18 ديسمبر، 2024 11:13 م

يقول جوزيف ستالين ان السياسي الصادق مثل الماء الجاف او الحديد الخشبي، لم اجد غير تلك الكلمات لأصف وضع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي اطلق العديد من التعهدات بعد ساعات على منح الثقة لحكومته، ولعل واحدة منها تشكيل لجنة لتقصي الحقائق عن الاحداث التي رافقت الاحتجاجات الشعبية منذ شهر تشرين الاول الماضي، والكشف عن قتلة المتظاهرين ومحاسبتهم.

وعلى الرغم من مرور نحو ثلاثة اسابيع على تلك التعهدات التي اعلنت في التاسع من شهر ايار الحالي، لم نسجل حتى الان تحركات واضحة لتشكيل اللجنة او الكشف عن اعضائها وطريقة عملها وكيفية جمع الادلة والاستماع لشهادات المتظاهرين، جميع تلك القضايا لم تحصل، وعلى العكس من ذلك حينما عاقب الكاظمي حركة ثأر الله باغلاق مقرها في محافظة البصرة بعد استخدام حراسه الرصاص الحي ضد المتظاهرين، وتحويله لمقر عسكري تابع لقوات حفظ القانون، جاء الرد بعد عدة ايام، ليقتحم انصار “ثأر الله” المقر ويطردون القوة الامنية التي كانت بداخله معلنين استعادته، لتسجل اول نقطة في مرمى رئيس الوزراء اثبتت حقيقة واحدة لا تقبل القسمة على اثنين، تؤكد بان جميع التعهدات مجرد “استعراضات اعلامية” حاول تطبيقها على “اصغر” فصيل مسلح خارج سلطة الدولة لكنها فشلت.

بعد هذا لك ان تتخيل عزيزي القارئ بان السيد الكاظمي لم يتمكن من معاقبة “حركة” لا تمتلك قوة كبيرة او جهة سياسية تساندها بالمواقف، فكيف سيتصرف مع بعض الجهات او الفصائل التي تمتلك “المال والسلاح” ولديها اجنحة سياسية داخلية وخارجية تدافع عنها وترفض “محاسبتها”، وبنظرة بسيطة لزيارة رئيس الوزراء لمقر هيئة الحشد الشعبي ستكتشف وجود قوة كبيرة لا يستطيع صاحب التعهدات تجاوزها او العبور على ارادتها تتمثل بقيادات في الحشد الشعبي يتقدمهم “ابو فدك” الذي ظهر أمامه الكاظمي واضعًا يده على صدره خلال الحديث معه في اشارة للامتنان رغم اتهامات الأول الملقب بـ”الخال” بدور في قمع التظاهرات، وبذلك اول قضية راهن الكاظمي على تنفيذها ضمن مطالب المتظاهرين.

لكن هذه لم تمنع رئيس حكومتنا من الاستمرار بسياسة “التناقض” التي مارسها منذ لحظة صعوده على منصة البرلمان لالقاء خطاب منح الثقة والبرنامج الحكومي حتى وصوله لجلسة استلام الحقائب الوزارية من رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي الذي امتدحه قائلا بان “حكومته حققت الكثير من الانجازات لكنها ظلمت”، ودعا بعدها وهو ينظر لعبد المهدي “بعطف”، الى “مكافأة وزراء الحكومة المستقيلة، تكريما لخدماتهم”، بعدها بايام ظهر الكاظمي وهو يتباكى متحدثا عن خزينة خاوية استلمها من الحكومة المستقيلة ليحاول “بحيلة” مكشوفة ايجاد المبرر لارسال وزير المالية عبد الامير علاوي إلى السعودية للبحث عن قروض مالية تسد “العجز” في توفير الاموال لرواتب الموظفين والمتقاعدين، لكنها كانت رسالة “مفضوحة” قدمها مستشاروه ارادوا القول من خلالها بان المرحلة المقبلة ستكون باتجاه السعودية وبعيدا عن ايران، لكن تلك “الحيلة” التي صاغها المقربون من رئيس الوزراء لم تنجح، لترتد نتائجها العكسية على الكاظمي وقراراته الاستعراضية ليجد نفسه في مواجهة أزمة كبيرة بحاجة لقرارات فعلية وليست فيسبوكية يوجهها مكتبه الاعلامي.

الخلاصة إن رئيس الوزراء (ابو هيا) وضع في موقف لا يحسد عليه، لعدة أسباب اولها، عدم امتلاكه الادوات المناسبة لمواجهة الازمات التي تشهدها البلاد وابرزها توفير الاموال، وثانيها اعتماده على مستشارين لا يقدرون حجم “الكارثة” وتفكيرهم منشغل بالرد على منتقديهم عبر صفحات الفيسبوك، وخلق اخبار “كاذبة” ونسبها الى الكاظمي باظهاره في موقف البطل عنوانه “حياك يا ابو هيا” متجاهلين بان الكشف عن حقيقة المعلومة من عدمها أصبح أسهل من غيرها في وقتنا الحالي.. اخيرا.. السؤال الذي لابد منه: هل سيرحل الكاظمي قريبا؟..