23 ديسمبر، 2024 2:00 م

حول التنسيق الجاري بين التيار المدني والصدريين

حول التنسيق الجاري بين التيار المدني والصدريين

منذ اكثر من سبعة اشهر، والتظاهرات الشعبية مستمرة، استقطبت  في بداياتها جماهير واسعة قدرت بعشرات الالاف، وباستمرار الوقت، وبسبب الخطة التي اتبعتها السلطة في افساح المجال امام التظاهر، مراهنة على ملل الجماهير وارهاقها، بدأت تلك الخطة تأتي بأكلها، بالفعل بدأت التظاهرات بالتقلص بحيث اصبح عددد المشاركين فيها لا يتعدى بضع مئات، واقتصرت على العناصر الملتزمة سياسيا تقريبا.ما أن دخل التيار الصدري على خط التظاهر في الاسبوعين المنصرمين، حتى تصاعد عدد المشاركين فيها الى مئات الالاف، وقد اظهرت تلك المشاركة الواسعة في التظاهرات، حجم وقوة التيار الصدري في الشارع، وخصوصا بين اوساط الجماهير الفقيرة والمعدمة، بالرغم من ان التيار لم يصبح لحد الان حزبا منظما بل يعتمد بالدرجة الاولى على النفوذ الشخصي والديني للسيد مقتدى الصدر.لوحظ في تظاهرة الجمعة الماضية، مشاركة التيار المدني مع التيار الصدري فيها، والقاء السيد جاسم الحلفي ممثل التيار المدني كلمة في المتظاهرين.لاشك ان المشاركة في تظاهرات جماهيرية مطلبية تحظى بتأييد شعبي واسع ليس فقط بعدد المشاركين فيها ولكن اضعاف هؤلاء غير المشاركين فيها، تجمعهم تلك المطالب العادلة، بالتغيير الجذري للعملية السياسية التي بنيت على اسس خاطئة منذ بدايتها،اضافة لأستشراء الفساد المالي والاداري بشكل غير مالوف، ، سواء في العراق على مدى عقود من السنيين او في مختلف ارجاء العالم، وفشل ذريع في الاداء الحكومي على مختلف الصعد.السؤال الذي يطرح نفسه هنا، ماذا لو جرى اتفاق بين احزاب السلطة وبين التيار الصدري، الذي ما يزال ركنا اساسيا في التحالف الوطني (الشيعي)  ربما بتأثير او ضغط خارجي، او لأرضاءه عبر اجراء بعض الاصلاحات الشكلية وتوسيع مساهمته في السلطة وهذا أمر غير مستبعد؟ حينذاك ماذا يكون موقف التيار المدني بمحدودية امكانياته وجماهيره التي لا تقاس بأمكانيات وقوة التيار الصدري؟ او ربما يحدث العكس، بحيث يستمر التيار الصدري بتظاهراته وتنفلت الامور لكثرة عدد المتظاهرين الغاضبين على سياسات السلطة ويرافق ذلك انفلات امني والقيام باعمال فوضوية، ربما تكون مقصودة من قبل الجهات المتضررة من التغيير في حال اندساسها بين الجماهير المتظاهرة الغفيرة، كما حدث في انتفاضة عام 1991، عنما دست مخابرات النظام عملائها بين المنتفضين وجرتهم للقيام بأعمال تخريبية مست ممتلكات الدولة، وقد حققت السلطة آنذاك مرامها في تشويه سمعة تلك الانتفاضة الجماهيرية؟ اعتقد عند ذاك ان التيار المدني سوف يدف الثمن الاكبر وسيخرج منها التيار الصدري سالما  بسبب نفوذه السياسي في السلطة اضافة لنفوذه الديني، وسيكون التيار المدني كبش الفداء، وستلصق به كل تلك الاعمال غير القانونية، وستجمع كل التيارات الاسلامية التي هي بالاساس لا تضمر المودة تجاه التيار المدني والعلماني على شن هجمة اعلامية ربما تتطور الى ما لا يحمد عقباه، كما ستجدها فرصة سانحة لتقيلم اظافرالتيار المدني وكافة القوى العلمانية والديمقراطية.على القوى المدنية ان تدرس كل الاحتمالات وتأخذها على محمل الجد، فلا ضير من الاستمرار في التظاهر ولكن بشكل مستقل وبشعاراتها الخاصة، ولا تقطع جسور التواصل مع كافة القوى المنادية بالتغيير نحو عراق آمن ديمقراطي مدني مزدهر، وبضمنها التيار الصدري الذي يلتف حوله جماهير غفيرة، كذلك الاستمرار في مشاركة جماهير القوى المدنية في نضالات الاوساط الطلابية والعمالية على اساس شعارات موحدة بعيدة عن الشخصنة ومطالب غير ممكنة التحقيق،   كما يجب اجراء دراسة مسهبة حول مدى استعداد جماهير التيار التي هي بالاساس ليست بمستوى واعداد التيار الصدري، في الاستمرار بالتظاهر الى مالا نهاية، ودراسة ألتأثير النفسي على جماهيره في حالة تقلص المشاركين في تظاهراته، وتشفي اعداء وخصوم التيار به، واستغلاله للنيل من قوة القوى المدنية والعلمانية والديمقراطية.اقولها بصراحة لاخوتي في التيار المدني، ادرسوا كل الاحتمالات بروية بعيدا عن العواطف والانفعالات، لأن القوى الديمقراطية لم تعد تتحمل ضربات جديدة كسابقاتها التي جرت على ايدي الانظمة الدكتاتورية الفاشية.أرجو أن لا يؤخذ كلامي على انه تثبيط للعزائم او دعوة لترك ساحات النضال الجماهيري، حيث ان النضال من أجل قضايا الشعب العادلة تأخذ أوجه عديدة، بالاخص ونحن في عصر الاتصالات السريعة وعصر مواقع التواصل الاجتماعي التي غدت وسيلة اعلامية فعالة لنشر الافكار والمبادئ وفضح الفاسدين والفاشلين والطائفيين، والتي تستقطب ملايين الناس، كما يجب ان نستخلص الدروس والعبر من تجارب نضالات شعبنا في السابق ونضالات وشعوب العالم، في تحقيق اهدافنا التي تصب في خدمة مصالح شعبنا ووطننا حتما.