23 ديسمبر، 2024 5:39 ص

تهتم حركة العصر ( العالمي ) بمفردات وتفصيل حقوق الانسان وتمدها بالتأصيل الشرعي ( دين ) وتبسطها بالقانون الوضعي لارساء ( عرف ) وتقليد يسمو الى ثقافة مجتمعية تحرر ذاتها وتنتج الجديد التنظيمي والبيئي للديمومة والتطور، وفي خضم هذا التواصل والبناء لارساء هذه الثقافة فأن المجتمعات تحتاج الى معايير والى مقارنات تصنف بها ذاتها، ولذلك فهي تذهب بدافع وغاية ( الحاجة ) الى المجتمع (( الأدنى )) والآخر المجتمع (( الأعلى )) يلحظ الانسان وحقوق الانسان حتى تتكامل. إن تجربة المجتمعات مهما برزت بشكلها الشعبوي الجماهيري العام فهي تبقى جمع مفرادت انسانية متقاربة مع الاخرى لتشكل في اطارها العام شكل المجتمع، وهذا الواقع من الاهمية بمكان هو الذي يرجح دراسة الظاهرة الاجتماعية ( الايجابية ) أو ( السلبية ) لامكان العلاج لشريحة أوسع وبوقت أقل، ثم ينتقل الى الشخصية أو الحالة الفردية وهي بدورها تنتج ( صحة ) مجتمعية من متراكمها. الفكرة الأصل في هذا الانسان الذي يفتش ويسعى جاهداً لتحقيق ( الأنا ) وليس الذات كما يدعي معظم الناس والفرق بينهما، يملأ رسالات ( دين ) بأكمله، الا أن الفرد مازال مصرّاً على أن ( الأنا ) هي تحقيق الذات، بالرغم من ان الاصل في بروز ( الأنا ) هو حتمية وجود شيء آخر من سنخيتها، من نفسها ( للمقارنة به ) حتى ( تتفرد عليه ) .. وهذا الشيء ان لم يكن موجوداً فبأي قياس تبرز هذه الانا، وهذه تتنقل الى دائرة اخرى تعتبر غاية بالأهمية، وهي أن علة ابعاد الشيء الآخر ( الانسان ) لأخيه الأخر هو لتقليص مساحة التنافس وتشديد احتمال فرصة ( الأنا ) البارزة على المجتمع، ولكنك بذات الوقت تحتاج الى الآخر الجديد لتكون موجوداً ومحقق لذاتك وهذه فلسفة وجود لا يمكن تخطيها على الاطلاق، وان قصص وموروث التاريخ والمجتمعات ممتلئة بهذه ( النماذج ) .

وعادة تكون التجربة الانسانية الثانية اكثر تحفزاً وحذراً ونضجاً بشرياً، وهو ما يعني ان فرصة التنافس قد تعقدت أكثر، هناك حالات نكوص انساني الى حضيرة الحيوان الغرائزي الذي يفتش عن اشباع مادي، وان ( الأنا ) لديه هو هذا الاشباع فقط وهذا يتكفل بنهايته الزمن، لأن هذه االشهوات تسقط بالتقادم، بعد ان تأخذ الانسان السوي الى الحضيرة، بينما الرسالة الانسانية بأكملها هي ان ترتقي حتى بحضيرة الحيوان الى مناطق انسانية، وأن الانسان نفسه يعد هذا التعاطي مع أصناف بشرية ( مخلوقات ) بطريقة انسانية، هي مناطق كمالات تأخذه الى حيث الرقى والشفافية والفناء في الغاية الانسانية بعد أن يتجاوز الغل، ويتجاوز ( الحقد ) ويتجاوز ( الكراهية )، ويحافظ على ( الثورة الداخلية )، ويحافظ على ( التمرد )، ويحافظ (رأي الحق )، ويحافظ على ( العقل المفتوح ) ويفتح منافذ الوصول والتواصل ولا يغلقها بالسموم والسلبية ( سوداوية ) أو كما يقول شيلر بتعريف الغل بأنه ( افزاز مشئوم لعجز مستديم، يجري ضمن حيز مغلق ) وبقدر أهم وأكثر يقينية فأن الدين يخص ويعالج ظلمة الانسان (فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي آلصدور ) ويدفع بقوة الى تجاوزها ( اللَّهُمَّ أَنْزَعْ مَا فِي قُلُوبِنَا مِنْ غِلٍ )، ليعبر الى نتيجة أخروية وصورة يراها سبحانه لوحده ولا يراها غيره ( فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ )، ( إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ )، وبذلك تبقى المحبة والخير للآخر هي المعنى والناتج الحقيقي لحصاد ( الرحمة ) و( الرحيم ) التي يرجوها البشر من الله تعالى.