23 ديسمبر، 2024 6:59 م

حلو بس “موش” كلش زين

حلو بس “موش” كلش زين

 لعلنا نقر جميعا ان برامج رمضان لاسيما الدرامية منها تحمل كل سنة نفسا ونوعية مميزة عن سواها من انواع البرامج او المسلسلات طوال ايام السنة الاخرى. وعلى اية حال فان رمضان الذي هو شهر طاعة وايمان يتحول لدى الفضائيات الى فرصة لاختبار قدرة كل فضائية على تقديم افضل ما لديها. فالدراما فيه على  اشدها كأنها تعيش اخر شهورها الدراما بعدها تعلن استقالتها الابدية. واذا كان الامر هكذا مع برامج الدراما لاسيما المسلسلات التاريخية فان الامر لايختلف كثيرا مع برامج الكوميديا والمنوعات والمسابقات وحتى برامج عمل الخيرات ومساعدة المحتاجين الى الحد الذي يخيل فيه  للرائي وكأن سكان الارض جلهم  باتوا يعيشون مثل الملائكة .لكن يبدو حتى دنيا الملائكة هذه  التي تصورها لنا الدراما العربية، يختلف حولها الناس وتتناقض اراؤهم فيها. فهناك من يرى انها مجرد ميدان مفتوح وبلاحدود للهرج والمرج والاثارة بل وحتى السخافة وما اكثرها, بينما يضعها قسم اخر في خانة الاعمال المميزة والضخمة التي يتوق لها كل عام. في حين ان هناك قسما ثالثا يتراوح رأيه بين “البينين” قائلا .. انها حلوة لكنها قد لاتكون “زينة” بالكامل. وهنا تنطيق عليها اغنية جميلة لسعدون جابر .. ” صح انته كلش حلو بس موش كلش زين)!!. واذا كان لكل فرس مربط فان لكل عنوان مربط ومربط عنوان مقالنا هو هذا  (حلو بس  “موش” كلش زين). هذه الاغنية ذكرتني بها زميلة عزيزة علي  في محادثة جانبية جرت بيننا. هي تقول ان الحياة كلها تبدو جميلة لكن ميزتها ان جمالها لايبدو متكاملا. فهناك دائما مايبدو في حالة نقص ما. حتى الانسان الجميل، نراه يحمل صفات  لاتبدو جميلة او “حلوة” من وجهة نظر الاخرين واحيانا افرب الناس اليه .. لذلك علينا الاقرار باستحالة  وجود جمال متكامل سواء فيما هو متخيل تلفازيا او سينمائيا او ما هو واقعي في العلاقات اليومية بين الناس. وافقتها القول لان هذه هي اهم سمات البشر اذ ان ميزتنا بأخطائنا، والا  صرنا من الملائكة .. وعند هذا الحد انتهى ما بيننا من دردشة على اعتاب رمضان. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا ماذا  لو حاولنا التقرب من اخطائنا واصلاحها لتكون لنا فرصة الاقتراب من الملائكة؟، هذا مافكرت به وانا احاول تمضية وقت ماقبل اذان المغرب واعلان مدفع  الافطار، اخذتني افكاري الصائمة هي ايضاً الى حيث سعادة الانسان التي تبدو احياناً في اوج اكتمالها وهو يعيش زهو ايامه مع انسان يحبه، يمنحه كل مايريد من مشاعر صادقة واحساس بالامان والرضا والقناعة بأن هناك شخص ما  في الكون يسعى لاجل رضاه واسعاده، ويعيش وسط ذلك اياما وسنوات من الفرح الغامر ليكتشف بعدها  في موقف او مواقف معينة انه كان يعيش حلماً وردياً، وان ماحسبه سعادة متكاملة ليست اكثر من فكرة ضبابية خادعة وان هناك الكثير من الصفات الناقصة في الحبيب، تتزامن معها ظروف حياتية معقدة، لتبدا معها رحلة الانكسارات المتوالية، والواقعية في الحياة، وتغدو معها اغنية سعدون جابر لساناً معبراً بصدق حينما تصف الشريك بأنه( صح هو كلش حلو بس موش كلش زين) وحتى يغير  مطربنا سعدون رأيه في حبيبته التي يراها حلوة لكن “على النص ” وتغير فضائيتنا من صورتها النمطية عن رمضان  نظل نعيش حالة اطمئنان هنا وانكسار هناك.