفة او كنموذج، ولكن كيف احتفظ بحسن النية هذا وانا اطالع (جيفة) تخنقني رائحتها النتنة في الفقرة (٤) من البند رابعاً والتي تقيء بالتالي:
٤. اصدار تشريعات بوجوب تطليق العراقيين لأزواجهم (من اصول ايرانية) !! وهذا التوصيف والنفس المسموم بالضبط هو نفس النص الحقير الذي ورد في قرار لمجلس قيادة الثورة المقبور !!
اما الفقرة (٥) من نفس البند رابعاً، فجادت على الفيلي المنتفض بشحاطته من اجل فلسطين ب:
٥. “اصدار تشريعات بإسقاط الجنسية العراقية عن المعارضين أو (المتجنسين بالجنسية العراقية)”
لاحظ مدى خسة ودناءة وشوفينية من كتبوا هذا النص، فلا زالوا يقولون انك لست بعراقي وانك (متجنس).
اولئك الذين تجاهلونا وداسوا على مصائبنا وتضحياتنا ليسوا اعضاء في القيادة القطرية لحزب البعث، ولا هم ضباط الامن والمخابرات الصدامية، وليس منهم حاييم وايزمن ولا غولدا مائير ولا موشيه دايان ولا اسحاق رابين ولا نتنياهو، بل ان هذه الصفعة وهذا النفس الذي يستحقرك يا ذيل عرفات واسماعيل هنية هو صنيعة شركائك في الدين والوطن، وإن كنت فيلياً مستضعفاً ليس لك الا صوت برلماني واحد، فمال بال اخوتك في القومية ولهم اكثر من ستين صوت !؟ وما بال اخوتك في المذهب ولهم ثلثين الطك !؟ وإن كان هذا هو انتاج وزارة التعليم (العالي) فماذا سينتج الواطي!؟