من منا لا يشتاق يوما ما الى سفرة الأحلام التي يودع فيها أجواء الروتين والملل والحرارة المفرطة ويستبدلها مؤقتا بأجواء الربيع والرومانسية والمناظر الخلابة، هناك من يقضي أسبوعا مكلفا بتركيا ويستمر بالحديث عنه وعن مغامراته لأشهر، طوال، فكيف إذا كانت الرحلة الى باريس الفن والإبداع والسياحة والجميلات والأكثر أن السفرة مدفوعة الثمن وبأجواء أولمبية احتفالية (ولا بالخيال)، إن مجرد ذكر اسم باريس وجميلاتها ونهر السين واللوفر وبرج ايفيل يكفي (أن يسيل لعاب أحدهم ربطة العنق)، فكيف إن تحقق ذلك قرابة شهر تختصر فيه أجواء الصيف اللاهبة، نعم اسميتها حمى باريس من فرط ما يدور من قتال عنيف في الأكمة لأجل الظفر بالرحلة (وأي رحلة) ولا توفرها بالفيزا والمسكن وجميع الامتيازات سوى المشاركة بأولمبياد باريس وبارالمبياد باريس أيضا، ويقينا لو أن القتال للمشاركة هناك بالنسبة للاتحادات وجميع الرياضيين كان بالهمة ذاتها لنيل الألقاب لتمكننا من منافسة الصين على ميدالياتها التي ستتجاوز التسعين بنصف البطولة وليس ختامها، ولما تسمر المرحوم طيب الذكر عبد الواحد عزيز متسمرا في مكانه بانتظار من يفك عزلته ويحرز الميدالية العراقية الأولمبية الثانية التي شاخت وتجاوز عمرها الستين.
الحقيقة وأنا أتابع ما يجري على الساحة باهتمام أذهلني حجم الإلحاح والتوسط لنيل هذه الرحلة من برلمانيين ومسؤولين وشخصيات رياضية وغيرهم (كلها تريد تسجل إنجاز) من نوع آخر للتباهي وأخذ السيلفيات والشعور بنشوى الأهمية المؤقتة في فرصة لا تعوض، وهذا هو بالضبط سبب دمار الاتحادات الرياضية الباحثة عن السفر العبثي والفائدة الشخصية على حساب سمعة البلد ومكانته، وإن كنت على علم بأن اللجنة الأولمبية حريصة جدا على مشاركة نوعية وتقطع الطريق على أمثال هؤلاء ولكن تعدد الطرق الملتوية ووجود أكثر من منفذ ربما سيصدمنا بتواجد عراقي مخيف في باريس كما هو الحال الذي تعودنا عليه بسفر أعضاء الهيئات الإدارية للاتحادات (بخويطهم شلع) لأي سفرة خارج العراق والعكس صحيح في البطولات المحلية، صدقا لي أمنية أتمنى من الله أن يطيل بعمري حتى أراها وأشهد صفتي الإيثار وتقديم الأصلح للعمل في القطاع الرياضي الذي تحسب إنجازاته للوطن والجماهير وليس للمنافع الشخصية الضيقة .