تعتبر ظاهرة خلط المفاهيم واساءة استخدامها ، شائعة ويمكن ملاحظتها عند الاستماع الى احاديث بعض السياسيين والاشخاص العاديين او قراءة بعض الكتابات المنشورة.
تعرّف الحرية ( freedom) بكونها :
ان يكون الفرد متحرراً من مجموعة من القيود .
اما الليبرالية ( liberal) او ( liberalism ) ، فهي تعرّف بكونها :
ان يكون الفرد حراً للقيام بعدد من الاعمال او التصرفات.
بمعنى آخر ، فأن الليبرالية هي الحرية المقيّدة بالقانون الذي يرسم حدود الحرية للفرد ويحفظ حريات الآخرين ايضاً..
حيث أن التمادي غير المقيّد بممارسة الحرية ، سوف يؤدي الى التجاوز على حريات وحقوق الآخرين حتماً.
معنى ذلك ان حدود حرية الفرد تختلف من دولة الى أخرى وبموجب احكام الدستور الخاص بكل دولة.
اما الديمقراطية ، فهي نظام يقوم بموجبه كل السكان الذين يحق لهم قانونياً المشاركة، باختيار من يحكم الدولة ( البرلمان او الرئيس الخ ..)، ويكون ذلك عادة عن طريق الانتخابات …
اي انها آلية لتداول السلطة يكون فيها رأي الشعب هو من يقرر من يأتي الى الحكم وطبقاً لما يحدده الدستور من حيث شروط الترشيح والانتخاب.
هنالك معنىً فنياً لمفردة ديمقراطية وهو الذي اشرنا اليه فيما تقدم ، وهنالك معنىً ثقافياً شائعاً أقل دقة ويستخدم بمعنى حرية الفرد او العدالة الاجتماعية …
في حين ان حرية الفرد يرسمها القانون الذي يشرعه الممثلون الذين تم انتخابهم ديمقراطياً لكي يعكسوا ارادة الشعب في تشريعاتهم..
وبما ان القاعدة العملية التي تجعل النظام الديمقراطي فعّالاً وقابلاً للعمل هي : قاعدة سيادة رأي الاكثرية ، فأن التشريعات ومساحة الحريات قد لاتنال رضى الجميع وقد يستمر جزء من المجتمع بالشعور بالسخط.
مما تقدم يمكن الاستنتاج ، ان المفهوم الفعّال باستمرار والذي يدير جوانب الحياة المختلفة بشكل يومي ومستمر هو الليبرالية. لذلك هي تستحق لمحة توضيحية ختامية :
الليبرالية لها قراءات مختلفة بين البلدان والحركات الفكرية المختلفة وحسب طبيعة فهم كل منهم لها ، ولكن الجميع يتفق على الايمان بما يلي :
-الاسواق الحرة وحرية التجارة
-حكومة محدودة من حيث الحجم والادوار
-ضمان الحقوق الفردية
-تبني الراسمالية والديمقراطية
-العلمانية
-المساواة بين الجنسين
-المساواة العرقية
-العالمية ( العالمية internationalism لاتعني العولمة globalization لان العولمة تهدف الى جعل العالم بمثابة كيان واحد وإضعاف الدولة الوطنية، بينما العالمية تعني انفتاح الدول على بعضها وتعاونها وتفاهمها مع بقاء استقلالها وسيادتها)
-حرية الكلام
-حرية الصحافة
-حرية الديانة
ختاماً ، وبالعودة الى المشهد السياسي العراقي ، نقول ماهو مستوى الوضوح في ليبرالية العراق ، والذي يجب ان يكون ليبرالياً وفق صيغة تداول السلطة الحالية؟
وهل ان جميع الاحزاب السياسية توافق عليها وتؤمن بها ؟
هل هنالك حوار ثقافي سياسي لبيان الشكل الملائم للعراق من الليبرالية؟
اسمع احياناً بعض السياسيين ينطقون بهذه المفردة وفي غير محلها الصحيح ، مع ان الاكثرية لايتطرقون اليها ابداً ..
الموقف الواضح من اللليبرالية سوف ينعكس على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلد..