بعد إدخال خدمة الفيس بوك في موقع كتابات لتسهيل مداخلات القراء على المقالات المنشورة غزت الموقع الشتائم والسباب من أشخاص يتصورون أن لهم كل الحق بقول كل مشين والتراشق بالكلمات المهينة والألقاب البذيئة وخاصة على بعض المقالات السياسية والدينية. وحسناً فعلت إدارة الموقع في أغلاق هذه الخدمة ولو بصورة مؤقتة والأبقاء على التعليقات التي ترد للموقع عن طريق ملىء الحقول في نهاية كل مقال. إن هذا القرار ليس تكميما للأفواه ولا قتلاً للحوار ولا حجبا لحرية التعبير كما يعتقد البعض لأن للتحاور أصول وهو أسلوب حضاري، الا انه وبعد الأنفتاح الأعلامي والتوجهة الى ما يسمى بالنظام الديمقراطي أعتقد البعض أنهم أحرار في سب من يشاؤن والخوض باعراض الناس لمجرد المشاكسة أو إسكات من يطرح موضوعاً عقلياً أو يسأل سؤالاً منطقياً أو يكيلون اتهامات للكاتب ما أنزل الله بها من سلطان.
الفرق بين الغرب والعرب هي نقطة فوق حرف العين والفرق بين ديمقراطية الغرب وديمقراطية العرب هي أيضا نقطة، فهم يستعملون الحوار وجماعتنا يستعملون الخوار. يعتقد البعض أنهم بالسب والشتيمة يدافعون عن أسماء الشخصيات التي ترد في مقالات الكتاب سواء كان الشخص حاكم أو خليفة أو قائد أو فرد من أهل البيت ماتوا منذ مئات السنين لهم ما كسبوا ولنا ما كسبنا ولا نُسأل عما كانوا يعملون. إذا سألت من يسب ويشتم ويطعن سواء بالشخصية المعنية في المقال أو بكاتب المقال إذا تسألهم هل أنتم مسلمون سيقولون: بلا شك طبعاً مسلمون كيف تجرؤ على هذا السؤال، هذا إذا ما أشبعوك سباً ووصفوك بأقذر الأوصاف، إنهم ينسون الأحاديث النبوية: ليس المسلم بطعان ولا لعان، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وقوله تعالى وجادلهم بالتي هي أحسن، وقوله ولا تنابزوا بالألقاب. فأين هذا من ذاك ولماذا يشتمون إخوانهم في الدين؟
يعتقد الشتامون ان السب هو حرية لا ينازعهم عليها أحد وان الشتيمة واردة حسب مقولة ” تغدى به قبل أن يتعشى بك ” ويعتقد هؤلاء أن الأنتهاك والخوض في أعراض الناس إنما هو رجولة وشهامة. حريتكم تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، و تفكروا في قول الرسول عندما خاطب المسلمين في حجة الوداع فقال: ” أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا”. هل تنطبق هذا الحرمة على المسلمين في ذلك الوقت ولا تنطبق عليكم في هذا الوقت، و حرمة أعراض الناس ودمائهم كحرمة شهر الحج وحرمة الكعبة. هل كان أهل البيت يسبون الناس أو من يخالفهم الرأي، فمن يدعي أنه من أتباع أهل البيت لماذا لا يتبع أخلاقهم وسلوكهم؟
ليس السب والشتيمة وحدها نمت بين الناس كنمو الفطريات بل كل ما نهى عنه الدين نما وترعرع بين ظهرانينا. بعد أيام ستحل ذكرى مقتل سيدنا الحسين بسيوف من عاهدوه لنصرته فخانوا الوعد والعهد وقتلوه مع أخوانه وعياله فراح شهيداً سعيداً. وبعد أيام سيذهب الناس الى كربلاء مشياً على الأقدام لأحياء المناسبة، وقد قيل أن عدد الزوار في السنة الماضية بلغ ستة عشر مليون ” مؤمن ” بضمنهم نصف مليون من خارج العراق كلهم يقولون أنهم من أتباع أهل البيت. وربما يقولوا ان العدد زاد هذه السنة الى عشرين مليون، فإذا علمنا أن تعداد سكان العراق الحالي هو إثنان وثلاثون مليون نسمة فيكون بذلك أكثر من نصف سكان العراق أي تقريباً كل عراقيي الوسط والجنوب قد حركوا أبدانهم وأقدامهم وساروا حباً للحسين وأهل البيت. إذا كان ذلك كما يدعون فيجب أن نشكر الله ونقول إننا بخير. ولكن هل فعلاً هذا هو الواقع؟ إذا كان نصف السكان يتبعون أخلاق أهل البيت فلماذا نجد فيهم من يشتم ويسب دون وجل ولا خجل. إذا كان نصف السكان يتبعون أخلاق أهل البيت فمن إذا يسرق المال العام والخاص وأموال اليتامى في بغداد والنجف وكربلاء والعمارة والبصرة وبقية المدن؟ إذا كان كل سكان الوسط والجنوب يتبعون اخلاق أهل البيت فمن إذاً يغتصب الأطفال ويقتلهم في البصرة وغيرها ومن يغتصب النساء ويذبحهم؟ إذا كان كل سكان الجنوب يتبعون سيرة أهل البيت فمن يقتل الناس لمجرد أختلافهم في الرأي أو اختلافهم السياسي كما حدث مؤخراً في البصرة وغيرها؟ إذا كانت حكومتنا والأحزاب المتنفذة التي أخذت الضوء الأخضر من المرجعيات الدينية قبل وبعد الأنتخابات كلهم يتبعون سيرة أهل البيت ويدعون التقوى فمن إذاً يأخذ الرشوة ويعقد الصفقات المشبوهة بملايين الدولارات ويهرب العملة؟ إذا كانت حكومتنا رشيدة جداً وتخاف الله وتدعي إتباعها لسيرة أهل البيت فمن الذي يتعاهد ثم يخون العهد ومن يكذب علينا كل يوم ومن يقطع أرزاق الأرامل واليتامى؟ هل هؤلاء هم من أتباع أهل البيت؟ لقد إنتشر النفاق وسوء الأخلاق في أرض الشقاق مصداقاً لقول النبي المصطفى: آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان”. فبأي طريقة نتحاور مع هؤلاء وهم يتخاورون وبأي طريقة نأخذ حقوقنا كمواطنين و نحفظ أنفسنا من المسيئين ومن المدعين لمحبة أهل البيت؟ ولكن لدينا أمل كبير في التغيير نحو الأحسن وان غدا لناظره قريب وقديما قيل الصبر مفتاح الفرج.