مذ خرجت التظاهرات في محافظات العراق الجنوبية، والعراق يغلي بسبب طبيعة العلاقة بين الحكومة وهذه المحافظات، ذلك أن الغالب عليها أنها شيعية، يضاف الى ذلك أن الحكومة ذات أغلبية شيعية (ظاهرا على الأقل)، فلماذا يتظاهر الشيعة على حكومة رئيسها منهم، وهم الذين يتباكون على أن الأقلية تحكمهم وتهضمهم حقوقهم، فماذا عدا مما بدا؟
سؤال يمكن ان يكون جوابه في سطرين وهو، أن المتظاهرين خرجوا بسبب تردي الخدمات في هذه المحافظات، وكذلك عدم وفاء الحكومات السابقة لوعودها في تطوير البنى التحتية لهذه المحافظات، وكفى!
لكن هل هذه هي الحقيقة الكاملة التي خرج من أجلها الناس الى الشوارع والساحات، ومن ثم ركبها أناس لا صلة لهم بالتظاهر، لكنهم ركبوها لتحقيق غايات وأجندات لم ترد في ذهن المتظاهرين الحقيقيين.
ما تقدم بعض الحقيقة، ذلك لأن حقيقة الأمر هو وجود أجندات تحاول التشويش على إنتصارات الحشد الشعبي، بعد أن أصبح حقيقة واقعة بفضل توجيهات المرجعية الرشيدة، ومع هذا فإننا لا ننكر وجود ملفات فساد وتردي في الخدمات المقدمة للمواطن من قبل الحكومة السابقة، وهو الأمر الذي نبهت إليه كثير من قيادات البلد؛ لكن من دون أن يسمعها أحد، ونتيجة لتجاهل هذه التحذيرات حصل ما حصل، من سقوط الموصل ومجزرة سبايكر، التي راح ضحيتها 1700 شهيد في عمر الورود، وما تلا ذلك من سقوط مدن عزيزة.
إصلاحات السيد العبادي جاءت بعد أن حذرت المرجعية الدينية الرشيدة من خطورة الوضع في البلاد، وأن على السيد رئيس الوزراء القيام بإصلاحات جذرية، وفهم العبادي الرسالة وشمر عن ساعديه بإطلاقه لحزمة أولى من الإصلاحات شملت إلغاء مناصب نواب رئيس الوزراء والجمهورية (مع ان الدستور نص على وجود نائب لرئيس الجمهورية على الأقل)، وأردفها بحزمة الإصلاحات الثانية والتي شملت تقليص عدد الوزارات من 33 الى 22 وزارة، وينتظر منه إطلاق حزمة الإصلاحات الثالثة قريبا.
كل هذا جيد من السيد رئيس مجلس الوزراء، لكنه ليس بكافٍ، ذلك لأننا نسمع جعجعة ولك لا نرى العجين (كما يقول المثل) فكل هذا كلام في كلام، فنواب رئيس الجمهورية يمارسون مهامهم ويصرحون ويستلمون رواتب، وكذا الوزراء، فما هو المطلوب من رئيس الوزراء أن يفعله؟
نريد من السيد العبادي ان يقوم بإصدار أمر مقرون بموافقة مجلس النواب وتصديق رئيس الجمهورية على ما قام به من خطوات، ثم يجب عليه تحديد سقف زمني لتنفيذ جملة من الإصلاحات فيما يتعلق بتقديم الفاسدين والتي تحتفظ هيئة النزاهة بملفات تصل عقوبتها حد الإعدام لبعضهم، وتوجيه ديوان الرقابة المالية بتدقيق الحسابات الختامية للوزارات طيلة السنوات السابقة، لأنه الأجدر في عمله، بالإضافة الى إسترداد الأموال المسروقة من قبل المسؤولين السابقين في الحكومة والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات.
إننا عندما نقول هذا الكلام، لأنه نبض الشارع الذي تعاطفت معه المرعية الدينية، ولأننا لا نريد أن يركب موجة التظاهرات من لا يمكنه أن يقدم للعراق سوى الدمار بحجة الدولة المدنية والعلمانية، وإزاحة الإسلام السياسي كما يروج له أصحاب الدولة المدنية.
وللموضوع صلة.