لم يكشف لنا سراً رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون ، حين شخص أماكن ومواقع حماة الفساد ، لكّن اهمية بيانه تأتي من الاعتراف رسمياً بأن الفساد والمفسدين في قمة هرم السلطة نزولا الى اختراق المنظومة لمواقع في الهيئة نفسها والتي كشفها حنون في بيان له !
يقول القاضي حنون في بيانه ( 4 تموز) “ان الفاسدين سنُّوا قواعد القوميَّةوالمذهبيَّة والعشائريَّة وصبغوا بها أعمالهم الفاسدة؛ ليضفوا عليها صفةالقدسيَّـة والحماية” ، ما يعني ان الطبقة السياسية الحاكمة بقومييها وطائفييهاوعشائرييها ، هي الحامية الرسمية للفساد وامتداداته في تفاصيل مؤسسات الدولة ، وتضفي على سلوكها صفة القدسية ، استنتاجاً ، باستخدام الدين غطاءً في مواجهة جهود محاربة الفساد !
ويلفت الى “أنَّ “كبار الفاسدين شكَّلوا مافيات وإمبراطوريات فسادٍ ونفوذٍمُتوهّمين أنَّها تحميهم وتقيهم من المساءلة ومن إجراءات الأجهزة الرقابيَّة” وفيما نتفق مع القاضي على القسم الاول من تشخيصه ، الا اننا ، وبالأدلة القاطعة ،نختلف معه في القسم الثاني ، لاننا نشهد يومياً عمليات الافلات من العقاب ، قضائياً واجهزة رقابة ، كما حصل بالفضيحة العلنية لمنهبة القرن ، حين يمرح ويسرح نور زهير ممثلاً عن هذه الامبراطوريات ، في بلاد الله الواسعة، بعدأطلاق سراحه بكفالة ثم رفعت الحجوزات عن امواله المنقولة وغير المنقولة ، بالضد مما صرح به السوداني من إن كل شيء سيصبح ” تمام التمام ” خلال اسبوعين ، لكنّ التمام الذي حصل هو ” أواعدك بالوعد واسكَيك ياكمون “!!
وتعهد القاضي بجرأة بأنه “لن يبقي الفاسدون على قمة الهرم” ، مشخصاً ،كما يعلم الجميع ان حيتان الفساد ورعاته هم في قمة الهرم ، هرم السلطة ومؤسساتها وقادتها ، وننتظر منه استكمال جرأة التشخيص بالإطاحة العلنية بالجالسين على قمة الهرب يتفرجون على خراب البلاد بفسادهم !!
وهؤلاء هم ” القوى المُتنفّذة” التي يحذر من دعمها الفاسدين وعرقلتها لعمل الهيئة أو التشويش على عمل الأجهزة الرقابيَّة ، وهؤلاء سيادة القاضي أمام العين وتحت اليد بأوضح من عين الشمس كما يقال ، وما على الهيئة الا ان تدك على رؤسهم !!
أنا حقيقة معجب ببيان القاضي الذي شخّص محاولات اختراق الهيئة من امبراطوريات الفساد ، والتي للأسف نجحت باختراقاتها في بعض المواقع وأجلى مثال على ذلك تمثل بإلقاء القبض الذي تمَّ تنفيذه من قبل ملاكات الهيئةبحقّ أحد مديري مكاتب تحقيق الهيئة في احدى المحافظات ، داعيا بكل جرأة الى “إصلاح المؤسَّسة وتنظيفها من العناصر السيّـئة“..!
نقول لجناب القاضي ، انك مع هيئتك مازلت تلعب في المنطقة المسموح بها بالاطاحة بالفاسدين ، منتظرين منك الذهاب بعيداً الى الخطوط الحمر في قمة الهرم الذي شخصته ، وفي غير ذلك ستبقى تتسلى بالواجهات وأضحيات العيد وكبوش الفداء !!