يبدو أن بعض الحكام في مجتمعاتنا حالما يجلسون على الكرسي يخلعون رؤوسهم , ويعطلون عقولهم ويتحوّلون إلى أجَراء للكرسي , أو وكلاء لمن يملكون الكرسي.
فحالما تستتبشر بأحدهم خيرا حتى يذهلك ما يتخذه من قرارات , أو ما توجبَ عليه أن يقرره وفقا لإرادة الكرسي الفاعل فيه.
فلا تجد شيئا من الحلم والروية والحكمة , بل السيف سبّاق العذل , ولا خيارات أمامهم إلا الهدم والدمار , فهم لا يحترمون البناء , ولا يعتزون بالعمران , أيا كان نوعه ورمزيته ومعناه , فما يمليه عليهم الكرسي فوق كل إعتبار.
حاكم يخرب هنا ويفتك بالشعب هناك , وغيره يهدّم ويزيل مبانٍ بذرائع متنوعة يمكن تسويتها بغير إزالة البناء , لكنه يمضي في توجهاته المنافية لأبسط معايير الوعي القيادي للسلوك البشري , وكأنه بلا مستشارين ومنظرين ستراتيجين يرشدونه إلى خير طريق.
وهذه عجائب حكامنا وتصرفاتهم الخالية من الإعتبار والإتعاظ , فتراهم يكررون ذات الخطايا والأخطاء , ويلقون بأنفسهم إلى التهلكة فيشتعلون أسرع من البنزين.
فأكثرهم يطير ويتألّق ويحلق بعيدا عن الواقع الذي عليه أن يكون فيه , ويسقط بسرعة خاطفة إلى قيعان المذلة والهوان والخسران.
فلماذا لا يتعظون , ولا يتحسبون , ويتوهمون بأنهم الأقوى والأقدر وبيدهم سيوف الإستبداد والطغيان , ويحسبون أنهم أقوى من أعتى فرعون , وفي جيوبهم ألف قارون وقارون؟
إنها حيرة سلوكية تشير إلى أن الفردية طاغية والحاشية ممارية , والكرسي يطيش لأن قوائمه مصالح غير وطنية , ومقعده من جمر , ولابد للذي يجلس عليه أن يطفئ الجمر , بمياه السمع والطاعة لسيد الكرسي المستعر بالنيران.
فإلى متى يبقى البعير على الكرسي؟!!
ولكل بعير مساء!!