23 ديسمبر، 2024 9:17 ص

حلب .. دمويّةٌ بلا ضرورة .!!

حلب .. دمويّةٌ بلا ضرورة .!!

قد لا يمتلك البعض تصوراتٍ كافية عن مسرح العمليات في سوريا , وخصوصاً عن تفاصيل اشدّ المعارك الدائرة في حلب والتي تشترك فيها قوىً وقواتٍ غير سوريةٍ ايضاً .!
نشير اولاً أنّ مدينة حلب تقع في جهة الشمال الغربي من سوريا وهي الأقرب الى الحدود التركيّة , بينما تقع العاصمة دمشق في الجنوب الغربي من سوريا .. المسافة بين حلب ودمشق تبلغ 310 كم ” خط نار ” او كخطٍّ مستقيم , بينما يبلغ طول الطريق 357,65 كم بواسطة العجلات ويستغرق قرابة 4 ساعات .
ومن الواضح أنّ المعارك والنيران المندلعة في حلب لا تشكّل ايّ خطرٍ وتهديدٍ أمنيّ على العاصمة او مركز النظام , وهي تستنزف تنظيمات المعارضة هناك بالرغم من أنّ المدنيين هم الضحايا الأساس هناك . وتُعتبر مدينة حلب ساقطة عسكرياً بكلّ المقاييس بالنسبة لكلا الطرفين المتقاتلين اي الجيش النظامي السوري وفصائل المعارضة الأخرى , كما من الواضح كذلك أنّ هذه المدينة الحلبية المنكوبة قد اختيرت او غدت ساحة نزاعٍ بين الأمريكان والروس بالإضافة الى دولٍ اقليميةٍ اخرى سواءً عربية او غير عربية .زخم المعركة واعداد المقاتلين بالإضافةِ الى نوعيّة الأسلحة المتطورة المستخدمة بين الطرفين , بالإضافة الى اصرار الدول والجهات السياسية على إدامة المعركة ولربما التمادي فيها , تكاد توحي بصعوبةَ بلوغ درجة الحسم والنصر لكلا القوات السورية وتشكيلات المعارضة , بينما تستمرّ حمم القنابل والصواريخ على هذه المدينة الصناعية ومنشآتها فضلاً عن سكّانها . وإذ من الطبيعي ” سياسياً وادبياً واخلاقياً ” أن يقاتل الجيش السوري الى آخر رمقٍ للدفاع عن المدن والأراضي السورية التي احتلتها فصائل المعارضة بأنواعها المتباينة والأرهابية والأسلامية المتطرفة ومعها ” المعتدلة ” , لكنّ ارتفاع اعداد الضحايا ونزوح اللاجئين الحلبيين قد بلغ اعداداً هائلة ومروّعة , ولمْ تعد من فائدةٍ ترجى لديمومة القتال في هذه المدينة التي تتحوّل ببطءٍ تدريجيّ الى اطلال , ولولا الإعتبارات السياسية والنفسية المترتّبة على القيادة السورية , فأنَّ انسب الحلول المُرّة ! هو الإنسحاب الى خارج المدينة واعادة انتشار الجيش في حدودها الجنوبية ومن ثَمّ التموضع في خطٍّ دفاعيٍ محكم ومُحصّن مّما يحول ويجعل استحالة تقدّم ايّ تشكيلٍ من الفصائل المعارضة ومقاتليها , وليغدو هذا الأجراء التكتيكي الى اجلٍ محدود ومرتبط بتطورات الوضع السياسي , وهو ما يوفّر اموراً لوجستية للقوات السورية في الجبهة الشمالية , ويساعد الى سحب بعض الوحدات العسكرية وزجّها في مناطقٍ اخرى .