23 ديسمبر، 2024 4:35 ص

حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للتكنولوجيا

حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للتكنولوجيا

فيسبيسيان الامبراطور الروماني الذي بدأ بتشييد ملعب الكولوسيوم الشهير في روما ،رفض تطبيق اختراع قدمه له احد المهنددسين وهو عبارة عن رافعة جديدة يمكن ان تسرّع بناء الملعب وغيره من الصروح الصخمة.
دفع مكافأة للمخترع لكنه امر بحفظ الاختراع قائلاً: ان ذلك سوف يلغي وظائف الكثير من العمال الفقراء.
السلطان العثماني بيازيد منع استخدام الطابعة لانه كان هنالك اكثر من ثمانين الف شخص في اسطنبول يعيشون من نسخ الكتب ، وأن أستخدام الطابعة سوف يقطع سبيل الرزق عليهم لانه يلغي الحاجة لوظائفهم.
لقد انحاز الاثنان الى مصلحة العمال ووقفوا ضد التكنولوجيا تجنباً للاضطرابات الاجتماعية أضافة الى الاعتبارات الانسانية ، ربما.
بريطانيا كانت الاولى التي وقفت الى جانب التقدم الصناعي حتى لو ادى الى فقدان الوظائف ولذلك قامت الثورة الصناعية اساساً في بريطانيا. وعندما اندلعت احتجاجات عمال صناعة النسيج ضد استخدام آلات جديدة تعوض عن العمل البشري،
تم قمع احتجاجات العمال بشدة باستخدام الجيش.
عام ١٩٠٥ تم اختراع حاصدة القطن الاوتوماتيكية في امريكا،
ادى ذلك الى فقدان وظائف خمسة ملايين عامل كانوا يعملون في مزارع القطن في الجنوب وعملهم هو قطف القطن.
كان جميع هؤلاء تقريباً من الزنوج ،
واضطروا للهجرة الى ديترويت للعمل في مصانع السيارات.
معظمهم غير مؤهلين ولايستطيعون العمل في هذه الصناعة وعملوا في وظائف هامشية او واجهوا البطالة. لذلك عاشوا في مساكن عشوائية في الضواحي وانتشرت الجرائم في اوساطهم وانتشرت المخدرات .لقد تضررت ديترويت من تلك الهجرة ، وتغيرت هويتها السياسية وولاء سكانها السياسي للأحزاب في الانتخابات.
التكنولوجيا تلغي وظائف وتخلق وظائف اخرى جديدة تحتاج الى مهارات مختلفة ..
وهنالك من يتوقع اختفاء ملايين الوظائف ولكن التكنولوجيا تخلق وظائف جديدة تحتاج الى مهارات جديدة.
التكنولوجيا خفضت تكاليف الانتاج وبالتالي خفضت اسعار السلع وارتفع مستوى معيشة الناس واستطاعت اعداداكبر من الناس ان تتمتع بالمنتجات التكنولوجية الجديدة.
زيادة الانتاجية ادت الى زيادة اجور العمال . انخفضت ساعات العمل وتحسنت ظروف وبيئة العمل..
تشير الدراسات المتعلقة باسواق العمل والوظائف الى ان الوظائف الوسطى هي الاكثر تضرراً من انتشار التكنولوجيا في الاعمال.
الوظائف الدنيا لاتستحق تطوير واستخدام تكنولوجيا مكلفة لاحلال العمالة البشرية..
ذلك يعني انكماش الطبقة الوسطى وهي الطبقة الاساسية في البناء الاجتماعي التي تربط الطبقات العليا بالدنيا.
ذلك يؤثر في التركيبة السياسية وطبيعة النشاط والاستقطاب السياسي في البلد ، حيث ان الطبقة الوسطى هي الانشط سياسياً والاكثر اهتماماً بالشأن العام ..حيث كانت تشمل اغلبية المصوتين في الانتخابات اضافة الى الكتّاب والمدرسين والصحفيين. كما ان معظم التوجهات الاجتماعية في الولايات المتحدة ( مثلاً) تتولد في داخل الطبقة الوسطى.
ونظراً لاهمية الطبقة الوسطى، كلف الرئيس الامريكي باراك اوباما نائبه بايدن ليترأس فريقاً لإعداد تقرير عن اوضاع الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة.
حصلتُ على نسخة من التقرير وراجعته ، وكان واضحاً ان الغرض منه كان الوقوف على تطور اوضاع هذه الطبقة من كافة الزوايا .
لايمكن وقف التقدم التكنولوجي بدافع الحفاظ على الوظائف بل ينبغي تطوير نُظم التعليم والتدريب لتأهيل الناس لمواكبة حاجة التكنولوجيا للمهارات.

Sent from my iPhone