ما نلاحظه هذه الأيام، من حملات (التراشق الإعلامي) وعمليات (الثأر) و(الإنتقام) إن صح التعبير بين فضائيات عراقية ، يؤكد بما لايقبل الشك أن الصحافة العراقية تتجه للإنحدار الى مستويات ضحلة من الكلام البذيء وحملات صخب تخفي وراءها (دوافع شخصية) ، لم يسبق من قبل أن تجاوزت فيها (الخطوط الحمر)، وفقدت بالتالي إحدى أهم خصالها الأساسية، وهي الأخلاقية والمهنية ،بل وحتى المصداقية امام جمهورها والوسط الإعلامي!!
وبدلا من أن تكون الصحافة الوسيلة الأمثل للتعبير عن توجهات الرأي العام والدفاع عن حق حرية التعبير والنهوض بالمجتمعات الى الحالة الأفضل، وإذا بقنوات فضائية وقد أتخذت (منحى شخصيا) يعبر عن (أحقاد دفينة) و (ثارات) بين من يمتلك تلك القنوات، حتى خرجت عن كل سياقات الصحافة ، وآدب واخلاقيات تلك المهنة، واصابت قيمها وسمعتها في الصميم، وهي تشكو حظها العاثر الذي أوصلها الى هذا (المنحدر الخطير) الذي لايحسد عليه!!
لقد تحولت (الحرب الكلامية) بين تلك القنوات الفضائية للأسف الشديد ، الى ما يشبه حروب (داحس والغبراء) و(حرب البسوس)، وكأن الدنيا اختصرت معاناتها وآلامها وكل مشاكل العراق أصبحت لامعنى لها ، وانتهت آلام المشردين والنازحين ومخلفات داعش والبطالة وتدني مستويات العيش في العراق ، حتى حفرت تلك القنوات الفضائية (المتاريس) وأقامت السواتر الترابية ووجهت رشقات مدافعها ، لتصب نيران حقدها على الجمهور العراقي الذي تصعقه حملات صخب وصلت شظاياها الى اصقاع الأرض، حتى ان كثيرين لعنوا الاقدار التي اوصلت صحافتنا وأجهزتنا الاعلامية الى هذا المستوى الذي انحدرت اليه، ولا أحد يردع تلك الجهات او يضع حدا لطغيانها وحملات الإقتتال بينها، وبقي الشعب العراقي هو من تصيبه شظايا نيرانها المحرقة!!
إن نقابة الصحفيين العراقيين،وكل الجهات التي لها علاقة بالشأن الصحفي والاعلامي، مطالبة بوضع حد لحملات صخب هوجاء، كانت بيادقها قنوات فضائية عراقية، قبلت ان تتجاوز كل الخطوط الحمر ، وتجاوزت كل أخلاقيات الصحافة، واذا كانت هناك محاولات (إغلاق) لقنوات في محافظات عراقية تحت مبررات ما انزل الله بها من سلطان، فأن نقابة الصحفيين تقف ضد عمليات الاغلاق، لكن لا ان تبقى (مكتوفة الأيدي) و (تتفرج) على حملات صخب وهجمات مغرضة لاناقة فيها للعراقيين ولا جمل، واذا كانت هناك خلافات بين أصحابها ومالكيها بشأن (الإعلان) و(سباقات انتخابية) ، فليس الذنب ذنب الصحافة ولا وسائل الاعلام، أن يكونوا ادوات لمعاركها، وليس من حق وسائل الاعلام الخروج عن سياقات المهنة تحت دعاوى (الحريات الصحفية) ..فالحرية الصحفية لاتعني اننا نخرج عن (ضوابط المهنة) ولا عن (أخلاقيات الصحافة) ، إن اردنا المحافظة على (بقايا) المسؤولية الأخلاقية لمهنة السلطة الرابعة، والا إن استمر التراشق الاعلامي على هذا المنوال ، وبهذا المستوى الهابط ، فأقرأ على صحافتنا السلام!!