23 ديسمبر، 2024 11:22 ص

حوار راكيل وعزرائيل

حوار راكيل وعزرائيل

سكننا فرح لم تألفه صباحات الأهوار في يوم ما عندما اصطحب المصور الفوتوغرافي الايطالي فالنتينو روسي زوجته الجميلة ( راكيل ) حيث يتركها تلهو بمرح مع اشارات انساء القرية لها وهن مندهشات من شعرها الاشقر وبياضها البض ومحاولتها لفظ مفردة ( عليمن ) بصورة صحيحة ، فيما اوكلت إليَّ مهمة مرافقته واختيار الامكنة التي تكون فيها الصورة عالية الجودة في دقتها وزاوية النظر ، وربما خروج الجواميس وقت شروق وعودتها في الغروب ولحظة قيام المعدان ببناء صرائفهم او وهم يقودون المشاحيف هي من اجمل اللقطات التي اختارها فالنتينو روسي لرحلة التي أتى فيها مكلفا من مجلة علمية ايطالية تعتني بالبيئات العالمية.

تستمر حياة روسي معنا لأسبوعين ، وغدا هو آخر يوم في حياتهما في القرية التي منحتها عيون راكيل شيئا جديدا من مشاعر خفية كالتي كانت الممثلة الأمريكية ( راكيل وولش ) تمنحها لنا ، وبالرغم من امتعاض معلم الاسلامية لوجودها خصوصا عندما تزور المدرسة برفقة زوجها وحجته أن راكيل أسم يهودي في اغلبه ، إلا أننا كنا نقابله بحجة ان راحيل هي من حطمت اصنام ابيها وتزوجة النبي يعقوب .

فيرد :تلك كانت راحيل زوجة النبي وليس هذه التي تأتي الينا عارية الاكتاف.

قلت : اغمض عينيك عندما تأتي .

ــ سأغمضها يا رجل  ، يوم واحد و( سينقلعان ).

وبرغم من هذا فأن راكيل اكثر من تبتسم له هو معلم الاسلامية ، وكأنها تؤسس لحوار حاضرات امام خجله وهو يفتح عينيه ويغمضها.

آخر مساء لراكيل وزوجها في قريتنا ، قررت فيه أن تقوم بساعة عوم في الاهوار ، وبعيدا عن العيون اصطحبت معها أم مكسيم وذهبت الى مكان ليس فيه بشر ، وهناك انزلقت من ضفاف الطين الى الماء مثل حورية تبحث عن كنز او لقية اثرية في قاع الهور.

لم يكن زوجها يعلم برغبتها ولا أي واحد في القرية سوى أم مكسيم التي اتت الينا مفزوعة ونحن نعد امام باحة بيت السكن حفلة شواء سمك نودع بها فالنتينو وزوجته وهي تقول : المرأة غرقت ، المرأة غرقت.

استوضحنا الأمر ، وعرفنا القصة منها ، حين اختفت راكيل عن مرأى أم مكسيم التي تنتظرها على حافة الهور لتطفو الى الماء بعد نزلت بكامل جسدها فيه لكنها لم تخرج فذعرت المرأة وركضت صوبنا مولولة.

ركضنا جميعا وكان زوجها اسرعنا واكثرنا هلعا ، عندما اعتقدنا انها علقت بالقصب حين علمنا من أم مكسيم أنها سبحت وهي ترتدي ملابسها ( البنطلون الكاكي والقميص الابيض ) .

المفاجأة أننا وجدنا راكيل تنتظرنا على الضفاف الطيني وهي تبتسم ، وتقول زوجتها :اعرف ان أم مكسيم فزعت وأتت اليكم لطلب النجدة.

والقصة انني حقا علقت في القصب وكدت اغرق ،لكن عزرائيل ملك الموت اجرى معي حوارا قصيرا ،وفي النهاية اقتنع أن موتي ليس هنا لعدم وجود كنيسة في القرية .

مد يديه وخلص طرف البنطلون العالق في القصب وارتفعت لاطفوا الى سطح الماء وانا أكاد أن اختنق….!