22 ديسمبر، 2024 7:10 م

حملة (محو الأمية) لإستنقاذ أنتكاسة أخرى لحاضر ومستقبل العراق

حملة (محو الأمية) لإستنقاذ أنتكاسة أخرى لحاضر ومستقبل العراق

في خطابه الموسوم (حملة شاملة لمحو الأمية) (1) أطلق سماحة اليعقوبي مبادرة جديدة تضاف الى سلسلة مبادراته التنموية والتي تشخص وتعالج أهم الظواهر والأمراض التي تعاني منها شرائح كبيرة من المجتمع العراقي والتي غالبا ما يتم تشخيصها من قبل الاخرين دون تحديد الاسباب الموضوعية لنشوؤها وانتشارها في المجتمع من جهة ، ومن جهة أخرى لا يتم في الغالب وضع حلول واقعية او برامج عملية لمواجهتها ومعالجتها قبل استفحالها بحيث تتحول الى غدة خبيثة يصعب اجتثاثها واستئصالها من جسد المجتمع وكيانه .
(الأمية) هذه الظاهرة التي تحولت الى وباء فتاك ينخر في المجتمع العراقي ويمسخ ثقافته ، كانت محوراً لمبادرة المرجع اليعقوبي التي كانت شاملة من حيث التفاصيل أي الأسباب والكاملة من حيث العلاج وآلياته المناسبة لمكافحة هذه الآفة الخطيرة.
ويبدا الخطاب في بيان دواعي اختيار المرجع لهذا الموضوع والله ويبرر ذلك بالانتشار الاميه بشكل مرعب في المجتمع العراقي ويشير الى مديات ذلك الانتشار الخطيرة والتي امتدت لتشمل جميع الأعمار وانتشرت على وجه الخصوص بين طلبة المدارس الى الحد الذي اصبح فيه الكثير من طلبة السادس الابتدائي عاجزا حتى عن كتاب عن كتابه اسمه اما اسباب تفشل الأمية وانتشارها بهذا الشكل المخيف في جسد المجتمع العراقي فيعزوه المرجع ليعقوبي الى اسباب عده منها :
١- ثقافية : وتتمثل بثقافات تدميرية تنتقص من قيمة العلم والتعلم وتشيع عدم جدواه.
٢- علمية وتعليمية : وتتلخص بتردي النظام التعليمي ب (جميع عناصره) سواء على مستوى المادة التعليمية او مستلزمات الدراسة ووسائلها والبنى التحتية .
٣- الضغوط السياسية والإجتماعية : وهي عامل مساعد في ترك الدراسة من قبل الطلاب.
٤- فقدان الشعور بالمسؤولية من قبل الجميع سواء كان الطالب أو الأسرة أو المؤسسة التعليمية ومؤسسات الدولة المعنية .
اما أهم النتائج الوخيمة لانتشار الأمية وشيوعها في المجتمع العراقي فيرى سماحته أنها تشكل (انتكاسة) أخرى لهذا البلد العريق ، بل وخطرا ماحقا لحاضره ومستقبله وعودة الى ما قبل عدة عقود حيث كانت الأمية هي السائدة في المجتمع العراقي وخصوصا المجتمعات النائية واقتصار التعلم والتعليم سابقا على مراكز المدن.
وبعد مرحلة التشخيص للظاهرة السلبية (الأمية) وبيان أسبابها ونتائجها يضع المرجع اليعقوبي الحلول العملية لمواجهة ومكافحة الأمية من خلال تفعيل دور الفئات الإجتماعية وخصوصا الكوادر التعليمية والمبلغين والمبلغات والمثقفين بالتعاون مع المؤسسات الدينية والاجتماعية لفتح دورات محو الأمية لجميع المستويات العمرية، ويضع سماحته تجربة (الدورات الصيفية) التي تقيمها الحوزة العلمية والتي يتخرج منها الالاف من الفتية والفتيات سنويا في مختلف انحاء العراق.
لتكون منطلقاً ناجحاً لتفعيل هذه الحركة والاستفادة من المناهج التعليمية الفاعلة التي وضعها بعض المختصين لتلك الدورات لجاهزيتها ولوجود فرصة لتوفيرها لتكون عاملا أساسياً مساعداً في حملة محو الأمية.
و لتشجيع المبادرين الى المشاركة في الحملة من الفئات التي حددها المرجع ليعقوبي سلفاً فقد وجه مكاتب مرجعيته ووكلائها ومعتمديها لتوفير الدعم المادي والمعنوي لتلك الدورات، وهي خطوة ضرورية ومبادرة تشجيعية ملفتة لدعم وحث الفئات الفاعلة للشروع ببدأ دورات محو الأمية وعدم الاكتفاء بالتنظير لها.
ويلخص المرجع في نهاية خطابه التوجيهي ومبادرته المجتمعية الجديدة أهم النتائج المعنوية والآثار المباركة لهذه الحملة الوطنية الدينية ذات البعد الإنساني والتي تتمثل بالنقاط التالية :
١- ادخال السرور الى قلب الرسول (صلى الله عليه) واله بيته الكرام (عليهم السلام)، وسبباً لنيل رضا الله تبارك وتعالى.
٢- تحولها الى صدقة جارية في ميزان أعمال كل من يساهم فيها بقول او فعل اومال.
٣- انها تعيد الى الاذهان صورة الإسلام المشرقة ، وتأسيس النبي (صلى الله عليه وآله) لمشروع تعلم القراءة والكتابة والذي أرساه بعد معركة بدر وطلبه من أسرى المشركين تعليم عشرة من المسلمين مقابل إطلاق سراحهم.
٤- استثمار هذه الدورات لتطعيمها بثقافة أخلاقية ودينية لبناء شخصية واعية لدى المشتركين بها.
ان حرص المرجعية الرشيدة على متابعة شؤون وشجون المجتمع العراقي عموما، والمشاكل التي تعصف به وعلى وجه الخصوص الظواهر السلبية التي تنتشر بين فئاته بين الحين والآخر هو دليل على وعي المرجعية الدينية الرشيدة ومواكبتها للواقع الاجتماعي خصوصا انها كانت دائمة سباقة في رصد تلك الظواهر السلبية وبيان أسبابها وآليات علاجها قبل ان تستفحل لتكون وباءً فتاكاً يصعب مواجهته او استئصاله..
أن انتشار ظاهرة الأمية في مجتمعنا الذي يعاني الأمرين نتيجة الأوضاع السياسية المربكة التي أنتجت واقعا مزريا على جميع الأصعدة الحياتية وأفرزت العديد من المشاكل والظواهر التي تهدد ثقافة المجتمع بحاجة جادة للمراجعة والمعالجة من قبل الحريصين على البلاد والمجتمع..

(1) (نشرة الصادقين ، العدد 222، ص١، 20/6/2022)

[email protected]