4 نوفمبر، 2024 9:20 م
Search
Close this search box.

حنش يمه حنش ..يشتغل بالطين

حنش يمه حنش ..يشتغل بالطين

المجتمع العراقي قبل اكثر من ست او سبع عقود ، كان مجتمعا متماسكا ، تشد بعضه بعضا اطر المحبة والوئام ، وتسوده العدالة والمصداقية ، اضافة الى وشائج المصاهرة ، التي جعلته صرحا واحدا لا يعرف التفرقة ولا النزاع ، الا ما ندر ، رغم شظف العيش والفقر المدقع ، وبعض المشاكل الاخرى ، يأتي على راسها مشكلة الاقطاع التي عانى منها المجتمع العراقي ما عانى في خمسينيات و اربعينيات القرن الماضي .الا ان السياسة ودهاليزها المظلمة  بدأت رويدا رويدا تفكك لحمة هذا المجتمع ، وتزرع فيه بذرة التفرقة والعنصرية والطائفية والمناطقية ، لا سيما في فترة نظام البعث التي كانت بحدود ثلاثة عقود ونصف العقد من عمر الزمن ، استطاع فيها ان يرسخ مبدأ التفرقة بين مكونات المجتمع العراقي ، لغرض مخطط سياسي مرسوم سلفا .لقد كانت معظم بيوت ومنازل المجتمع آنذاك مبنية من الطين ، اذ نادرا ما تجد بيتا مبنيا من الطابوق ، وكان العامل يعمل من الصباح الباكر حتى نهاية النهار بالطين ، اذ كانوا يعملون من مادة الطين (لبن ) بجر الباء ، ويتقاضى العامل جراء ذلك مبالغ نقدية زهيدة جدا ، لكن كان فيها العامل فرحا مستبشرا ، والسبب كون الحياة كانت بسيطة بطبيعتها ، وسهلة ، وفوق هذا وذاك طيبة اهلها وناسها ، فالحياة بمعنى آخر ليست مثل ما هي عليه اليوم ، من آلام ومعاناة  وفقر .
    كان العامل يعمل بمصداقية وحماس وهو يغني وينشد بعض الاناشيد البسيطة مثل : (حنش يمه حنش .. يشتغل بالطين حنش .. يوميته عشرين حنش ) والمقصود بالعشرين ليس عشرون دينارا ، بل عشرون فلسا ، وهي اليوم لا تساوي جناح بعوضة . اليوم (يا فلس يا طركاعة ) ملايين الدنانير لا تستطيع ان تشتري فيها نصف قطعة في بغداد ،( فالطين وين وحنش وين) . ما فعلته السياسة اليوم بنا دعتنا نترحم على ايام حنش ونحن الى الطين وتلك الايام الخوالي  ومثل ما ( كال المرحوم داخل حسن : يا ليت الشباب يعود يومين  واخبره بالمشيب اشعمل بيه) . السياسة هي التي عملت بنا وليس المشيب ولو ظالة على المشيب ارحم بكثير . حنش هو نفسه اليوم ، لكن ملامحه قد تغيرت بسبب ساسة اليوم الذين ليس عندهم ، ( حظ ولا بخت ) .
    ساسة اليوم عبارة عن لصوص يتاجرون بدم حنش ، لكن طيبة قلب حنش هي التي جاءت بهؤلاء الساسة الجاثمين على صدورنا . قالوا لحنش هناك شيء اسمه ديمقراطية فصدق المسكين ، وهناك صناديق اقتراع ، وهو وهو لا يعرف غير صناديق الطماطة ، لان الطماطة كان لها دور كبير في حياة حنش ، مرة يشويها ومرة يقليها بالدهن ومرة يسوي منها مرك . فذهب حنش وانتخب هؤلاء الساسة ، كان يعتقد انهم رحمانيين لكنهم طلعوا شياطين. حنش انخدع بهم وعظ ابهامه لكن شيفيد الندم . والمشكلة حنش ما يعقل بعد ان لدغ بيده بناب حية مثل حية سيد دخيل وما تاب ولا تذكر صيحة كاظم الساهر (التلدغه الحية بيده ايخاف من جرة الحبل).

أحدث المقالات