18 ديسمبر، 2024 6:48 م

“حمد ” نكتة ساخرة وسلاح شعبي لمواجهة الهموم

“حمد ” نكتة ساخرة وسلاح شعبي لمواجهة الهموم

من تراث اهلنا الطيبين في الزمن الماضي الجميل الذي نحّن ونتشوق اليه بحلوه ومره , حيث كانت الأمسيات الجميلة تتخللها الحكم , الامثال الشعبية , القصائد , الاغاني , الضحك , المزح , المقالب , وغيرها , كانت المواقف الساخرة عنواناً للثقافة كما قالوا ” المجالس مدارس ” بين سكان الحي أو القرية وبقيت المضايف العربية والمقاهي هي مدار ومجالس الناس على مر الزمن، وظلت النكتة الساخرة بهزلها وجدها، سلاحا مهما ينفس به الإنسان هموم حياته , فكم من نكتة بسيطة أضفت ابتسامات على شفاه، وأزاحت كابوس المعاناة عن مقهورين, وفي هذه الايام “العصيبة ” يتداول مدونون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي و ” السوشل ميديا ” حمد, ما المقصود بحمد وماهي قصة حمد الشخصية الغامضة لحد الآن , حيث تداول “الترند ” الصاعد آلاف بل ملايين التعليقات التي يتضمنها السلبي والايجابي على حد سواء , ويرى العديد من كتاب النقد الساخر ان للنكتة والطرافة والسخرية أثرها على أمزجة الناس وخاصة بعد ان كره اغلبية المجتمع العراقي النقاش والتداول في موضوعات السياسة العقيمة في البلاد , نتيجة تلك الارهاصات والضغوط النفسية لاوضاع العراق الامنية السيئة واحواله الاجتماعية والاقتصادية , وقد عكسنا تلك النكتة والسخرية عبر كتاباتنا الاسبوعية في جريدة “حبزبوز الناقد ” الجريدة التي اشرف عليها شخصيا التي تتناول على صفحاتها المشوّقة رسوم الكاريكاتير الناقدة للأداء الحكومي , البطالة والفساد وتردي الخدمات وغيرها من الموضوعات المهمة , وقد عبر رسام الكاريكاتير من زملائنا المهنيين كـ “عبد الحسن عبد علي , حودي عذاب , علي عاتب , كريم كلش , منهل الهاشمي ورياض الخزرجي “وآخرين لا تخطر ببالي اسماؤهم والمعذرة لكل من لم يرد اسمه , تحمل تلك السخريات والرسوم الكاريكاتيرية أبعادا ودلالات مختلفة ولعل أبرزها تشخيص أمزجة الناس وسبر أغوار نفسياتهم, فالنكتة والسخرية ورسم الكاريكاتير تعتبر جسا لنبض الشارع حيال قرار أو إجراء أو توجه حكومي رسمي لقياس تأثيره أو لمعرفة مدى تقبله أو رفضه، أما في المجتمعات التي لا تتمتع بقدر كبير من حرية التعبير ومنها ” العراق ” ، فتلقى النكتة السياسية رواجا كبيرا لأنها وليدة الكبت والاستبداد , “حمد ” شخصية غامضة يظهر مرة أبيض ناصع واخرى أسود سلبي غامض, ويتميز ” حمد ” عن غيره بصفات وتصرفات خاصة بالاسم ، تكون إما محببة، أو مذمومة، وأحياناً نادرة، تكون مبهمة وغير مفهومة, وتتسم الشخصية الغامضة ” حمد ” بعدد من الصفات، تقوم جميعها على التخفي والإبهام, وعلى سبيل المثال لا الحصر, فقد تحدث الشيخ المرحوم “بدر الرميض ” صاحب قصيدة مشهورة بالكرم واستدرج مجتمعه وديوانه العشائري بقوله ” حـمد يبني تلكه الضيف حي بيه…ويزاد النذل كون سموم حي بيه.. بخيل البنى داره وعاش حي بيه…وكـــريم الحفظ عرضه من الردى” وقد كتب الشاعر الغنائي خزعل مهدي كلمات أغنية للمطربة ” مائدة نزهت “: ” حمد يحمود يحميد ياغالي …يابن عمي حبيبي حبيبي حمود….يابعد الروح غيرك ماحلالي …يمين احلف حبيبي حبيبي حمود” , اما اغنية ريل وحمد للمطرب ياس خضر والتي كتب كلماتها الشاعر “مظفر النواب ” جاءت حقيقتها عن قصة واقعية ,تفيد بان ” حمد ” كان يعشق فتاة من “العمارة “ومن جهة والده، كانت هذه الفتاة من أقرباء له,استمر شغفهم أيامًا، وانكشفوا في منازلهم، حيث عرف الجميع عنهم, وافقت الشابة مع” حمد ” على الفرار من قريتهم والسفر إلى بغداد للزواج , وقد هربت الفتاة لكن حمد هجرها وبقي في مجتمعه وتزوج فتاة قروية أخرى, وقد مكثت في بغداد , وصدف أنها صعدت على متن قطار مر عبر العمارة,وهنا التقت بالشاعر العراقي” مظفر النواب ” وبدأت تخبر تجربتها وتعبر عن خيبة أملها من” حمد ” الذي خذلها، وكتب مظفر النواب القصيدة “مرينا بيكم حمد واحنا بقطار الليل ” , وانتشر مصطلح “حمد” ليصبح جزءًا من القوافي الشعرية الخاصة بهم، حيث أصبحت الكلمة شخصية شعرية خيالية يتواصلون معها. وبحسب المؤرخ والقانوني طارق حرب فإن اسم “حمد” تكرر منذ القدم وهو مشتق من محمد وأحمد ومحمود وحميد وكلها من نفس المصدر موضحا أن الاسم كثيرا ما يستخدم في الأغاني لأنه مرتبط مع الرفقة والموت ولا يقتصر على وجه أو حادثة معينة أو حتى فترة زمنية معينة، قد يكون طابق حزين أو طابق حول الشجاعة والتضحية بالنفس, اسم “حمد ” مشابه للاسم الكردي “حما” ، وهناك روايات عديدة لـ “حمد” وطوابقه قد تخاطب الشجاع أو الضعيف أو الجموع، والاسم يتأرجح مع العصور.