18 ديسمبر، 2024 10:19 م

حوار الفرقاء .. ومستقبل العملية السياسية ..

حوار الفرقاء .. ومستقبل العملية السياسية ..

قراءة وتحليل . الحلقة السادسة الاخيرة

مما لاشك فيه ان الاوطان تتقدم وتبنى وتستمر بمواطنيها .. ومهما طال حكم الحاكم الظالم فأن حكمة الى زوال والباقي هو الشعب …
حقيقة يصعب ادراكها على كل من طلب الزعامة والتسيد على الشعب ، شعار ان الحكم عقيم هذا معيار وفلسفة هارون الرشيد وفق حكومة بني العباس ، فأين تلك الحكومة مقابل الشعب !؟
ما نشهده الان من تعاقب الزعامات التي مسكت زمام السلطة في العراق نرى تقاتل وصراع على السلطة والرئاسة ليس الهدف منها تقديم الخدمة ومن اجل العدل والانصاف بين الرعية ، بل للتسيد والقداسة وكنز المال والجاه والسلطان .
وهذا ما ينبأ بنذير شؤم سوف يلازم واقع العملية السياسية في العراق من دون ادنى شك كما يعبرون المناطقة ان مخرجات النتائج مرهونة بمقدماتها ، نستنتج من هذه المعادلة واقعا حتميا لامناص منه ولاحياد عنه .
بأن العملية السياسية في العراق لم تقوم لها قائمه وسوف يبقى هذا الاقتتال والصراع وتفسير النصوص الغامضة موجودا من اجل ترقيع العملية السياسية لاستمرار وجودها المشوه مده اطول ، ولكن نهاية المطاف سيكون حتما زوالها كونها اصبحت بالية ولاتلبي متطلبات الشعب ولا القوى السياسية .
فأن المشكلة القائمة في العراق لاتنحصر بشخص الرئيس الحاكم بل المشكلة الحقيقية تكمن بنظام الحكم الذي يقيد كل من يأتي لسده الحكم . وهذه حقيقة مثبته ونفيها لاينفي اثباتها والمثبت عقلا لاينفى نقلا .
ومن اجل الخروج من هذا المأزق لابد من العمل على اعادة القرأه للنصوص الدستورية الجامده وابدالها بنصوص مرنة تواكب الحداثوية في تلبية احتياج الشعب ، لخلق عهد جديد يتزامن مع متطلبات الموقف ويناغم الواقع الذي يلبي طموحات واحتياجات عامة الشعب .
واذا اردنا ان نعرج قليلا على نمطية واقع للعملية السياسية في العراق منذ التغيير ولغاية لحظة تسمية رئيس وزراء جديد السيد السوداني ، واردنا ان نجد لها وصف يليق بها فيمكن القول بمفردة اقل ما يقال عن العملية سياسية بأنها فاشلة بأمتياز ، وهذا الفشل مرهون بمقدمات التحرك .
واذا بقي الحال على ما هو عليه الان والمعمول به سابقا ومستقبلا لايمكن ان يكون هنالك توقع فيه ومضه امل وبارقة مشرقة لمستقبل ولادة اي حكومة ، نتيجة الاصابة بمرض السرطان المستفحل لرحم العملية السياسية .
والمرجح عقلا يستوجب ان تكون هنالك حلول سريعة قبل ان ينتشر هذا السرطان في بقية الجسد ويعلن موت العملية السياسية في العراق .
فأذا اراد الشعب طريق الحياة لتأمين وضعة الحالي وايجاد مستقبل زاهر للاجيال القادمة كي يكون سبه وتصاحبة اللعن الدائم من الاجيال اللاحقه فيجب العمل على انقاذ العملية السياسية وفق عده متبنيات منها .

المتبني الاول – تعديل بعض فقرات الدستور :-
الدستور العراقي يعد من الدساتير الجامده وهذا ما صعب الوضع على الساسة انفسهم ولست بصدد الدخول في حيثيات وتفاصيل وتفسير النصوص والقواعد الدستورية وقوانينها ، ولكن ما اريد الاشاره له ضمنا لا الزاما ، ان طبيعة واقع الدستور وبتعمد واضح وضع وشرع ليكون جامدا وبأتفاق كل الساسة هو نتيجة حتمية للفرقاء السياسيون لعدم وجود ثقه بينهم ولمنع تسيد طرف سياسي على اخر ، ادى ذلك لان تكون مخرجات هذه النصوص الدستورية جامده كي يستحيل على اي طرف سياسي تغيرها ، فهذا يعد ضمان حق للاحزاب السياسية لترسيخ وجودها وبقائها متسيدة دون مزاحمة من اي طرف سياسي مستقبلي او شعبي ، فضلا ان ماهية وحقيقة الغاية المنشودة من وجود اصالة الدساتير هي التشريع لاعداد وثيقة العهد التي تضمن وتكفل حق ورعاية عامة الشعب وتكون هذه الوثيقة او ما يطلق عليه اسم الدستور ضمن نصوص ملزمة التطبيق على الحكومة من اجل ايصال الشعب لتطلعاته المنشودة بالرفاهية والعدل ، وليس العكس بحماية الحكومة من الشعب .
فأن المتظرر الوحيد من جمود نصوص قوانين الدستور هو الشعب ، وان الطرف الوحيد الذي يستطيع كسر هذا الجمود ايضا هو الشعب .
وعليه لابد من ايجاد الطريق الصحيح للخروج من هذه الازمات التي سوف ترافق العملية السياسية بأستمرار ، وان ايجاد البدائل لابد من ان يراعى فيها متغيرات المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي ليصبح الدستور دستورا مرن ليكون فعلا وثيقة عهد تحفظ هيبة وحق الشعب بالعيش بكرامة في ضل دولة تصون وتحفظ حقوق الرعية، بعيدا عن الحكومات التوافقية الاتلافية .

المتبنى الثاني – هيبة الدولة :-
سعت جميع الحكومات المشكلة الى كسر هيبة الدولة مقابل تجذير هيبة الاحزاب المنبثقة من تلك الحكومات ، فأصبحت الدولة مستباحة بكل تفرعاتها كي تاخذ الحكومة مكان الدولة .
وهنا يمكن القول ان هنالك تلازم لايمكن انفصالة بين ثلاث مفردات لها مداليل واسعة وجمه بالاصل تعبر عن مكنون جوهري ينطوي بين جنباته على معاني سامية عده ، وهي : الشعب ، الدولة ، الحكومة ،
ان الشعب الحي الذي يملك الوعي والاعتزاز بذاته هو يعي حقيقة لا لبس فيها ان لاقيمة وهيبة له من غير الدولة والحكومة .
وكذلك الحال مع الدولة لايمكن ان يصدق عليها دولة من دون شعب وحكومة فهذه الصفة التلازمية لايمكن انفكاكها وان حدث سقط المفهوم .
وان الحكومة عندما تكون ابوية رشيدة سوف تسعى جاهده لبناء اطر الدولة وتعزيز القيم الاجتماعية بين ابناء الشعب لتعزيز هذا المفهوم لان الشعب باق والدولة باقية والحكومة متغيره .
فينبغى الحال على اي حكومة تأتي العمل على ترسيخ هيبة الدولة وسيادة الشعب .
فلا يمكن اضعاف هيبة الدولة واهانة الشعب لانه سيكون هلاك الحكومة لامحال .
فيجب العمل الدؤوب من قبل الشعب لمراقبة سير عمل الحكومة حتى لايكون مسعاها وعملها في شخصنة وجودها بل يجب ان يكون جل اهتمام اي حكومة منصب في تعظيم دولة الشعب وشعب الدولة .
المتبني الثالث – السلطة القضائية :-
الشعوب التي تريد النهوض بواقعها الى الافضل تعطي مساحة الاستقلال للسلطة القضائية التي هي من شأنها من تصوب او تخطأ في عمل الحكومات .
فأن دور القضاء المستقل له ابعادا في رقي وتقدم المجتمعات فيجب احترام هذه السلطة وتقويتها بأعتبارها رمزا وطنيا يمثل قيم الدولة المنبثة من الشعب وان هيبة وجلال هذا السلطة يجعلها في محل اذعان من قبل الحكومات المتعاقبة ، ويصعب على اي حكومة التطاول والتجاوز على سلطة القضاء بأعتبارها السلطة التي تضمن حقوق الشعب من الفساد والضياع . فبوجود قضاء نزية مستقل يقضي وفق ما يخدم تطلعات الشعب اكيدا سوف يكون محل تقدير واحترام لدى عامة الشعب .
فلا بد من ان يعمل الشعب على ايصال دكة القضاء الى مكانته المرموقة ليمارس دوره الرقابي على حفظ القوانين والتشريعات التي تصب في ارتقاء هيبة الشعب وتعزيز مكانته ليكون منعكس على مكانة الدولة وهيبتها .
المتبنى الرابع – الشعب :-
عندما يكون الشعب حيا يمكن ان تنطبق عليه العبارة التي تتسيد جميع دساتير العالم بأن الشعب هو مصدر السلطة والقرار .
فأن هذا التسيد وسلطة القرار تنبع من كونة شعب حي يمتلك زمام ادارة حياته بيده ، لابيد الحكومات التي تسعى الى تجهيله ونهب خيراته وتناحر اطيافة .
فأن حياة الشعوب تأتي من خلال تمسكة بقيم الاخلاق حتى وان لم يكن متدين بدين او مذهبا ، وانما حياة الشعوب تعتمد على الالتزام بالقييم الاخلاقية التي تسري في عروق ابناء الشعب الواحد .
فأن الالتزام بالاخلاق الحميدة من قبل الشعب سوف يكون له الاثر الايجابي على مسار حياتهم ورفعتهم ورفاهيتهم وقد نصت واوجبت جميع الاديان السماوية وكذلك الاديان الوضعية على التمسك بالقيم الاخلاقية بين ابناء الشعب وبني البشر بالتعامل .
واذا اردنا التخصيص في حصر المفهوم العام ان ديننا الاسلامي الحنيف شدد بل اوجب ورهن قبول الاعمال اذا اتسمت الاعمال بسمة الاخلاق ، فالاسلام دين اخلاق ونبل فلا ينبغي التبرير للمفسد فسادة وندافع عن الظالم في ظلمه ، ونهين الفقير المسكين ونبجل المتعالى المتكبر .
فأن جميع الحكومات التي شكلت وسف تتشكل تدعي انتمائها لدين الاسلام فلا ينبغي التصديق بها والدفاع عنها الا اذا تطابق قولها بفعل ادعائها .

المتبنى الخامس – العلم :-
حقيقة مثبته الزامية لايمكن نفيها او انكارها ان تقدم الامم يكمن بمدى رفع المستوى العلمي ، وبقدر علم وتفكر الشخص يرتقي الفرد . وكما قال السيد الحيدري دام عزه وفرج الله كربته ( افكر اذن انا انسان ) .
فكل من يدعي الانسانية عليه ان يعي ويفكر ويتسلح بسلاح العلم للوصول الى الارتقاء بأنسانيتة . وهذا العمل هو عمل تضامني لايمكن ان يكون بمعزل جهة دون اخرى فأذا اردنا ان يكون العراق ضمن مصاف الدول المتقدمة على الدولة والحكومة بجميع هيأتها ومؤسساتها ان يعملا جاهدين على رفع مستوى الوعي بمكانة العلم لتنوير الشعب .
وهذا الامر مناط ايضا بالمؤسسة الدينية من خلال ايجاد قرأه للنصوص والروايات الدينية لتكون القرأه ضمن نطاق حداثة الواقع المعاش لمواكبة عجلة التطور الحاصل .
فشعب العراق في الاصل وجينيا شعب خلاب مبدع ذواق للعلم متطلع للفكر فيجب استثماره وفق المباني
الصحيحة ليكون شعب العراق مستقبلة يزاحم ماضيه .

ارى هذه المتبنيات ان تم العمل عليها سوف يكون الوضع في العراق غير ما نشهده حاليا ، وحينها سوف نرى الشعب العراقي الابي وهو يتمتع بخيراته التي حباه الله له في وطنه الجميل العراق العظيم بعيدا عن المفسدين والسراق .
قد يقال هذه امنيات وحلم بل اقولها انه تفائل و طموح كل عراقي شريف يؤمن بروح المواطنة دون تمييز وبالوطن الواحد دون تقسيم .
فلا بد من ان يأتي اليوم الذي يتحقق فيه هذا الطموح بالحلم الجميل ونرى العراق خالي من الذئاب والضباع البشرية التي مزقت اوصاله لنعيد تضميد الجراح وننعم بالحياة .
ولعلي قد اسبق ما سوف يحصل فأن من تم تكليفة بتشكيل الحكومة سوف لايتمكن في تشكيلها وسوف يغدرون به من كلفوه بالامر وهذا هو واقع الحال في شخصنه الساسة في العراق وتقاتلهم على الزعامة والحكم ، وعندها ستؤول الامور للهرج والمرج ويرجع النصاب لاهله وهم الشعب .

هذه قرأتي وتحليلي لمستقبل العملية السياسية في العراق ومخرجات حوار الفرقاء من الاصدقاء والاعداء . انتهى