23 ديسمبر، 2024 6:47 ص

حين كنت مراسلا في واقعة الطف.. الحلقة السادسة

حين كنت مراسلا في واقعة الطف.. الحلقة السادسة

كثيرا ما كان يلفت انتباهي صوت القراء وهم يبكون صغيرة الحسين ع “رقية” تلك الطفلة التي اوجعت قلب محمد وال محمد صلوات الله عليهم اجمعين.. لا اعرف كيف كنت اتمالك نفسي وانا التقط الصور لاحداثها العظيمة في واقعة كربلاء دون ان انهار انا او يجلط قلبي.. صغيرة كانت في عمرها الا انها كبيرة جدا في مواقفها العظيمة.. كانت مرتكزا اساسيا في تلك الواقعة و مركز قرار لابيها الحسين وعمها العباس عليهما السلام.. كانا كثيرا ما يترددان الى مكان وجودها لانها بحسب ما رأيته من صور كانت ذات شأن عظيم عند اهل البيت ع..! وبقيت صورتها في مخيلتي كأنها طفلة من النور حتى التقيت ضريحها المقدس الطاهر في اولى زياراتي لمدينة الشام القديمة.. كان ضريحها اجمل من كل الياسمين الذي يطرز منازل الدمشقيين، وكان عطرها يفوح في كل ازقة الشام ، حتى انك ما ان تضع اولى اقدامك عند مدخل الضريح المقدس حتى تتفجر في داخلك صورا عظيمة لواقعة كربلاء.. وتتذكر جيدا ذلك الرأس العظيم الذي ما ان احتضنته حتى ارتقت شهيدة بين يدي ابيها الحسين ع..!

 

اتجهت لقبرها الشريف امسكت بالحد الفاصل بيني وبينها ( لان الوصول للقداسة يحتاج الى عقيدة عظيمة) وضعت رأسي عليه بكيت بكل مالدي من شوق لها.. جاءت صورتها امامي حين تغسيلها ع ، وكيف رفضت المغسلة لمسها اذ اعتقدت ان فيها مرض خطير، لكن العقيلة ع اخبرتها ان ذلك اثارا لضرب سياط اهل الكوفة..!

بينما انا كذلك اذ تذكرت رقية التي رأيتها في ايمن الموصل في فترة الحرب حين كنت مراسلا لاحدى الوكالات المحلية لتغطية المعارك البطولية التي يقودها جهاز مكافحة الارهاب ضد التنظيمات الارهايية في تلك المناطق .. بينما كنت واقفا التقط الصور للعوائل التي نزحت من سلطة التنظيم وكأنهم اموات جاؤوا الى الحياة سيرا على الاقدام” جاءني رجل كبير في السن يحمل بين يديه طفلة، التقطت لهما صورة وسألته عنها.. قال اسمها “رقية” ولكن عناصر التنظيم اقاموا عليّ الحد حين عرفوا بأسمها وجلدت على هذا الاسم مرات عدة.. يبدو ان الاحداث نفسها والحقد لايزال متجذرا في نفوسهم بل انهم يتوارثونه جيل بعد جيل..!

لكن لا احد يشبه رقية طفلة الحسين ع التي مزق كبدها الصغير عطش كربلاء ، حتى بعد ان استشهد الحسين ع وهدءت المعركة جاؤوهم بالماء الا انها ابت ان تشرب ولما سألتها عمتها عن ذلك.. قالت لن اشرب الماء يا عمه وابي الحسين عطشانا..( شلون اشرب وبوي حسين عطشان) فحملت الماء وخرجت تركض اتجاه المعركة لتسقي اباها الحسين شربة ماء ، لكن عمتها ارجعتها وقالت لها ستشربين معه المعين بعد ايام يا حبيبتي..!