18 ديسمبر، 2024 11:25 م

في الأيام الثلاثة الماضية نعق غراب على الفيس بقدح ( حمد ) الاسم فتبعه ناعقون لا حصر لهم ومرضى ومضغوطين من دون التفكير بدلالة اسم حمد ورمزيته لدى كل أطياف الشعب العراقي في كل شبر من أرض العراق بدو كانوا ام حضر عربا او كردا او قوميات أخرى ولم يكن حمد يخص مكان او دين او طائفة او قومية في العراق والشواهد كثيرة وقد أنصف الشاعر مظفر النواب حمد يوم وصفه قائلا :
( جن حمد فضة عرس
جن حمد نركيله )
ومعلوم أن فضة العرس مجلية ومسبوكة ومصاغة بشكل جميل ويراها الجميع في يوم الزفة والعرس متجملة بها العروس وشبه وجه حمد الثاني بالنركيله والنركيله تجمع المتضادات الماء والنار وينتج عنها دخان وروائح تبغ غير محببة ولو توقفنا قليلا عند الوجه الأول لحمد لراينا انه الكبير في سنجار الذي برر في حضرته شاعر العتابة مالاحقه من اتهام قائلا :
( اخديده ورد جوري وابرديه
اسنينه لظم ليلو وابرديه
حمد ماني وياهم بسايه وابرديه
الا معجنبي حديثه واللقا
وفي بغداد ..
( حمد يحمود يحميد يغالي
غيرك ماحلا لي )
وعندما نلتفت صوب الفرات وقراه ومدنه الممتدة مع النهر والغافية على ضفافه والمشرعة أبواب مضايفها للوافد والضيف والمستجير والغريب والمحتاج نجد أن أكبر مدينة في حوض الفرات أطلق عليها اسم ( الديوانية ) نسبة لمضيف ( حمد ) والذي كان من أكبر المضايف ومكان للحكم ( فراضة ) وساحة لتباري العقول النابهة ومكانا معلوما للكرم والشجاعة . ولو انحدرنا جنوبا لشنف اسماعنا صوت الشاعر وهو يؤكد على أريحية حمد وكرمه وماضيه الجميل الممتد مع الحاضر ..
( مرينا بيكم حمد واحنا بقطار الليل
واسمعنا دك اكهوه وشمينا ريحة هيل )
وهذا دليل لا يدحض على صفات حمد الحميدة وكرمه وترحيبه بالضيوف ونجدته وربما لن نبعد عن حمد يوم نقف عند قول هذا الكريم المضياف . .
( حسن يبني تلكا الضيف حي بيه
وعسن زاد المغد سموم حي بيه
ياهو الجمع ماله وراح حي بيه
السعيد الحفظ عرضه من الرديه )
وعندما نواصل سيرنا بين مدن وقصبات وارياف الجنوب في قطار الزمن نجد أن ( حمد ) ترك اثارا جميلة يحفل بها الماضي ويعتز بها الحاضر ..
( انه ارد الوك لحمد
ما الوك انه لغيره
يجفلني برد الصبح
وتلجلج الليره
ولك ياريل
بأول زغرنا العبنا طفيره
وهودر هواهم ولا
وحدر السنابل كطا )
وهذا دليل آخر على نقاء حمد وسلامة فطرته التي نشأ عليها والتي عرفه من خلالها الآخرين ومن هنا اتت رمزية حمد في المجتمع حيث يكون يوما متمثلا بشخص حمل هموم الناس وبذل روحه للدفاع عنهم واجاد بما يملك كرما وضيافة وسخاء لمن يفد عليه وحكمهم بالعدل وفرض بينهم بما ورث وورثوا من ( سناين ) وأعراف وقوانين إضافة لما يمليه عليه الدين لذا كان عنوانا لفخرهم وثنائهم وحتى عتبهم وربما سخطهم يوم يجدون اختلافا عن ماعهدوا فيه واحيانا تأتي رمزية حمد من كونه هو السواد الأعظم من الناس وطليعتهم فكل من يقف بوجه الظالم والحاكم المتجبر هو النشمي حمد مع تعدد المسميات ولا يهم إن كان بين الكرد ( حمه ) وفي الغربية ( حمود ) وفي البصرة ( حمدان ) وفي العمارة ( احميد ) لكنه يتوحد عند الجميع باسم ( حمد ) القدوة ومن وضع الناس املهم فيه لذا صبوا عليه جام غضبهم يوم أباح أولاد العم سام الفرهود بعد احتلالهم العراق نهب الممتلكات العامة فعاتبوه بقسوة وقالوا عنه :
( حمد نشمي
على الفرهود شد حيله
حمد ..
بيمن يفرهد من بطل حيله
حمد ..
باك الخبز من ايد المسودن
حمد ..
باك الدوه من العاجز التعبان
حمد ..
باك الحليب وباك قوت الناس
ولون يحصل درب جا فرهد العباس
وهذا العتب لم يأتي من فراغ إنما جاء من خيبة الأمل بحمد الذي انتظر منه الناس ان يكون منقذهم من سطوة نظام قمعي تسلط عليهم سنين طويلة لكنهم رأوه ينشغل عن قضيتهم بمكاسب فردية له متناسيا عذاباتهم مع النظام وجلاوزته .