18 ديسمبر، 2024 7:59 م

حكومتي بغداد و أربيل ترضعان الثدي الواحد من الصدر القامع للحراك الشعبي

حكومتي بغداد و أربيل ترضعان الثدي الواحد من الصدر القامع للحراك الشعبي

وقف الثائر الكردي في ساحة السراي وسط مدينة السليمانية فارساً شامخاً يحمل بين طيات يديه قصاصة ورق مكتوب عليها كفانا ظلماً، يصرخ من خلال حنجرته الجبلية ( لم أستلم راتبي لعدة شهور، أتظاهر اليوم و يضيق صـدري مع غصة من فمـي تنادي لماذا تســرقون قـوتي، المـوت أشــرف من أن اعيش ذليلاً )، بهذه الكلمات تَصدَحت حناجر المتظاهرين في مدن محافظة السليمانية منذ الثالث من ك1 الماضي من خلال المظاهرات الصاخبة والمنددة بالأحزاب الكردية الحاكمة، أحتجاجاً على سوء الأدارة المــالية لفترات طويــلة وعــدم ألتـزام حكومة الأقليم في أربيل فــي دفـع الرواتـب ومن ثم سـوء الوضع المعاشــي للمواطنين الذي أدى بـدوره على تضـاعف مســــتويات الفقر في الأقليم وتصاعد حدة معدلات البطالة، وتشير الدلائل بوجود أزمــة ماليـة خانقة كنتيجة طبيعية للفساد المستشري في المرافق السياسية التي تقود السلطة والمشاكل مابين حكومة المركز في بغداد والأقليم و تعمقت الأزمة أكثر من خـــــــلال الظروف الصعبة المنضوية تحت غطاء جانحة كوفيد 19. كالعادة جوبهت المظاهرات بالعـنف المفرط من قبل قوات الأمن التي أدت الى سقوط العديد من الشهداء ومئات الجرحى.وبدورها ادانت المنظمات الدولــية الـعنف المفـرط و المســـتخدم ضد المتظاهرين في السليمانية، منها بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق(يونامي)، ومنظمة العفو الدولية وعدد من منظمات حقوق الأنسان.
لاشك فيه بأن التظاهرات العائمة في السليمانية هي أنعكاس وصدى الى الحراك الشعبي الغير مسبوق التي يشهدها العراق من جنوبه الى شماله والذي يعتبر الأكبر في تاريخ العراق الحديث، حيث غمرت ساحات العز والكرامة العراقية بالجموع المتظاهرة،المطالبة بتغييـر النهج السائد في البلاد ووضع حـــد للنظام الطائفي الحاكم والحد من نظام المحاصصة السئ الصيت ومن ثم الأحتكار السياسي لهرم السلطة من قبل الأحزاب المتنفذة مع ميليشياتها، كـذلك الفسـاد المستشري في بدن الدولة، أنعدام الخدمات العامة بكافة أنواعها، البطالة، أرتفاع خط الفقر، والتدخل الأجنبي الصارخ في الشـــــؤون الداخلية للعراق من الدول الأجنبية و الجارة للعراق وأنتهاكه الكامل لسيدة البلد ومن ثم سيطرته علـى كافة مفاصل الدولــة بكافة أدواتها الأقتصــادية، الأجتماعية والعسكرية وغيرها. وقد جوبهت المطاليب الشرعية أعلاه بالقمع والوحشية من قبل سلطتي بغداد و أربيل، وتشـير الوقائع الى سقوط أكثرمن 800 شهيد والآف الجرحى والعديد من المفقودين منذ أنطلاقة الثورة التشرينية في الأول من أكتوبر 2019، ولم تحرك أنملة واحدة حكومة الكاظــمي ومـن قبلها حكومة عادل عبد المهـدي بالقبــض على المجرمين الملطخة أيديهم بدمــاء المواطنين، رغم قوة معلـوماتها الأستخبارية و معرفة الرؤوس المدبرة للجرائم بحق المتظاهرين العزل الأبرياء.
وعند تسليط الضوء على التظاهرات في عموم العراق، نلاحظ وجه التشابه التام والمتمثل بنسخة طبق الأصل حول آلية تعامـل سلطتي بغداد وأربيل مع المتظاهرين العزل، ويمكن القول و بجدارة بأن الأثنين رضعا الثدي الواحد من الصدر نفسه، صور التشابه كما يلي :
1 – أستخدام القوة المفرطة في قمع المظاهرات من قبيل أستخدام الرصاص الحي والقنص من بعيد، وأستخدام القنابل المسيلة للدموع والضرب والأعتداء على المتظاهرين من مختلف الأعمار والجنس. وأغتيال وخطف العديد من الناشطين في مجال الصحافة وحقوق الأنسان وغيرهم.
2 – غلق القنوات المرئية الناقلة لمجمل الأحداث الحية للحراك الشعبي ، وكذلك قيام السلطات بقطع الشبكة العنكبوتية والأينترنت ووسائل الأتصال الجماهيري.
3 – توجيه قوي من قيل اِعلام السلطة بكافة آلياته نحو سياسة عدم الأكتراث واللامبالاة واِخفاء الحقائق عن الجمهور، بحيث يركز في اِعلامِه على بث برامجه المتنوعة البعيدة عن الواقع الفعلي الذي يعيشـــه المواطن ومن ثم الاِيحاء الى المشاهد بأن وضع البلد سرمدي و بخير .
4 – أستخدام نظرية المؤامرة للتغطية على سلبياتهم وبث الرأي المضاد ضد المتظاهر الســلـمي، حيث يتم توجيه عدد من التهم الجائرة بحق المتظاهرين كالعمالة،المندسيين، أولاد السفارات، بقايا نظام البعث والتمويه بأن هناك طرف ثالث يحرك الجماهير الغاصبة ضدهم و ذلك لخدمة أجندات داخلية وخارجية تحاول النيل من التجربة العراقية الجديدة في بغداد والأقليم، ومن هنا تحاول توجيه الرأي العام بعيداً عن الأسباب التي دعت هذه الجموع العفوية بالتظاهر من أجل الحصول على أبسط حقوقها اِلا وهي العيش بسلام وكرامة في بلدها المسلوب الأرادة.