جميع الذين قابلتهم أو تحادثتُ معهم ينهون الكلام بأنهم قد أصبحوا خارج تنظيم (الحزب) وقسم منهم رغم الحماس المنقطع النظير ذهب الى القول بأنه (لم ينتمي) للحزب أصلاً
وهنا تتمحور عدة أسئلة … تحتاج الى بيان وإجابات واضحة وصريحة واذا تناولنا (الحزب الشيوعي) نموذجاً لذلك فهي تستحق أن تكون في نظري بحثاً علمياً مُستفيضاً يتقصى وبتجرد عرض الحقائق بقدر من الحياد والموضوعية وهي:
– هل هنالك خللاً تنظيمياً أو إجرائياً في قواعد (الحزب) أصبح سبباً لينفر منه الاعضاء !
– هل إكتشف الاعضاء في صفوف الحزب أن الحزب أصبح غير صالح لأداء مهامه وأنه يقف اليوم عاجزاً أمام مجريات الامور والتغييرات والتطورات في جميع المجالات الحاصلة في المجتمعات الحديثة او العراق على وجه الخصوص !
– هل تيقن الاعضاء في الحزب أن هنالك إخفاقات كبيرة جرّاء مجموعة غير مرغوب بها قد إستحوذت على مقدرات الحزب وهيمنت على إرادته واختطفت قراراته وتلاعبت بمصيره وهي تسير به الى نهاية مجهولة أو محفوفة بالمخاطر !
– هل توصّل الاعضاء أن الحزب قد بلغ من العمر عتياً بعد إنقضاء تلك العقود من السنين وماشابها من إرهاصات واضطرابات وإرهاق ولحظات مُضنية وليالٍ حالكة وسنوات عجاف وقد هرم وأصبح الآن في عِداد الموتى !
– هل يعتقد الاعضاء أن الحزب في مراحل مسيرته قد إنحرف عن أهدافه وأنّ هنالك مَن إرتكب تحت مظلته أخطاءاً فادحة لايمكن تصويبها أو صرف النظر عنها وأنهم ينؤون بأنفسهم عن تبعاتها !
– هل يعتقد هؤلاء الاعضاء أن الحزب سيواصل مسيرته وينهض بواجباته وهم يقفون على التل يترقبون مايحصل له عن بُعدٍ من غير رفدِه بعطائهم !
– هل يعتقد هؤلاء الاعضاء أن الحزب يقف على أقدامه ويتجاوز الأزمات ويتغلب على التحديات بدون الارتكاز عليهم وبدون تنشيطه وتغذيته المستمره بأفكارهم وطروحاتهم وبدون دعمهم له معنىً وعدداً !
– هل يعتقد هؤلاء الاعضاء أنهم قد أصبحوا على قدرٍ من الخبرة والتجربة والقناعة بأن البقاء في تنظيمات الحزب غير مُجدية وأن هنالك تعارضاً بين مايُفكر به الحزب وماترسّخ في مبادئه من جهة وبين مايُخطَط له من برامج ومايظهر في خطوات سلبية عند تنفيذها من جهة أخرى !
– هل يعتقد هؤلاء الاعضاء أنهم قد وصلوا الى حالةٍ من النضج الفكري يرفضون فيه البقاء في الحزب وأن التحرر من قيوده هو الافضل !
– هل أن الحزب أصبح عالة على الفكر والمجتمع وأنه في نظر بعض الاعضاء (على أقل تقدير) أصبح جثة هامدة لاحِراك فيها مهما عملنا له من إسعافات أو أدخلناه الى غرف الانعاش !
– هل أن الفترة او الفترات الخانقة للفكر وللاحزاب التي مرّ بها العراق والتعسف الذي مُورس ضد معتنقيها قد ألحق بهم إحباطاً وترك أثراً لازال يتوجس منه بعض الاعضاء !
– هل أن ماحصل لبعض الاعضاء في فترة من الزمن من ملاحقات او إستفسارات او مضايقات او تهديدات او التعرض للضرب او وضعهم تحت المتابعة اليومية من قبل أجهزة الدولة الامنية او الحزبية التي كانت متسلطة في تلك الفترة يستحق ذلك التهويل والتضخيم ليكون حائلاً دون إعادة النشاط الحزبي فيما بعد !
– هل ان الخروج من التنظيم أصبح (مفخرة) لبعض الاعضاء للتنصل من الحزب الى الدرجة التي أصبح أحدهم يُجاهر بها ويعدّه عملاً بطولياً !
– هل عملنا حسابات موزونة ومتزنة لمدى الانتفاع من البقاء في الحزب او العودة اليه ثانية من عدمه ومامستوى إنعكاسه السلبي او الايجابي على المصالح الوطنية للشعب والوطن !
– ماهو المستقبل الذي يمكن رسمه للحزب ونحن نرى أن الشخصيات المُؤثرة والفاعلة فيه قد إنسحبت وتنسحب من الحزب تباعاً او مجتمعة وهي تعتقد أن هنالك تعارضاً بين قناعاتها وقناعات الذين يقفون على رأس التنظيم وخططه المستقبلية !
ولو أحصينا من الناحية الفعلية الذين يقولون أنهم قد أصبحوا من زمنٍ خارج دائرة الحزب ونطاق حلقاته او الذين إختطّوا لأنفسهم تياراً فكرياً آخر نكاد نجزم حينئذ بأنه لم يبقى للحزب من رجالٍ أصلاء ونساءٍ أصايل في تشكيلاته ضمن تنظيمه الرسمي حتى أن الحزب أصبح يتيماً وأضحى مُقطّع الأوصال وجزءاً من التأريخ وأمسى لايعدو غير هيكل عظمي قد نخرت أساساته مخالب الزمن.