23 ديسمبر، 2024 11:57 ص

حينما تموت الازهار —لاينفع الندم !!! 

حينما تموت الازهار —لاينفع الندم !!! 

لا زلت اذكر شجرة الخوخ —ازهارها البنفسجية ترتقي فتعانق جبين حديقتنا—وريقاتها شفافة تشبه ورق الصفصاف،اما اغصانها،فكانت غضة،طرية،رقيقة؛غالبا ما تتكسر بمجرد ان تهب عليها رياح ربيعية،عاتية —انهارقيقة ،ممتلىة،تعشقها ، وتتمنى،روحي الشابة ان تماثلها ،في كل شيء —في الحركه ،في السكون ،وفي العناق أيضا   كنت مثل شجرة الخوخ —وانا لم ابلغ الخامسة عشرة —فقد صرت طرية،بضة،شفافة،اتمايل كلما هزتني احلامي ،اترنح كاغصانها—واعبر بخيول بيضاء كل المرابع الخضراء،واتخيل ان نهرا جميلا ،ينساب ،بالمياه الرقراقة ،العذبة ،واحسب اني سازهر ،كما تزهر شجرة الخوخ —واثمر مثلها،وانظر الى قدمي الصغيرتين الجميلتين ،على البساط العشبي،الاخضر —فارى فيها شهية،ونشوة—فاتاكد ان مملكة ساحكمها،وان عرشا ساعتليه ،وتاجا سوف ارصع فيه شعري الكستناىي،لذا فاني احلم به شابا ،قويا،بعيون سوداء ،او عسلية ،واكون سعيدة به . وجاء ربيعي كما جاء لشجرة الخوخ —وظهر لي الفارس القوي ،حينما بلغت السادسة عشرة —لقد رايته كما تمنيت —واخذ بيدي ،واحتضن كل جوارحي ،حتى تصبب كل عرق مني بعرق انوثتي ،وجمالي —قارنت بين زهرتي ،وازهار شجرة الخوخ ،فتصورت انني اضاهيها جمالا،وروعة،لا بل ودلالا ،وخيلاء —وتخيلت اني طرية ،جذلى—وقلت في نفسي،لابد وان تثمر زهرتي كما اثمرت ازهار شجرة الخوخ في باحة دارنا —وازددت جنونا فقطفت زهرة ووضعتها بين نهدي ؛وقلت يا للجمال،ويا للروعة؛وزينت بها قمة شعري !!! ولم اصدق نفسي ، حينما علمت ان ثمرة علقت باحشاىي —وانتظرت الميلاد ، حتى جاء ، واذا به نبعا ،وصار برعما ، ينمو،وينمو، فاضحى يافعا، رقيقا شفافا ،اءعطيته من روحي، واءحلامي حتى لم يبق لي منهما شيء لم اعباء بما في يد زوجي —ولم اكن مهتمة بكلماته الحجريه —فاحيانا اوبخه —واخرى ارشده —ومرة اطفاء مصابيحي بوجهه —ولكنه لم يعباء بي ايضا بل مضى ،يستجدي ،وينافق،ويتذلل لمن يسحقه ،وينهش ،ويمتص ،ويستحلب من هو واقع في شباكه العنكبوتيه —نزع ثوبه وخلع بريق عينيه حتى تحجرتا—وصار يبحث عما ييبس الغصون ، ويتلف الخضرة —ويقتلع ما يظن انه يبعده عن هدفه الذي لا وجود له ، ولاشرف منه، ولا رفعة فيه وكبرت الالام —ونمت الاموال الحرام —كنت المسها حتى في عيون الجيران —والمسها في شتاىم الاقرباء ،لا بل في ملبسنا ،وفي ماءكلنا ؛ حيث ان توسلات العجاىز والمسنين ،ما عادت تغسل ارواحنا الصدىه ، ولم استطع التحمل فخاطبته قاىلة : -ياابا احمد ، لقد ابتعدت عن الطريق !! *وهل انا الذي اوجدتها ؟! -لكنك كاي حجر فيها؛؛ *لست الوحيد فيها،فالغطاء تحته الكثير—ولا ا ريد ان اكون جرحا؛ – لكن احمد فاشل -هو مستقبلنا ؛؛ كانت الكلمات قنابل تقتلع جذور بيتنا —لا بل اسس حياتنا،انها تحرق كل شيء ،ماضينا ، وحاضرنا ، ومستقبلنا —وحانت مني نظرة الى شجرة الخوخ —فرايت اوراقا اخرى تزدادذبولا ، وتزداد اصفرارا ، والازهار ايضا . رن جرس الباب،واذا به البستاني متلفعا بكوفيته ، مصفر الوجه ، بتراب حديقة احد الجيران ، فتحت له باب الدار—وسلم سلاما مقتضبا —ادركت عمق بغضه لبيتنا ؛ لكن ما افاقه من بغضه سؤالي المتوسل اليه : -يا عم! *نعم !! – الم تستطع معرفة سبب ذبول شجرة الخوخ ؟! * لا ،ولعل ذلك يرجع الى جرذ يقطع جذورهااو حشرة تاكل امتدادها في الارض ؛واناس عندنا كما يفعل الجرذ واطرقت واحسست انه اصابني بسهم بغضه —ولعله يشتمنا برفق بخلاف غيره ؛وسالته : -يا عم ! *نعم !! – ارجو ان تعيد الى شجرة الخوخ ،عرسها ، وشبابها ، وعطاءها ،ارجوك ؛لا تجعلها تموت ؛! * افعل انشاء الله ، ساحرثها من جميع جهاتها ، علها تعود ، كما ترغبين ، تصبري فالارض باقية لن تموت !! وهنا تصفحت وجهه ؛واذا بلحيته بيضاء طويلة؛يشوبها اصفرار التبغ ،والتراب—بدت لي كانها جذور تعشق الارض ،وتنغرس فيها؛ تمنيته ابا لاحمد ،انه حكيم —ووضعني في صحراء لا ارى نهايتها، مملوءة بالافاعي ، وانهمرت الدموع من عيوني ؛ولاحت امامي شجرة الخوخ ،ذابلة ازها رها—امتدت يدي نحوها،وهي بعيدة اتوسل اليها : ” انك ،شبابي –انك ولدي ؛انك–وحينما تموت الازهار –لا ينفع الندم ” .