23 ديسمبر، 2024 1:42 ص

حوار على طاولة الجمر

حوار على طاولة الجمر

قبل ثلاثة اشهر من الان وتحديدا بمناسبة مرور الذكرى الثالثة للنصر على داعش كتبنا مقالا في جريدة العالم البغدادية بعنوان: حتى لا يضيع النصر الذي تحقق؛ وكانت خاتمته كالتالي:

لذا فان ناقوس الخطر يدق اجراسه في هذه الساعة بتحدي الخلافات الداخلية وداعش ما زال على الابواب ، بدعوة الجميع الى الوفاء للعراق والعراقيين ودماء الشهداء بتوحيد الرؤى والصفوف واحترام متطلبات العملية الديمقراطية من خلال حوار وطني جامع شامل وواسع يطرح كل المشاكل على طاولة الحل وحتى لا يضيع النصر الذي تحقق.

ورغم ان هذه الدعوة ليست الاولى لحوار وطني يوحد الصفوف ويزيل الخلافات ، الا ان السيد الكاظمي فاجئنا بعد انتهاء زيارة البابا فرانسيس للعراق بدعوة الى حوار وطني!!! . فهل كان رئيس مجلس الوزراء الذي استوزر قبل عشرة اشهر ينتظر زيارة البابا ليطلق هذه المبادرة!!! ولماذا لم يطلقها اول فترة ولايته ؟ ومن يقرر أليات الحوار ومن هي الأطراف التي ستشارك فيه والمكونات نفسها منقسمة ومتناحرة فيما بينها؟ وعلى ماذا نتحاور وما هي اهداف الحوار! هل هي توحيد الرؤى لإخراج الاحتلال أمريكيا كان ام تركيا من العراق مثلما دعت كتلة الفتح وصادقون؟ ام انها دعوة لدور اممي في العراق مثلما أشار الصدريون. ام انها موافقة للجلوس والتحاور مثلما وافق النصر والحكمة وبعض مكونات تحالف القوى… ومن المقصود بالمعارضة في دعوة الحوار هل معارضي الحكومة ام معارضي العملية السياسية؟؟؟. أسئلة كثيرة تحتاج الى اجابات وتفصيل بعد سكوت لأيام من الدعوة يبدو ان السيد الكاظمي يقيس فيها ردود الأفعال من كافة الأطراف.

ويبقى السؤال: هل من اختصاص حكومة انتقالية مهمتها اجراء انتخابات مبكرة اطلاق حوار وطني شامل ام انتظار نتائج الانتخابات التي الله وحده يعلم متى تجري وايكال الامر الى حكومة دائمية منتخبة من قبل الشعب للنهوض بهذه المهمة الكبيرة ، لذا فان مهمة حكومة الكاظمي اليوم تنحصر في تهيئة الأرضية المناسبة لإجراء انتخابات مبكرة او في موعدها ضمن شروط الشفافية والعدالة والنزاهة والخروج من الأزمات الاقتصادية والأمنية والصحية ومعالجة كل ما يعيق العملية الديمقراطية باعتبارها حكومة انتقالية مهمتها تعبيد الطريق وتوفير اجواء الاستقرار للحكومة الشرعية المنتخبة القادمة التي تتحمل مسؤوليات اكبر ومنها اجراء الحوار الوطني الشامل بتفويض صناديق الاقتراع بعد توفير الأسس الموضوعية له واخراج البلاد من أية ازمة سياسية مستقبلية قد تواجهه.

ان دعوة السيد الكاظمي مبهمة وتهدف للهروب الى الامام وتحميل مسؤولية فشل الحوار ان جرى؛ فشل الحكومة في معالجة الأزمات المطروحة فالأوضاع الاقتصادية المأزومة وسياسة التجويع التي مارستها الحكومة بحق المواطن وغياب الخدمات وارتفاع المكوس والضرائب لم تدع بابا للشك ان الحكومة في ازمة حقيقية ويبدو ان مبادرة الحوار قد تكون طريقا للحل من وجهة نظرها… كما ان انقسام المكونات وتناحرها واختلاف البرلمان وانقسام الشارع المتظاهر وتربص اعداء العراق من الداخل والخارج والسلاح المنفلت لا توفر اي فرصة لحوار وطني هادف وبناء الا اذا كان حوار على طاولة من الجمر يفجر المزيد من الخلافات ويعقد المشهد بدلا من ان يجد حلولا موضوعية وواقعية له.