بعد ما بينا اسس الحوار وماهي مظامينة وخريطته التي يجب مراعاتها من قبل الفرقين ليكون الحوار ناجحا ، ينبغي ايضا معرفة حقيقة المشكلة وطبيعة الخلاف القائم بين المتخاصمين ، حينها يمكن ان نضع قرأه وتحليل والرؤية المستقبلية لواقع العملية السياسية في العراق .
وقبل ان نخوض في حيثيات الخلاف لابد من معرفة ماهو طبيعة الخلاف هل هو عقائدي ، ام ايدلوجي فكري ، او سياسي ، ام انه خلاف شخصي …..
ثم مرتكزات هذا الخلاف ، هل هو قائم على ادلة اثباتية ام مجرد اتهامات !؟ لاترتقي لاثبات الجرم ، ام انها شائعات تفتقد للموضوعية .
الحقيقة المثبته عقلا و نتيجة الظاهرة للعيان ان الخلاف بين التيار والاطار دفعهم لحمل السلاح بوجه بعض وادى لحصول اصتدام مسلح وسقوط ضحايا من قبل الطرفين ، اذا المبرهنة الفاعله هنا الموضع اكبر من انه اتهامات وتراشق كلام ..
لذا ينبغي اذا اردنا معرفة الحقيقة المنشودة لابد من استعراض جملة الاتهامات التي يسوقها كل طرف على الاخر ، لتحليل تلك الاتهامات ومدى موضوعية مصداقيتها ويمكن بيان ذلك بما رود من اتهامات .
الاطار التنسيقي – اتهاماته للتيار الصدري:-
هنالك عدة اتهامات يسوقها الاطار ويعتبرها اتهامات لايمكن السكوت عليها وهذا ما دفعة لياخذ موقف بالضد من التيار لتزداد الهوه بينهم وسوف نبين معظم تلك الاتهامات من خلال ما تم التصريح به علانية او سرا من قبل قيادات الاطار .
الاتهام الاول :- الفساد المستشري في الوزارات سببه التيار الصدري نتيجة تكوينهم الهيأة الاقتصادية .
الاتهام الثاني :- قواعده الشعبية والفصائل المسلحة وتعاملها بعدم احترام سيادة القانون .
الاتهام الثالث :- عرقلة سير العملية السياسية ومخرجاتها التنموية ومشاريع الخدمة ، حتى لايحسب انجاز للحكومات التي كان يديرها الاطار التنسيقي .
الاتهام الرابع :- فرض الاراده بالقوة ولي الاذرع من خلال جماهيره ولما يتمتع به التيار من اجنحة مسلحة في تعطيل عمل مؤسسات الحكومة .
الاتهام الخامس :- تشريع القوانين التي تحمي فسادهم وتغطي عليه ، وكذلك سن القوانين التي من شأنها تخدم مصالحهم الانتخابية .
الاتهام السادس :- موقفة المعادي مع جمهورية ايران الاسلامية وسياسته لتمزيق وحدة الصف الشيعي .
ان هذه الاتهامات تعد الابرز التي يتم تداولها عبر قيادات الاطار من خلال وسائل الاعلام المتلفزه وغيرها من منصات اعلامية اخرى .
تعد الابرز لذا تم حصرها ، فضلا توجد هنالك اتهامات اخرى تفصيلا ولكن انها تصب في مصب هذه الاتهامات اجمالا وعليه لم يتم التطرق لها لورودها شكلا .
اما في ما يتعلق بأتهامات التيار الصدري لقيادات الاطار التنسيقي ، يمكن تسطير وادراج تلك الاتهامات وفق ما تم ذكره واعلانه .
التيار الصدري- اتهاماته لقيادات الاطار :-
الاتهام الاول :- الفساد المستشري والمقنن سببه الحكومات السابقة التابعة والمنظوية الان ضمن للاطار التنسيقي .
الاتهام الثاني :- التغطية وحماية المفسدين التابعين لقيادات الاطار .
الاتهام الثالث :- الهيمنة الكاملة والمبطنة في جميع مفاصل الحكومة وتحريكها وفق اجندات خاصة ما يصدق عليها تسمية بالدولة العميقة التابعة للاطار .
الاتهام الرابع :- هدر اموال الشعب ورهن القرار الداخلي بالتبعية لصالح جمهورية ايران .
الاتهام الخامس :- المحاصصة والتوافق وتقاسم المغانم ، وتبني الاطار لهذه الرؤية هي من تسببت بتراجع العراق وتفشي الفقر فيه .
الاتهام السادس :- سيطرة قيادات الاطار على القضاء والتحكم به ادى الى تبرءه العديد من المتورطين بالدم العراقي وسرقة اموال الشعب . فضلا الى تمشية العديد من المشاريع وعقود التجهيز وجولات التراخيص الغير قانونية ، مما اضرت بحال الشعب وواقع العراق .
ان هذه الاتهامات الواردة من قبل الاطار والتيار لبعضهم البعض والغريب في الامر لم نسمع او نرى من قبل الطرفين نفيا لها ولا تأكيد لواقعها ، وهذا له مداليلة القانونية والعقلية .
وعليه لابد من اثارة بعض التساؤلات لبيان حجية اي الطرفين احق او من هو المفسد او كلاهما في موضع واحد .
التساؤل الاول :- هل قدم المتخاصمين حجج وبيانات دلالية تؤكد الاتهام .
التساؤل الثاني :- هل ان بيان النفي متقدم على بيان الاثبات ام ان هنالك ملازمة بينهم .
التساؤل الثالث :- عدم اثبات البينة في الادعاء هل هو ناتج عن قصور او تقصير في تحقيق المطلب .
التساؤل الرابع :- الدلالة الكلامية هل تعد قرينة يمكن الاخذ بها بمصاحبة الثبوتية الكلامية .
التساؤل الخامس :- عدم تقديم دليل هل ينفي دلالة الواقعة بالفساد وادراج جميع التهم الموجهة من كل طرف لغيرة .
ان هذه التساؤلات ستكون بوابة للدخول في البحث المتعلق بالعداء واسبابة ومظامينة بين التيار والاطار .
ومن وجهة نظري وقرأتي الخاصة اعتقد ان مسببات الخلاف هي ليس الاتهامات التي ساقها كلا الطرفين . قد تكون عوامل لها تأثير ولكن ليست هي عين الخلاف . بل ان الخلاف الحاصل هو مناط ومحصور وفق خلاف شخصي بموجب البيانات والاثباتات الواقعة اصلا ، بين شخوص قيادات التيار والاطار ، وسوف نبرهن ونثبت ذلك وفق الدلالة الاستقرائية .
ولكن ما يثر الاهتمام ويجب التركيز عليه هو الاتهام المشترك والوارد من قبل الطرفين لبعضهم البعض بالفساد وهدر المال العام وسرقة اموال الشعب وخيانة الامانة .
وسوف نسلط الضوء على هذا الاتهام الخطير وفق ما جاء بالتساؤلات المطروحة ، من يمتلك الحجج والبراهين والادلة الدامغة التي تثبت بالقطع صحة الادعاء .
ان الاتهامات من قبل الطرفين متشابه وكل طرف يتهم الاخر بنفس الاتهامات لذا سوف نأخذها اجمالا وهذا يمكن بحثة وفق الادلة الواقعية الملزمة للعقل .
وغير ذلك لايمكن اثبات وجود فساد وهدر للمال العام والاكتساب الغير شرعي لدى المتخاصمين .
حيث يتهم الطرفين بعضهما البعض بهذا الاتهام وفق الموجبة الكلية ، دون تقديم دليل واضح على صدق الادعاء ، وهذا اما قصور او تقصير في ادراك المطالب من قبل المتخاصمين .
الا ان حقيقة الامر يمكن بيان ذلك وفق الشواهد والمخرجات التي تطفوا على السطح ، ان كان قصور فلا ينبغي للمدعي ان يتهم دون ايجاد الدليل .
وان كان تقصير فهذا يدل على ان المتبني لمواجهة الفساد غير قادر على القيام بواجبة المؤتمن عليه من قبل الشعب وقد قصر بالواجب المفروض عليه ، وهو ليس اهلا لحوكمة الدليل وفق الاطر القانونية في الادعاء .. فيكون ادعائه فارغ ولا قيمة له وسالب بأنتفاء الموضوع .
وهنا يمكن القطع بالقول انه من السخف انكار ما لم تستطع التدليل عليه ، ومن غير اللائق ان تؤكد بشكل قاطع ما لاتستطيع اثباته .
لذا ان لم يكن لديك الدليل في الاثبات لايصح عقلا الاتهام .
لذا يمكن القول بأن الفريقين التيار والاطار بما انهم يتهمون بعضهم البعض فهم امام ثلاث حقائق لاغير
الحقيقة الاولى :- كلا الطرفين مبرؤون نتيجة عدم تقديم دليل اثبات من قبل كلا الطرفين يدين فساد الطرف الاخر قانونيا .
الحقيقة الثانية :- كلا الطرفين متورط بالفساد بموجب قرائن دلالية اثباتية وفق الاستقراء المنطقي .
الحقيقة الثالثة :- كلا الطرفين متورط بالفساد بدليل شهاده الاثبات والادعاء العقلي من قبل كل طرف وتوجيه التهم لبعضهم البعض يرتقي ليكون دلالة وشاهد اثبات .
ولانني احترم عقلي فلا يمكنني الا ان اصدق الحقيقة الثانية والثالثة ، وان كلا الطرفين متورط بالفساد وهدر المال العام والاكتساب الغير شرعي .
ولا يمكن ان اصدق بأن الفريقين عاجزين وصعب عليهم تقديم دليل واحد يدين به خصمه بما اتهمه .
وان هذا العجز والصعوبة لها مبرراتها وتكمن بحقيقة واحدة مفادها ان الفساد في العراق اصبح مقنن ومشرعن وقد اطر بأطار قانوني يحمي كل طرف نفسه ، والا من الغير المعقول عدم امكان كل طرف من تقديم ادلة دامغة تثبت مصداق الادعاء لتثبيت مطلب الاتهام .
ونتيجة مخرجات المبرهنة الكلية يثبت لنا ان الفساد مغطى بغطاء شرعي وتحرسة النصوص القانونية التي تعمد الفريقين في تشريعها لمصالح خاصة دون النظر في ما يتعلق بالصالح العام .
لكن يمكن القول بأن هنالك فارق واحد يكمن بين قيادة التيار و قيادة الاطار ،.
وهو ان زعيم التيار الصدري جاد في مطلبة بمكافحة افه الفساد والشواهد عديده ، فمرارا وتكرارا يعمل السيد مقتدى الصدر جاهدا على محاسبة المنتمين لتياره ويحاسب من يثبت فساده ولا يتوانى من انزال العقاب بحقه .
عكس قيادة الاطار فأن زعماء القوم يتستر بعضهم على بعض ولايمكن الاطاحة بأحد وان ثبت بالدليل فساده وافساده .